حرد إماراتي من التطنيش المصري: عبد الله الثاني يتوسّط
لم تكن زيارة ولي عهد أبوظبي، محمد بن زايد، للأردن يوم أمس زيارة عادية، في ضوء تعمّق هوّة الخلاف بين القاهرة وأبوظبي حول الملفّ الفلسطيني، حتى بعد زيارة ابن زايد الأخيرة للقاهرة قبل أسابيع. الخلافات التي كان تمّ احتواؤها، عادت من جديد، ليس بسبب مواقف مصر التي ترى فيها الإمارات تشدُّداً غير مبرّر، ومحاولة للعب أدوار تتجاوز بقية الدول العربية الراغبة في «المساهمة» في هذا الملف، فقط، ولكن أيضاً بسبب آليات العمل ووسائله، ولا سيما مع تجاهل مصر إشراك الإمارات ومسؤوليها في اجتماعات واتصالات عدّة، والتقارب المصري - القطري على حساب أبو ظبي، التي تقف وحيدة في مواجهة الدوحة الآن.
يحاول ابن زايد أن يحفظ مكانته الإقليمية، ويظهر كقائد قادر على تولّي السلطة فعلياً قريباً، لكن ما يواجهه من تجاهل مصري وتنسيق غير مسبوق بين القاهرة والدوحة، بل وإبداء الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، حماساً لزيارة قطر تلبية لدعوة أميرها، عكس تحرّكات تتابعها السعودية عن كثب، من دون فتح أيّ أحاديث مباشرة في الوقت الحالي. الخلاف المصري - الإماراتي متمحور حول نقاط رئيسة، أبرزها آلية التعامل مع «حماس»، وحرد أبو ظبي من تجاهل دورها وتطنيش مطالبتها بالدفع نحو الوقف غير المشروط لإطلاق الصواريخ، مراعاة لاتفاق التطبيع الإماراتي - الإسرائيلي، الذي يُتوقّع، على رغم كلّ ما حدث، أن يتعزّز خلال الفترة المقبلة عبر عدّة فاعليات مشتركة.
ترى الإمارات أنها خسرت رهانها على الملفّ الفلسطيني الذي يُمكّنها من الوصول إلى صنّاع القرار الأميركيين، وأن الدور الذي كان يمكن أن تلعبه اختطفته مصر، في وقت تحاول فيه القاهرة إظهار نفسها كوسيط «نزيه» لا يرغب في تغليب طرف على آخر، ويحتفظ بمسافات من جميع الأطراف، بِمَن فيهم الإسرائيليون أنفسهم الذين أبدوا في بعض الأحيان امتعاضاً من بعض التصرّفات المصرية. في التحرّكات الأميركية، كثير من التفاصيل التي أغضبت الإمارات، خاصة بعد قرار فتح القنصلية الأميركية في القدس مجدّداً، وهو القرار الذي جرى إبلاغه للقاهرة أولاً من دون أبو ظبي، فيما يَعتبر ابن زايد أن تغيُّر موقف السيسي وتصرّفاته المنفردة ستؤثّر على العلاقات الثنائية بين البلدين خلال الفترة المقبلة، وهو ما دفع الإمارات للجوء إلى الأردن.
يسعى ملك الأردن، عبدالله الثاني، إلى التوسّط بين أبو ظبي والقاهرة خلال الأيام المقبلة، وسط ترتيبات للقاء مشترك بينه وبين السيسي لمناقشة مسألة العلاقة مع الإماراتيين، وضمن ترتيبات أوسع مرتبطة بالملفّ الفلسطيني، حيث يُتوقّع أن تشهد القاهرة لقاءات مكثّفة سرّية ومعلَنة، من بينها مع مسؤولين إسرائيليين. فإن الاتصالات الجارية مع الدوحة بشأن الملفّ الفلسطيني تطرّقت أيضاً إلى المصالح المصرية في إثيوبيا، وتحديداً مسألة سدّ النهضة، لكن مصر لا تزال تُفضّل الصمت في شأن هذه النقطة التي تثار حتى في اللقاءات الجارية حول غزة وإعادة الإعمار وملفّ المصالحة.
جهاز المخابرات العامّة يعدّ تقارير يومية عن الوضع في غزة، وتقديرات موقف في شأن التعامل مع الإسرائيليين أو الفلسطينيين على حدّ سواء، في وقت يُتوقّع فيه أن تكون هناك تغييرات جذرية في آلية التعامل مع السلطة في رام الله، ولا سيما بعدما أبدى الرئيس الفلسطيني، محمود عباس، تصلّباً كبيراً إزاء الموقف المصري خلال الأيام الماضية. في المقابل، بات القيادي المفصول من حركة «فتح»، محمد دحلان، بعيداً عن المشهد بشكل كامل، خاصة في ضوء تراجع الإمارات ونشاطها، وسط محاولات من مقرَّبيه للتواصل مع مصر بشكل أكبر، وهو ما ترحّب به القاهرة وفق شروطها التي «لا تمنح أفضلية لأحد على حساب الآخر، حتى لو كان مدعوماً مالياً»، كما تقول المصادر نفسها.
الأخبار
إضافة تعليق جديد