القصة الكاملة للمجلس الوطني الانتقالي في سورية
في ظل تغطية إعلامية كبيرة تذكرنا بمسرحية رجب طيب اردوغان في مؤتمر دافوس في وجه شمعون بيريس أمام 400 كاميرا ووسيلة إعلام عالمية، وعلى العادة الاستعراضية للمسؤولين الأتراك، أُعلن من أنقرة عن تأسيس المجلس الوطني السوري.
ورغم الهالة التي أريدت لهذا الإعلان، شاهد السوريون والعرب هزالة ما جرى في عملية التشكيل والإخراج له عبر توكيل شخصية مغمورة، لم تكن يوما من الأيام معارضة للنظام في سورية، مهمة الإعلان عن هذا المجلس في عملية تفقيس لمعارضات هجينة تلبي حاجات الخارج حسب توصيف المعارض السوري البارز الدكتور هيثم المناع.
وإذا كانت عملية الإخراج الإعلامي دلت بحد ذاتها على التخريجة التركية - القطرية قسرا لهذا المجلس، فقد شكل غياب برهان غليون عن جلسة الإعلان وبقائه في الفندق أمرا آخرا يظهر حجم الضغوط التي مورست لإعلان هذه التخريجة، فضلا عن حجم الأموال التي دفعت وتدفع في سبيل تشكيل هيئة سورية معارضة تسيطر عليها قطر وتركيا في سعيهما لإسقاط النظام في دمشق.
وفي بعض التفاصيل التي حصلنا عليها من اجتماعات اسطنبول وقطر لتشكيل مجلس انتقالي على غرار المجلس الانتقالي في بنغازي، سرعان ما تم استبداله باسم المجلس الوطني السوري، قالت مصادر في المعارضة السورية في باريس أن تركيا وقطر دعتا مجموعة من المعارضين السوريين للاجتماع في اسطنبول منتصف شهر رمضان، وقد طلب منهم عدم مغادرة تركيا قبل الاتفاق على تشكيلة تؤسس لمجلس انتقالي على غرار ما حدث في ليبيا.
غير أن القوم المجتمعين لم يتوصلوا لأدنى حدود الاتفاق بعد انتهاء الأسبوع الأول من مكوثهم في اسطنبول، مما جعل رجل الأعمال السوري كمال سنقر يخبرهم بوقاحة، بحسب المصادر المعارضة، أنهم سوف يدفعون بدل إيجار غرفهم في الفنادق الفخمة في اسطنبول إذا لم يخرجوا بإعلان عن تشكيل مجلس انتقالي.
وتضيف المصادر السورية المعارضة أن المجتمعين كانوا يدورون في حلقة مفرغة ومن ثم بدأت التصريحات المعارضة من الداخل والخارج تعلن عن عدم تمثيل هؤلاء للمعارضة السورية، مما جعل المهمة أكثر صعوبة على كل من تركيا وقطر. وعندها اتخذ القيمون الدوليون على هذه المشروع قراراً بإعلان أمر واقع عن تشكيل مجلس انتقالي عبر قناة الجزيرة، فكان الإعلان عن تشكيل مجلس انتقالي برئاسة برهان غليون، الذي نفى في البداية علمه بالأمر على غرار الكثيرين من الذين وردت أسماؤهم، غير أن تدخلاً سياسياً وأمنياً فرنسياً وعروضاً قطرية سخية جعلت غليون يبدل رأيه بعد يومين من النفي.
المصادر السورية المعارضة كشفت لنا أيضاً أن القطريين أرادوا استكمال عملية الإخراج بعد الفيلم التركي المثير، فتم استدعاء بعض الشخصيات السورية المعارضة إلى الدوحة ومن بينها برهان غليون، حيث كان عرّاب الاجتماعات على مدار يومين هو عزمي بشارة المقيم في دولة قطر والذي يدير مركز الأبحاث ودراسة السياسات الممول من قبل أمير قطر مباشرة. وتروي المصادر السورية المعارضة كيف كان بشارة يدير جلسات الحوار والنقاش ويحدد للمتكلمين ما هو ممنوع وما هو مطلوب ذكره، كطلبه من البعض عدم التطرق لقضية الأكراد ومخاوف الأقليات في سورية. كما أنه في جلساته الخاصة وصف الأكراد بإسرائيل ثانية، غير أن ما لفت الحاضرين كلامه في حوارات خاصة أثناء فترات الاستراحة عن عدم ثقته ببرهان غليون، لكنه ينفذ أوامر في هذا الشأن عندما قال لبعض من جلس معه على طاولة الغداء: "أنا مش قابض هالزلمة ولكني عبد مأمور"، والغريب، تساءلت المصادر المعارضة، أن من حدّثهم بهذا الأمر لم يسألوه ما الذي أجبره على الوصول لمرتبة العبيد في إمارة ليس فيها حتى دستور.
وبحسب مصادرنا السورية المعارضة، فإن عملية الإعلان هذه أتت كمولود ميت أو طرح عمره ثلاثة أشهر رغم السعي القطري الحثيث لها والذي ترده المصادر إلى تخوف أمير قطر من ردة فعل الرئيس السوري في حال ارتاح الوضع في الشارع السوري وفك العزلة الدولية على سورية، وهذا ما تسير باتجاهه الأحداث خصوصا أن إيران وروسيا ما زالتا متمسكتين بالنظام في سورية حيث تسعى الولايات المتحدة للحصول على موافقة طهران على بقاء محدود لجنودها في العراق بينما اقترب التفويض الدولي لحلف الناتو في ليبيا عبر القرار الدولي رقم 1973 من نهاية صلاحيته أواخر شهر أيلول/سبتمبر الحالي، وهذا ما يجعل فرنسا بالتحديد بحاجة لتأييد روسيا والصين ومجموعة الدول الناشئة لتمديد فترة القرار المذكور ستة أشهر أخرى خصوصا على صعيد الحظر الجوي على ليبيا الذي تحتاجه المعارضة الليبية لتثبيت حكمها عبر الانتهاء كليا من كتائب القذافي التي يمكن أن تعود في أي وقت للقتال في حال رفض مجلس الأمن تمديد فترة عمليات حلف الأطلسي الجوية في السماء الليبية..
نضال حمادة
المصدر: المنار
التعليقات
المشكلة الحقيقية
الى جدار
إضافة تعليق جديد