يمنية وليبيريتان يحصدن جائزة «نوبل للسلام»
فوزهن «إقرار بدور المرأة في السلام»، «انتصار للديموقراطية في أفريقيا والعالم العربي»، «رسالة أمل للشعوب المقهورة»، «تشجيع للنساء العربيات»... قد تصبح جميع عبارات الإشادة التي أطلقها السياسيون والدبلوماسيون والإعلام حول العالم باهتة إزاء حقيقة واحدة تعرفها كل نساء المجتمعات المقهورة: للمرأة في هذه المجتمعات دورها الذي ستقتنصه عاجلاً أم آجلاً.. للمرة الأولى تحتكر النساء هذه الجائزة.. وتلك هي البداية.
توكّل كرمان: إنها المرأة الجريئة التي كسرت حاجز الخوف
لم تكن حقيقة أن الصحافية اليمنية توكل كرمان هي أول امرأة عربية تفوز بجائزة نوبل للسلام هي ما أسبغ على الحدث تلك الأهمية التي أحاطت به فحسب، بل عوامل عدة قد يكون أبرزها نشاط توكل السياسي في تحفيز الثورة اليمينة الحالية..الأمر الذي ذهب بكثير من المحللين العرب إلى اعتبار الجائزة بمثابة رسالة تحذير مباشرة إلى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح، وفي أحسن الأحوال اعتبرها البعض تكريماً عالمياً للربيع العربي.
منذ آذار الماضي، نصبت الصحافية الشابة، التي تبلغ الثانية والثلاثين من العمر، خيمة في ساحة التغيير في صنعاء، وجعلت منها محل إقامة لها ولزوجها هرباً من ضغوط رجال النظام الذين داهموا منزلها أكثر من مرة وبعثوا لها بالعديد من رسائل التهديد واختطفوا أخاها، على اعتبار أن الساحة محميّة من الرجال المنشقين عن الجيش اليمني.
دور توكل، التي تدافع منذ سنوات عن حرية التعبير وعن حقوق النساء بدور أساسي، في اندلاع حركة الاحتجاج الشعبي الأخيرة ليس خافياً على أحد، فقد دعت الصحافية الشابة عبر الرسائل النصية الهاتفية الطلاب إلى التظاهر تضامنا مع انتفاضتي تونس ومصر، وتصدرت مسيرات التضامن التي قمعتها قوات النظام بعنف. ما يُحتسب لتوكل، التي اعتُقلت لفترة قصيرة في أواخر كانون الثاني وأجبرت السلطات اليمنية على الإفراج عنها بعد الضجة التي أثيرت حول اختفائها، هو أنها عززت مشاركة المرأة في الحياة السياسية في بلد عربي محافظ كاليمن. يُذكر أن توكل في البداية كانت ترتدي النقاب، شأنها شأن معظم نساء بلدها، لكنها خلعته بعد ذلك واكتفت بارتداء الحجاب.
الصحافية الشابة أم لثلاثة أبناء، وهي عضو في مجلس شورى حزب الإصلاح الإسلامي المعارض، وتُعرف بتصديها للتيار السلفي داخل هذا الحزب. وقد لمع نجمها من خلال مقالات سياسية جريئة كانت تنشرها في صحيفة ناطقة بلسان الحزب الاشتراكي، ما اعتُبر مفارقة لكاتبة إسلامية في صحيفة يسارية، ثم تحولت إلى ناشطة حقوقية عبر تأسيسها لمنظمة صحافيات بلا قيود.
هي ابنة الوزير اليمني السابق عبد السلام خالد كرمان. وعبد السلام بدوره عضو حالي في مجلس الشورى اليمني، وهو إلى ذلك سياسي وقانوني وقيادي في الإخوان المسلمين في اليمن.
ولدت توكل في قرية مخلاف في محافظة تعز، تخرجت من جامعة العلوم والتكنولوجيا في صنعاء بكالوريوس تجارة عام 1999، وبعدها حصلت على الماجستير في العلوم السياسية ونالت دبلوم عام تربية من جامعة صنعاء، ودبلوم صحافة استقصائية من الولايات المتحدة الأميركية. شاركت توكل في دورات خارجية أهمها دورة في التحقيق الصحافي في وزارة الخارجية الأميركية، وتحمل عدداً من العضويات في مؤسسات مدنية محلية وعالمية، أبرزها عضو نقابة الصحافيين اليمنيين وعضو اتحاد الصحافيين العرب وعضو اتحاد الصحافيين العالميين وعضو المنظمة الدولية للصحافة وعضو منظمة العفو الدولية. وقد تم اختيارها من قبل منظمة «مراسلون بلا حدود» الدولية كواحدة من سبع نساء كبار أحدثن تغييراً في العالم.
وفيما يتهمها خصومها من الحزب الحاكم بتلقي أموال من السفارة الأميركية في صنعاء ومن منظمات دولية تحت غطاء منظمتها غير الحكومية، يشبهها أنصارها بملكة سبأ بلقيس التي سجلت تاريخاً ناصعاً للمرأة اليمنية في الحكم وامتثال الرجال لأوامرها. أما التوصيف الأبسط فيخرج على لسان العديد من النساء من بنات بلدها الذين يقلن بنبرة بسيطة لا تخلو من الإعجاب «إنها المرأة الجريئة التي كسرت حاجز الخوف».
ألين جونسون سيرليف: «المرأة الحديدية»
لم تحصل رئيسة ليبيريا الحالية على هذا اللقب عبثاً.. كيف لا وهي أول امرأة تصل لمنصب الرئاسة في القارة السوداء، وقد ساهمت في وضع نهاية للصراع المسلح في ليبيريا وفي سقوط الرئيس السابق تشارلز تايلور، الذي يحاكم دولياً لاتهامه بارتكاب جرائم ضد الإنسانية.
يعود إطلاق اللقب عليها إلى قائد الميليشيا تشارلز تيلور الذي وصف جونسون سيرليف بالمرأة الحديدية التي نافسته في انتخابات الرئاسة عام 1997 إبان الحرب الأهلية الوحشية في ليبيريا، والتي «منيت بهزيمة منكرة لم تثن عزيمتها أبداً».
فازت بانتخابات الرئاسة في جولة الإعادة أمام لاعب كرة القدم الشهير جورج الذي زعم تزوير الانتخابات، على الرغم من إعلان مراقبين أن الانتخابات كانت نزيهة. أدت اليمين الدستورية كأول رئيسة منتخبة في أفريقيا في كانون الثاني 2006 .
تعهدت جونسون سيرليف بتشكيل «حكومة شاملة» تداوي جراح الحرب وتجولت في الشوارع لكسب تأييد الشبان الفقراء في ليبيريا.
صحيح أنها في عام 2010 حنثت بوعدها الذي قطعته في حملتها الانتخابية بألا تتولى الرئاسة الا لفترة واحدة حين أعلنت أنها ستخوض انتخابات الرئاسة لعام 2011 التي ستجري الثلاثاء المقبل، إلا أنها لاقت إشادة دولية واسعة النطاق لعملها من اجل إعادة إعمار ليبيريا.
درست الرئيسة الليبيرية، التي ولدت عام 1938 في مونروفيا، الاقتصاد في جامعة هارفارد الأميركية. وتولت عام 1970 منصب وزيرة المالية في حكومة الرئيس وليام تولبرت الذي تمت إطاحته واغتياله فيما بعد عقب الانقلاب، الذي وقع في 12 نيسان من عام 1980 بواسطة الرقيب صموئيل دوي الذي أجبرها على مغادرة البلاد.
خلال فترة منفاها، بين عامي 1982 و1985، اعتلت منصب نائبة رئيس المكتب الإقليمي لمجموعة سيتي بنك في قارة أفريقيا الذي يقع مقره في نيروبي، ثم عادت إلى بلادها عقب نهاية الحرب الأهلية في ليبيريا عام 1997.
ليما غبووي: أضربت عن الجنس .. فانتصرت للسلام
تداولت وسائل الإعلام اسم ليما غبووي كثيراً بعد أن اشتهرت بأنها المرأة التي حرضت النساء على الإضراب عن الجنس، للضغط على أزواجهن لحين انتهاء العنف. وقد كانت هذه الوسيلة الأنجع من بين الوسائل الأخرى التي أرستها ليما بين أولئك الليبيريات للضغط حتى إنهاء الصراع عام 2003، وهو الصراع الذي أودى بحياة ربع مليون نسمة.
ويعزى الفضل لغبووي في قيادة النساء لتحدي أمراء الحرب ودفع الرجال نحو السلام في ليبيريا خلال إحدى أشد حروب افريقيا ضراوة. ويعتقد كثيرون انه لولا تلك المجموعة من النساء اللواتي دأبن على التجمع في مونروفيا للصلاة وللاحتجاج بالقمصان البيضاء، لما انتهى الصراع.
ولم يقتصر دور ليما غبووي على تلك المرحلة، فهي منذ عام 2006 تشغل منصب المديرة التنفيذية لشبكة نساء من أجل السلام والأمن في أفريقيا، وهي منظمة تعمل مع النساء في ليبيريا وساحل العاج ونيجيريا وسيراليون لتعزيز السلام ومحو الأمية وسياسات الانتخابات.
وكانت ليما غبووي، بعد توقيع اتفاق السلام عام 2003، ساهمت عبر شبكتها في حشد النساء للتصويت، وقد لعبت بذلك دورا مهما في فوز الرئيسة الليبيرية الحالية.
«لم يكن الكفاح سهلا.. حينما بدأت الحرب في ليبيريا كنت في السابعة عشرة.. تحطمت آمالي، غير أنني لم أستسلم»..هكذا، بعنفوان متواضع، تختصر ليما غبووي مسيرتها النضالية.
15 امرأة فزن بالجائزة منذ نشأتها
مع فوز اليمنية توكل كرمان والليبيريتين الين جونسون سيرليف وليما غبووي، بات عدد السيدات الفائزات بجائزة «نوبل للسلام» 15 امرأة، علماً أن كرمان هي العربية الأولى.
فيما يلي قائمة بالفائزات منذ أنشئت الجائزة في العام 1901:
2004: الناشطة الكينية في مجال الدفاع عن البيئة وانغاري ماثاي.
2003: المحامية الإيرانية المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان شيرين عبادي.
1997: منسقة الحملة الدولية لحظر الألغام الأرضية الأميركية جودي وليامز.
1992: زعيمة الدفاع عن حقوق الإنسان في غواتيمالا ريغوبرتا مينشو.
1991: زعيمة المعارضة في ميانمار اونج سان سو كي، وهي قيد الإقامة الجبرية.
1982: وزيرة نزع السلاح السويدية ألفا ميردال.
1979: الأم تريزا في الهند.
1976: بيتي وليامز ومايريد كوريغان، زعيمتا «تجمع مناصري السلام» وهي حركة لإنهاء العنف الطائفي في إيرلندا الشمالية.
1946: الناشطة الأميركية المناهضة للعنف اميلي غرين بالخ.
1931: جين ادامز، الأميركية التي نظمت العمل الاجتماعي بين الفقراء في شيكاغو، وكانت كذلك الرئيسة الدولية للاتحاد النسائي الدولي للسلام والحرية.
1905: البارونة النمساوية بيرثا صوفي فيليسيتا فون سوتنر، التي ألّفت كتابا مناهضا للحرب بعنوان «ضعوا أسلحتكم» وهي كذلك كانت الرئيسة الشرفية للمكتب الدائم للسلام الدولي.
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد