الصهيونية ... هرمجدون...و اسرائيل الكبرى
الجمل ـ البروفيسور رودني شكسبير ـ ترجمة رنده القاسم:
هناك المشوشون و المضطربون نفسيا و المهووسون عقليا و المخبولون. و لكن إذا جمعت هذه الأنواع الأربعة معا تحصل على ما يسمى "الصهيونية" التي وصلت تجلياتها الأخيرة إلى درجة من التطرف تجعلك ترتعد خوفا من فكرة أن هؤلاء يمكن أن يكونوا كائنات بشرية.
و لكن هذا ما حدث و أخذ شكل النية بتدمير ثالث الأماكن الإسلامية المقدسة و هو المسجد الأقصى في القدس، إذ يؤمن المسلمون أن النبي محمد انتقل من المسجد الحرام في مكه الى الأقصى في ليلة الإسراء. وزير الاسكان و التعمير الاسرائيلي "يوري آرييل" غير مسرور لتدمير المسجد، و يدعو الى بناء "معبد ثالث" مكانه. و هذه ليست نكته، اذ يقوم الإسرائيليون منذ سنوات بحفر أنفاق قرب المسجد و تحته (رغم أنهم ينكرون ذلك) و بهذا، يوما ما، سيكونون قادرين على احداث انهيار جزئي و بعده سيدّعون بأن كل البناء غير ثابت (و هو بالتأكيد ما سيحدث نظرا للأنفاق في كل مكان).
و قد تسرع الطبيعة الأم هذه العملية بسبب تاريخ الزلازل. فالصرح الأصلي بني عام 705 ، ثم دمر بزلزال و أعيد بناؤه عام 754، و تكرر الأمر ثانية عام 1033 و حينها أشيد البناء الذي لا يزال حتى يومنا هذا. و لهذا فان كونه جزءا من الإرث الحضاري العالمي أمر مفهوم جدا.
إذن، وجدت الزلازل في تاريخ الموقع و نستطيع الجزم بأن الإسرائيليين يفكرون بتدمير يبدو على أنه نتيجة لزلزال صغير (الأمر البارعون جدا في إحداثه).
و يقول الإسرائيليون أن البناء الإسلامي وجد فقط منذ ألف و ثلاثمائة سنه، و ماذا عن البناء اليهودي الذي يدّعون وجوده من قبل؟ و لكون الصهاينة مشوشين و مضطربين نفسيا و مهووسين عقليا و مخبولين، فهم يعتقدون أن شيئا يُزعَم وجوده قبل ألف و ثلاثمائة سنه يمكنه تبرير محو أي أثر لما بعده. و بهذا يجب أن يؤمنوا أن الأميركيين الأصليين يملكون الحق في كل الولايات المتحدة الأميركية ، و كذلك هو الحال بالنسبه للآنكا و الأزتيكيين في كل أميركا الجنوبية. و لكنهم لا يفكرون بهذه الطريقة، لأنهم عنصريون متطرفون و عدائيون ، و آخر ما يمكن أن يقروا به هو حقوق السكان الأصليين في الماضي أو الحاضر.
و لكن يوجد ما هو أسوأ من ذلك، فوراء الرغبة في بناء "معبد ثالث" مكان الأقصى يكمن حلم الصهيونية الأكبر و هو الامتداد من المتوسط الى الفرات، من لبنان و سوريه الى النيل. و لتحقيق ذلك(تماما كما فعل يوليوس قيصر عام 54 قبل الميلاد حين حطم معظم أيكات العبادة المقدسة للسكان الأصليين) فانهم ينوون تحطيم معظم الأماكن الاسلامية المقدسة بهدف تدمير ارادة المقاومه لديهم .(تماما كما يفعل نظام الخليفة المغرور و الحاقد في البحرين).
و لكن هذا لن يحدث فقط مع المسلمين، اذ يكمن الخطر في وقوع المعركة الفاصلة الكبرى "هرمجدون" التي يتوق اليها حوالي خمسين أو ستين مليون أميركي مسيحي صهيوني معتوه. اذ يعتقدون أن وقوع حرب كبيرة حقا مركزها الشرق الأوسط سيكون المقدمة لوجودهم في الجنة و البقاء هناك في نعيم أبدي. انها رؤية أنانية مغرورة حول الحياة و الموت لا يمكن تخيلها، غير أنها طريقة تفكير هؤلاء الصهاينة المسيحيين الأميركيين المخبولين.
اذن تدمير المسجد جزء من محاولات النظام الاسرائيلي المستمرة لتشويه أو ان أمكن ازالة التاريخ العربي و الاسلامي. انها جزء من الرغبة الاسرائيلية بمحو أي مطالبة فلسطينية بالقدس، انها جزء من محاولة تحطيم كل المقاومات الاسلامية.
و هذا بالتأكيد غير قانوني بتاتا، و لكن بما أن الولايات المتحدة تدع إسرائيل تفعل ما يحلو لها، كما يفسد الوالدان المتسامحان طفلهما، فان الدمار النهائي للمسجد ، وفقا للوضع الحالي، واقع لا محالة.و بالطبع يقول بعض الناس أن من الهراء الاعتقاد بأن اسرائيل حقا تريد تدمير ارث عالمي و المخاطرة باشعال الشرق الأوسط لأجل خلق هرمجدون. و ربما ينبغي على هؤلاء الناس التساؤل فيما اذا كان الصهاينه مخبولون بما يكفي للمخاطرة باثارة حرب عالمية ثالثة عن طريق تدمير موقع تاريخي قديم.
و عندما تلتقي صهيونيا اسأله ما هي بالضبط الحدود التي يعتقد أن على اسرائيل التقيد بها؟ و لن تحصل على جواب، لأن أي تصريح حول العودة الى حدود ما قبل 1967 سيسفر فورا عن أعمال شغب من قبل مئات الآلاف من المستوطنين الاسرائيليين.و أي جواب حول الحدود الحالية سيكشف بأن اسرائيل لا تملك النية بالامتثال للقانون الدولي و السماح بفلسطين مستقلة. و أي اعتراف بالحقيقة (و هي ان حدود اسرائيل الكبرى من المتوسط الى الفرات و من سوريه الى النيل) سيؤدي الى اضطراب عبر الشرق الأوسط. و لهذا لن تحصل على إجابه.
اذن ، الصهاينة ماضون في الأمر ، شيئا فشيئا، عن طريق الإبعاد البطيء (و الابادة الجماعية) للشعب الأصلي مع نية اضعاف، و ان أمكن تدمير روح المقاومه، و هو أمر لن ينجحوا أبدا في تحقيقه ،حتى و لو نجحوا في اشعال فتيل هرمجدون.
تُرجم عن موقع Press TV
الجمل
إضافة تعليق جديد