لعبة الأمم الغربية على الأرض الليبية
الجمل: دخلت قوات المعارضة الليبية العاصمة طرابلس قبل حوالي أربعة أيام، وبرغم ذلك فقد تزايدت حدة المواجهات المسلحة بشكل غير مسبوق، الأمر الذي تحول إلى نقطة إنذار مبكر تفيد لجهة أن الليبية سو تشهد جولة دامية جديدة: فما هي حقيقة الوضع الليبي الراهن.. وما هي التحولات الجديدة في ملف الصراع الليبي وإلى أي مدى سوف تنجح لعبة المخابرات الخارجية في إدارة دفة فعاليات الصراع باتجاه تحقيق الأهداف الأمريكية ـ الأوروبية العربية؟
* مسرح الصراع الليبي: توازنات ما بعد اقتحام طرابلس
بدأت مواجهات المعارضة ـ نظام القذافي في منتصف شهر شباط فبراير الماضي، وعلى مدى الخمسة أشهر الأولى ظلت المعارضة تسيطر على شرق ليبيا، وظل نظام القذافي مسيطراً على الغرب الليبي، وظلت المناطق الوسطى سجالاً بين الطرفين، وما كان لافتاً للنظر ومثيراً للشكوك تمثل في الآتي:
• قيام قوات المعارضة الليبية المسلحة بعمليات تقدم سريعة أسفرت عن احتلال العديد من مناطق غرب ليبيا، وتحديداً الواقعة جنوب العاصمة طرابلس.
• قيام قوات المعارضة المسلحة الليبية بعملية اقتحام مسلح سريعة أسفرت عن دخولها إلى عمق العاصمة والسيطرة على منطقة باب العزيزية التي تمثل مركز النظام وقلعته الحصينة.
• انسحاب الزعيم معمر القذافي وقواته إلى بعض المناطق الواقعة خارج العاصمة طرابلس.
هذا ولاحقاً أشارت التسريبات إلى المعلومات الآتية:
• حصول قوات المعارضة الليبية على قدرات عسكرية إضافية، تضمنت استلام شحنات الأسلحة المتطورة التي قدمتها دولة قطر وبعض البلدان الخليجية الأخرى، إضافة إلى قيام الطائرات الفرنسية بنقل المزيد من العتاد العسكري المتطور لقوات المعارضة الليبية وعلى وجه الخصوص في مناطق الجبل الغربي.
• قيام بعض وحدات القوات الخاصة البريطانية والقوات الخاصة الفرنسية بالدخول إلى الأراضي الليبية والعمل إلى جانب قوات المعارضة الليبية، وبالذات في شن العمليات العسكرية المعقدة التي تتطلب قدرات عسكرية نوعية لا تتوافر لقوات المعارضة الليبية المسلحة.
• قيام وحدات القوات الخاصة الأمريكية بالدخول سراً وفي وقت متزامن مع هجوم قوات المعارضة الليبية على طرابلس، قامت القوات الخاصة الأمريكية بفرض سيطرتها الكاملة على مناطق مخزونات الأسلحة الكيماوية والبيولوجية الخاصة بنظام القذافي، وتقول التسريبات بأن هذه المخزونات قد نقلتها القوات الأمريكية إلى خارج ليبيا، وتحديداً إلى بعض القواعد العسكرية الأمريكية الموجودة في إيطاليا واليونان.
تقول المعلومات والتقارير بأن القتال بين قوات المعارضة الليبية والقوات الموالية للزعيم القذافي قد بدأ يأخذ طابعاً جديداً، ففي العاصمة الليبية، أصبحت هناك مناطق تحت سيطرة قوات المعارضة الليبية، وأخرى تحت سيطرة قوات القذافي، وبقية المناطق تشهد الآن قتالاً متزايداً من أجل حسم السيطرة عليها.
* مثلث اللايقين ـ الشكوك ـ انعدام المصداقية: إشكالية الأسئلة الحرجة.
برزت مساء الأمس وصباح اليوم المزيد من التحليلات السياسية الأمريكية والغربية الأوروبية التي سعت إلى إثارة التساؤلات التي تنطوي على قدر كبير من الشكوك، وملامح عدم الثقة والمصداقية إزاء طبيعة وجهات النظر الأمريكية والفرنسية والبريطانية الرسمية التي تضمنت التأكيد لجهة الآتي:
• القضاء على نظام الزعيم الليبي معمر القذافي: ويتمثل السؤال الحرج في أن القذافي قد انسحب بقواته من العاصمة الليبية طرابلس، وخلال عملية الانسحاب لم تقم طائرات التحالف الدولي بقصف ارتاله المنسحبة، بل أوقفت عمليات القصف، بما أتاح للزعيم الليبي معمر القذافي القيام بإعادة تجميع وتنظيم صفوف قواته، والقيام بشن هجماته العسكرية المضادة، فلماذا يا ترى لم تقم طائرات التحالف الدولي بقصف قوات القذافي لإخلال قيامها بالانسحاب ولإخلال قيامها بالتجمع وإعادة التمركز، ولإخلال شروعها في عمليات الهجوم المضاد؟
• التعاون المتردد مع قيادة المعارضة: ويتمثل الحرج في أن حجم الأرصدة الليبية المجمدة في أمريكا وأوروبا تبلغ 160 مليار دولار، والآن، وبشق الأنفس تلقت قيادة المعارضة الليبية وعداً بأن يتم السماح لها بسحب 2,5 مليار دولار، وذلك من أجل دفع المرتبات والأجور قبل حلول عيد الفطر.
• صادرات النفط الليبي: والسؤال الحرج يتمثل في أن معدل تدفق صادرات النفط الليبي هو في حدود 1,1 مليون برميل يومياً، وخلال الأسابيع الماضية انخفض إلى 100 ألف برميل يومياً، بسبب المواجهات العسكرية في موانئ التصدير الرئيسية، وعلى وجه الخصوص في البريقة ورأس لانوف، والآن، تحدثت المصادر الأمريكية الأوروبية الغربية بأن صادرات النفط الليبي سوف تعود إلى حجمها الطبيعي وهو 1,1 مليون برميل يومياً ولكن بعد عام كامل على الأقل، فلماذا فترة العام على الأقل طالما أن مخزونات النفط موجودة والمنشآت النفطية موجودة وتعمل بشكل سليم.
تشير كافة المعطيات الميدانية الجارية إلى أن المسرح الليبي يشهد الآن أربعة أنواع من عمليات السيطرة، الأولى هي سيطرة تقليدية بواسطة النخب القبلية على مناطقها، والثانية هي سيطرة بواسطة قوات القذافي على بعض مناطق تمركزها، والثالثة هي سيطرة معلنة مباشرة تقوم بها قوات المعارضة المسلحة الليبية على المدن والمناطق الواقعة تحت قبضتها، أما الرابعة فهي سيطرة غير معلنة تقوم بها أطراف مثلث واشنطن ـ باريس ـ لندن، وتشمل جميع أنحاء المسرح الليبي، بحيث تنقسم إلى: سيطرة إيجابية لجهة دعم قدرات المعارضة الليبية، ولكن ضمن إطار محدود، وسيطرة سلبية لجهة غض النظر مؤقتاً عن قوات القذافي بما يتيح لها تصعيد المواجهات مع قوات المعارضة الليبية، وذلك ضمن الحدود التي تتيح استمرار الصراع ضمن صيغة اللاغالب ولا مغلوب... إلى حين التمكن من الحلقات الأخرى القادمة في مشاهد سيناريو الصراع الليبي.
الجمل ـ قسم الدراسات والترجمة
التعليقات
луай
مامنتعلم ؟
إضافة تعليق جديد