طابا: 22 قتيلاً وجريحاً في استهداف حافلة سياحية
يبدو أن الجماعات التكفيرية في سيناء قد شرعت في نقل عملياتها الإرهابية إلى مستوى أكثر تقدّماً، فبعد سلسلة هجمات استهدفت القوات المسلحة وقوات الأمن المركزي منذ عزل الرئيس محمد مرسي في الثالث من تموز العام 2013، وفي عملية هي الأولى من نوعها منذ العام 2009، استهدف تفجير، يعتقد أنه انتحاري، حافلة مدنية تقل سيّاحاً في منطقة طابا، قرب الحدود مع فلسطين المحتلة، ما أسفر عن مقتل 4 اشخاص، هم سائق الحافلة وثلاثة سياح كوريين، وإصابة 18 شخصاً آخرين.
وبصرف النظر عن خطورة الحادث، ومدى تأثيره على قطاع السياحة في مصر، الذي عانى في السابق من ظاهرة استهداف الجماعات الإرهابية للسياح - في وادي النيل خلال حقبة التسعينيات وشرم الشيخ وطابا ونويبع في اواسط العقد المنصرم ـ فإن اللافت في هذا الحادث أن الجماعات التكفيرية تميل إلى توسيع نطاق عملياتها لتشمل جنوب سيناء، وتحديداً المناطق السياحية المحصّنة نسبياً، بعدما ركّزت نشاطها خلال المرحلة الماضية على الشطر الشمالي من شبه الجزيرة المصرية.
وأعلنت وزارة الداخلية المصرية في بيان أن "تفجيراً وقع حوالي الساعة الثانية بعد الظهر (بالتوقيت المحلي) أثناء توقف إحدى الحافلات السياحية في موقف انتظار الحافلات في منفذ طابا البري في جنوب سيناء انتظارا للمرور الى الجانب الآخر"، أي إلى الاراضي الفلسطينية المحتلة.
وأضاف البيان أن "الحافلة كانت تقل عدداً من السياح يحملون الجنسية الكورية وحدث الانفجار بالجزء الأمامي منها". وأشار البيان ان "الحافلة توقفت عدة مرات على الطريق أثناء رحلتها من القاهرة مروراً بمنطقة سانت كاترين".
وبحسب وزارة الخارجية الكورية الجنوبية فإن الحافلة كانت تنقل 31 سائحاً من رعايا كنيسة مسيحية في إقليم جينشيون، بالإضافة إلى مرشدهم والسائق. وأوفدت وزارة الخارجية الكورية الجنوبية مسؤولين في سفارتها للإطلاع على التحقيقات الأولية والاطمئنان على المصابين واستصدار تراخيص لنقل القتلى الى سيول.
وذكر مصدر أمني لـ"السفير" ان التفجير، الذي دمر واجهة الحافلة وأجزاءً من سقفها، أدى الى مقتل أربعة أشخاص، هم سائق الحافلة وثلاثة سياح كوريين، وإصابة 18 شخصاً بجروح متفاوتة، تم نقلهم إلى المستشفيات المحلية في شرم الشيخ (8) ونويبع (5) وطابا (1).
وعلمت "السفير" أن العملية نفذت اثناء توقف الأوتوبيس في احد المواقف، وبعد نزول بعض السياح لشراء هدايا من محل لبيع التذكارات والبرديات، وهذا ما قلل نسبة الوفيات.
واتخذت القوات الأمنية إجراءات مشددة في طابا، حيث تم نشر العديد من الكمائن في المدنية، وخصوصاً على مداخلها ومخارجها، في محاولة لضبط الجناة.
وتعكف أجهزة الأمن على جمع معلومات عن الواقعة، لتحديد كيف تم تنفيذ عملية التفجير، خصوصاً أن الحافلة مرّت على العديد من نقاط التفتيش خلال رحلتها من جبل سانت كاترين إلى المنطقة الحدودية في طابا.
ولم يعرف بعد ما إذا كان التفجير ناجم عن عبوة وضعت في الحافلة، أو زرعت في مكان العملية، أو عملية انتحارية، علماً أن معلومات غير مؤكدة تحدثت عن وجود أشلاء في مكان التفجير، وهي معلومات في حال تأكدت ستعزز فرضيات الهجوم الانتحاري.
يذكر أن الحادث وقع بالقرب من فندق "هيلتون – طابا". وبحسب ما علمت "السفير"، فإن أجهزة الأمن بدأت مراجعة كاميرات المراقبة في هذا الفندق، علّها تحوي معطيات بشأن طريقة تنفيذ العملية.
كذلك، عملت "السفير" أن أجهزة التحقيق تنتظر استقرار الحالة الصحية لمجند وأمين شرطة أصيبا في التفجير، وذلك لاستجوابهما، باعتبار أنهما كانا مسؤولين عن تأمين الحافلة.
ورفعت إسرائيل أمس حالة التأهب القصوى على طول الحدود بين مصر وفلسطين المحتلة، ومنعت السياح الإسرائيليين من دخول سيناء عبر منفذ طابا البري. وذكر موقع "واللا" الإخباري الإسرائيلي أنه عقب اشتعال النيران فى الحافلة السياحية فإن الجانب الإسرائيلي قرر تجميد الوضع على الحدود، فيما رفعت "طواقم نجمة داوود الحمراء" درجة التأهب.
وخلافاً لما تردد، فإن الجانب الإسرائيلي لم يشارك في نقل أي من المصابين، وقال مصدر في وزارة الصحة المصرية لـ"السفير" إن "الإسرائيليين عرضوا خدماتهم في هذا الإطار، لكننا لم نفكر أصلاً في مسألة الرد عليهم إيجاباً أو سلباً".
وفيما لم تتبنّ اي جهة حتى ساعة متأخرة من ليل امس مسؤوليتها عن التفجير، رجّح الخبير في شؤون الحركات الإسلامية كمال حبيب في اتصال مع "السفير"، أن تكون جماعة "أنصار بيت المقدس" من يقف وراء الهجوم.
وأوضح حبيب أن هذه الجماعة ضمت منذ ثلاثة اعوام عناصر من تنظيم التوحيد والجهاد"، مشيراً إلى ان هذا التنظيم كان المسؤول عن تفجيرات شرم الشيخ وطابا بين العامين 2004 و2006.
وأشار حبيب إلى أن هذا الهجوم كان متوقعاً بين لحظة وأخرى، موضحاً أن "هدف الجهاديين حالياً لم يعد يقتصر على مواجهة الجيش والشرطه بغرض الثأر لضحايا رابعة العدوية، فقد رأينا في السابق كيف أنهم حاولوا اللجوء إلى تكتيك ضرب سفن قناة السويس لبيان ضعف الدولة امام العالم الخارجي، ولما فشلوا لجأوا إلى ضرب السياحة، والهدف من ذلك أيضاً الاستمرار في خطة استنزاف الاقتصاد المصري". ويتوقع حبيب استمرار هذه العمليات وربما استهداف السفارات الاجنبية كما حصل في ليبيا مؤخراً.
يذكر ان آخر اعتداء ضد السياح في مصر كان في شباط العام 2009 عندما قتلت سائحة فرنسية وأصيبت 22 أخريات في تفجير عبوة ناسفة في ساحة مقابلة لمسجد الحسين في حي خان الخليلي السياحي في القاهرة. ووقعت ثلاثة اعتداءات ضد السياح في سيناء بين عامي 2004 و2006. وكانت مصر شهدت موجة عنف اسلامي في تسعينيات القرن الماضي جرى خلالها استهداف السياح. وكان اعنف هذه الاعتداءات الهجوم الذي استهدف مجموعة من السياح امام متحف حتشبسوت في الاقصر في العام 1997، الذي اسفر عن مقتل نحو 60 سائحاً من جنسيات مختلفة.
من جهة أخرى، ووسط إجراءات أمنية مشددة، قررت أمس محكمة جنايات شمال القاهرة تأجيل محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي وعدد من قيادات جماعة "الإخوان المسلمين" الارهابية في قضية التخابر إلى الثالث والعشرين من الشهر الحالي.
وأسندت النيابة العامة إلى المتهمين تهم التخابر مع منظمات ودول أجنبية، بغية ارتكاب أعمال إرهابية داخل البلاد، وإفشاء أسرار الدفاع عن البلاد لدولة أجنبية ومن يعملون لمصلحتها، وتمويل الإرهاب، والتدريب العسكري لتحقيق أغراض التنظيم الدولي لـ"الإخوان"، وارتكاب أفعال تؤدي إلى المساس باستقلال البلاد ووحدتها وسلامة أراضيها.
وشهدت جلسة الأمس انسحاب هيئة الدفاع بعدما رفضت المحكمة الاستجابة لطلبها بإزالة القفص الزجاجي الذي وضع فيه مرسي وباقي المتهمين. وهدد الدكتور محمد سليم العوا، محامي الرئيس المعزول، بتنحي هيئه الدفاع في حال لم تتم إزالة القفص الزجاجي، مشيراً الى أن هذا مخالف للقانون.
وبحسب شهود عيان شاركوا في الجلسة، فإن مرسي صرخ من قفصه الزجاجي عند انطلاق المحاكمة قائلا: "أريد أن أعرف إن كنتم تسمعونني أم لا... نحن في مهزلة... كل هذا لأنكم خائفون مني... انتم خائفون من ظهوري وتخافون من أن يتكلم الرئيس". ثم تابع صراخه متوجهاً الى المحامين أعضاء هيئة الدفاع: "اذا استمرت هذه المهزلة لا تأتوا مجدداً" إلى المحكمة.
وقال المحامي محمد الدماطي، وكيل نقابة المحامين وأحد أعضاء هيئة الدفاع، إن "المتهمين معزولون (بسبب القفص الزجاجي) في كوكب آخر، وكأننا نحن في كوكب الارض وهم في كوكب المريخ"، في إشارة إلى أن هذا القفص عازل للصوت، لا يستطيع فيه الحاضرون الاستماع إلى المتهمين إلا إذا ما قام القاضي بفتح الميكروفون الموضوع داخل القفص.
يذكر أن المحكمة لجأت الى هذا القفص الزجاجي، بعدما أمعن مرسي وباقي المتهمين في التشويش على سير جلسات المحاكمة في الدعاوى المختلفة التي يواجهونها، حيث كان الرئيس المعزول، بشكل خاص، يعمد دائماً إلى الهتاف والصراخ بما كان يؤدي إلى توقف الجلسات.
وفي سياق آخر، أعلن المكتب الإعلامي للفريق سامى عنان، رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، أنه قرر الترشح للانتخابات الرئاسية، ليكون بذلك ثاني المرشحين اللذين أعلنا عن خوضهما الانتخابات بعد مؤسس "التيار الشعبي" حمدين صباحي.
وقال خالد العدوي منسق حملة "كن رئيسي" الداعمة لترشيح عنان، إن الحملة ستبدأ اعتباراً من اليوم الاستعداد للانتشار فى محافظات مصرالمختلفة للتعريف بالأسباب التي تدفع المصريين لاختيار عنان رئيساً لمصر.
وأشار إلى أن الحملة تستعد للعمل من خلال عدد من المؤتمرات، تبدأ منذ مطلع الأسبوع المقبل بالاحتكاك المباشر بالمواطنين.
وأضاف العدوي إن "الحملة تمتلك من المفاجآت ما سيربك كل حسابات باقي المرشحين".
ورأى ان "من مصلحة مصر أن تكون المنافسة في الانتخابات المقبلة قوية"، مشيراً إلى أن "الفريق عنان هو القادر على خوض منافسة قوية في هذه الانتخابات".
مصطفى صلاح- أحمد علام
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد