200 قتيل وجريح في العراق و«أمير الدولة الإسلامية»يعفو عن التائبين
مزقت سلسلة من الانفجارات الهدوء النسبي الذي كانت تنعم به بعقوبة والرمادي والموصل، بالإضافة إلى بغداد، أمس، وأدت إلى مقتل وإصابة حوالى 200 عراقي، بعد ساعات من إعلان «أمير دولة العراق الإسلامية» أبو عمر البغدادي اتفاقا مع العشائر السنية، يعفو بموجبه عن عناصر «الصحوة» التائبين، ويعودون إلى صفوف «المجاهدين» لقتال قوات الاحتلال الأميركي ومن يساندها.
وتذكر سلسلة الانفجارات، التي أشار الاحتلال الأميركي إلى أنها تشبه الهجمات التي تشنها القاعدة، باستمرار حالة عدم الاستقرار في المناطق السنية في العراق، في الوقت الذي كانت القوات الأميركية والعراقية تركز ضغطها على ميليشيا «جيش المهدي» في الجنوب والعاصمة. وكان قائد قوات الاحتلال الأميركي في العراق الجنرال ديفيد بتراوس والسفير الأميركي في بغداد ريان كروكر أشارا، خلال مداخلاتهما، أمام الكونغرس، عرضا إلى خطر القاعدة، في مقابل تركيزهما على «الجماعات الخاصة» التي تسلحها وتمولها إيران.
إلى ذلك، بحث الملك السعودي عبد الله مع بتراوس وكروكر، في الرياض، الأوضاع الراهنة في العراق. كما بحثا مع وزير الداخلية السعودي الأمير نايف بن عبد العزيز عددا من المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية. وتأتي زيارة كروكر وبتراوس إلى الرياض في إطار جولة على عدد من دول المنطقة، والتي كان الرئيس جورج بوش أمر بها، من اجل تقوية وتوسيع دعمها للحكومة العراقية امنيا واقتصاديا وتشجيعها على إعادة فتح سفاراتها في بغداد.
وفي احد أكثر الهجمات دموية خلال أشهر، قتل 40 عراقيا، وأصيب أكثر من ,90 في انفجار سيارة مفخخة قرب مطعم شعبي يقع قبالة مبنى محكمة ومركز حكومي في بعقوبة عاصمة محافظة ديالى المختلطة. وأشار مصدر طبي إلى «صعوبة التعرف على الضحايا بسبب احتراقهم بشكل تام».
واعتبر الاحتلال الأميركي، في بيان، أن «الهدف من هذه الأفعال إثارة الفزع بين السكان، وهو مثال آخر على قسوة التمرد المناهض للعراق... إلا أنها لا تعتبر دليلا على الوضع الأمني في بعقوبة». وكانت القوات الأميركية أعلنت أن حجم العنف في المدينة تراجع بشكل إجمالي بنسبة 80 في المئة منذ حزيران الماضي، حين شنت القوات الأميركية هجوما كبيرا على المقاتلين هناك.
وقتل 13 شخصا، وأصيب ,20 بتفجير انتحاري حزاما ناسفا داخل مطعم شعبي في الرمادي غربي بغداد. وفي الموصل، أعلنت الشرطة إصابة 12 شخصا بانفجار سيارتين بشكل متزامن استهدفتا دوريتين للشرطة والقوات الأميركية. وقتل 4 عراقيين، وأصيب ,15 في انفجار سيارة وعبوة في الكرادة في العاصمة.
وهاجم مسلحون ممثلين للمرجع الشيعي الأعلى آية الله العظمى علي السيستاني. ونجا الشيخ حبيب الخطيب من محاولة اغتيال في الكوت أسفرت عن إصابة احد أفراد حمايته. وأصيب الشيخ علي الفضيلي بجروح خطيرة، وقتل سائقه، في هجوم في البصرة.
إلى ذلك، تواصلت الاشتباكات بين عناصر «جيش المهدي» وقوات الاحتلال الأميركي في مدينة الصدر. وأعلنت الشرطة العراقية مقتل أربعة «مسلحين» وإصابة .15 وأعلن الجيش الأميركي انه قتل عشرة «مقاتلين» في اشتباكات وغارة جوية وقصف من الدبابات. وذكرت الشرطة العراقية إن 6 أشخاص قتلوا، وأصيب ,26 في معارك ليل أمس الأول.
وهاجم البغدادي، في تسجيل صوتي بعنوان «البنيان المرصوص» بث على موقع إسلامي على شبكة الانترنت، «الصحوات». وقال «لم نقتل قط إلا عميلا للاميركان من الشرطة والجيش والصحوات الذين هم أصل المشكلة»، معتبرا أن من انتسب من السنة إلى القوات الأمنية «لا يزيد عن 5 في المئة فقط لا أكثر»، مؤكدا أن «معظم أبناء العشائر مع المجاهدين، أو مؤيدون لهم».
وأعلن البغدادي اتفاقا مع العشائر السنية، يتضمن «تشكيل لجنة من علماء الدين للفصل في كل خلاف يكون في المنطقة السنية، سواء بين العشائر أو بين المجاهدين وغيرهم»، وتعهد «علماء الدين وشيوخ العشائر الشرفاء حث أبناء العشائر السنية ودعوتهم إلى ترك الجيش والشرطة في دولة الرافضة (الشيعة) وكذلك الصحوات، على أن يوجه سلاح أهل السنة جميعا إلى المحتلين الصليبيين ومن ساندهم».
وأشار البغدادي إلى انه بالمقابل «تتعهد الدولة الإسلامية بإعلان عفو عن كل من ترك قتال المجاهدين، كما تتعهد كل عشيرة بضبط تصرفات أبنائها... وتتعهد الدولة الإسلامية، وغيرها من الجماعات الجهادية، بتسليم أي شخص ارتكب دما حراما إلى اللجنة» السابقة الذكر. وأكد أن الاتفاق سيظل «حبرا على ورق ما لم ينهض علماء الدين وشيوخ العشائر إلى تفعيله ووضعه حيز التنفيذ، على الأقل ضمن أي منطقة يتيسر فيها الأخذ بهذا الاتفاق».
إلى ذلك، أعلن رئيس الحكومة البريطانية غوردون براون، في مقابلة مع شبكة «سي بي اس»، انه لن يسحب المئات من عناصر القوات البريطانية من البصرة، إلا بعد أن تستطيع القوات العراقية الانتصار على الميليشيات. وكانت لندن أعلنت أنها ستخفض عدد قواتها من 4000 إلى 2500 جندي، إلا أنها جمدت هذا الاجراء بعد المعارك الضارية مع جيش المهدي في البصرة.
ذكرت منظمة «ريفيوجيز انترناشيونال»، وهي منظمة دولية تعنى بشؤون اللاجئين وتتخذ من واشنطن مقرا لها، في تقرير صدر في بغداد، إن ميليشيا «جيش المهدي»، التي يتزعمها السيد مقتدى الصدر، هي الآن المنظمة الإنسانية الوحيدة في العراق التي تساعد المحتاجين، وهو ما قد يقلق واشنطن التي تنظر إلى خفض نفوذ الميليشيات على انه احد التحديات الرئيسية أمام الحكومة العراقية.
وأوضح التقرير «من خلال مشروع مماثل لحزب الله أسس التيار الصدري نفسه على انه الجهة الرئيسية التي تقدم الخدمات في البلاد. هذا البرنامج المستمر يقدم المأوى والغذاء والسلع غير الغذائية إلى مئات آلاف الشيعة في العراق»، و«بالمثل فان الجماعات الشيعية والسنية الأخرى تكسب أرضية من خلال إيصال أغذية وزيت وكهرباء وملابس ونقود إلى المدنيين الذين يعيشون في مناطق نفوذهم».
من جهة أخرى، أعلن مسؤولون في واشنطن أن مجمع السفارة الأميركية في العراق أصبح جاهزا لشغله. وأشاروا إلى انه تقرر أن يتم الانتقال إلى المجمع، الذي يضم مساكن ومكاتب بكلفة 700 مليون دولار، في أواخر أيار المقبل.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد