الرئيس أوباما يتلقى جائزة "سفير الإنسانية"
الجمل- فيليسيتي أربوثنوت- ترجمة: د. مالك سلمان:
القتل محرَم؛ ولذلك تتم معاقبة المجرمين إلا إذا قتلوا الناس بأعداد كبيرة وعلى صوت الأبواق.
- فولتير، 1694 – 1778
من المستحيل ألا نأخذ الانطباع بأن معيار تلقي الجوائز التكريمية الرفيعة عن الخدمات التي يقدمها المرء من أجل "السلام"، و "الإنسانية"، أو "الخدمة العامة المميزة" يتمثل في مرشح يتمتع بالخداع، والشراسة، وقسوة القلب، وفوق كل شيء الاستعداد للقتل، أو التخطيط للقتل أو الابتهاج بالقتل على نطاق واسع بأكثر الطرق وحشية.
بعد دقائق من إبلاغها بالميتة المريعة التي حلت بالزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في تشرين الأول/أكتوبر 2011، قالت وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك، هيلاري كلينتون، "واو!" ثم أطلقت ضحكتها المخيفة التي لا تنسى، قائلة لطاقم تلفزيوني: "أتينا، راينا، مات". وعندما سئلت إن كانت لزيارتها الأخيرة إلى ليبيا علاقة بموته هذا، "... قلبت عينيها" وقالت "أنا متأكدة من ذلك".
بعد ذلك بستة أشهر، وفي شهر نيسان/إبريل 2012، تلقت كلينتون "جائزة وودرو ويلسون للخدمات العامة". وفي الشهر التالي منحت "جائزة أبطال التغيير للقيادة"، وفي شهر أيار/مايو 2013 تلقت "جائزة وارن كريستوفر للخدمات العامة".
كان تعليق مادلين أولبرايت، التي كانت سفيرة الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة آنذاك، في برنامج "60 دقيقة" (12 أيار/مايو 1996) بأن ثمن أرواح نصف مليون من الأطفال الذين ماتوا نتيجة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة بضغط من الولايات المتحدة على العراق، كان: "خياراً صعباً، أما بالنسبة إلى الثمن، نعتقد أنه كان يستحق هذه التضحية"، لكنه لم يقف عائقاً أمام تلقيها، بعد أقل من سنتين، "جائزة الحرية للجنة الإنقاذ العالمية 1998": "لمساهماتها الهائلة من أجل ... الحرية الإنسانية ... إن قائمة الأشخاص الذين تلقوا ’جائزة الحرية‘ تبين القدرة الكبيرة للشخص على تشكيل التاريخ والتغيير نحو الأفضل في عالم يتجه نحو الحرية للجميع."
تخطر على بال المرء "حرية القبر".
من بين الأخرين الذين تلقوا هذه الجائزة جون مَكين (2001)، و جورج بوش الابن – الذي أقسم نظامه على "إعادة العراق إلى العصر الحجري" وفعل ذلك في سنة 1991 – و بيل كلينتون الذي عمل أثناء فترته الرئاسية (1993 – 2001)، إضافة إلى عمليات القصف الضخمة وعمليات القصف اليومي (وكلها غير قانونية)، على استغلال الأمم المتحدة والضغط عليها للاستمرار في تطبيق الحظر الأكثر شناعة في تاريخ المنظمة، وضمان استمرار موت الأطفال والمرضى بأعداد متزايدة في كل سنة من سنوات رئاسته. وقد تم تكريم كليهما في سنة 2005.
في سنة 2008، ذهبت الجائزة إلى كوفي أنان، الذي شهدت فترة رئاسته كأمين عام للأمم المتحدة (1997 – 2006) المأساة العراقية بالإضافة إلى "34 نزاعاً مسلحاً".
أوكلت لأنان مهمة السهر على تنفيذ التزام الأمم المتحدة وتعهدها: "نحن، شعوبَ الأمم المتحدة، عزمنا أمرنا على إنقاذ الأجيال القادمة من ويلات الحروب ... بهدف إعادة الثقة بحقوق الإنسان الأساسية، وكرامة وقيمة الإنسان ..." لكن أنان اكتفى بين الحين والآخر بالقول إن هذه الإبادة البشرية أو تلك "تدعو للأسف"، أو أنها "سيئة" أو أنه "قلق".
وفوق ذلك كان ابن كوفي أنان، كوجو، يجمع الأرباح من برنامج الأمم المتحدة في العراق "النفط مقابل الغذاء" بينما كان الأطفال يموتون كل يوم، وبينما كان رئيس الاحتياطي الفدرالي الأمريكي يقول، نيابة عن لجنة تم تشكيلها للتحقيق: "مهمتنا هي التحقيق في أي إساءة تحدث في إدارة برنامج النفط-مقابل-الغذاء وفي أية دلائل تشير إلى الفساد داخل منظمة الأمم المتحدة ومن قبل المقاولين. ولسوء الحظ، وجدنا الاثنين معاً."
هذه بعض الأمثلة القليلة عن الطريقة التي تتحول فيها آذان الخنازير السياسية إلى حقائب حريرية ملمعة. والآن يتلقى الرئيس أوباما، الذي كتب عنه شيروود روس قائلاً إنه "قصف ستة بلدان (ليبيا واليمن والصومال وباكستان وأفغانستان والعراق) بالمخاطرة بتصعيد محتمل للأزمة الأوكرانية التي عمل على إشعالها وتغذيتها إلى حرب عالمية ثالثة ضد روسيا"، في 7 أيارمايو "جائزة سفير الإنسانية 2014" الممنوحة من قبل "مؤسسة شووا".
تم تأسيس "مؤسسة شووا" من قبل ستيفن سبيلبيرغ بهدف توثيق "الإبادة اليهودية/الهولوكوست"، لكنها توسعت لتوثق إبادات حديثة أخرى. لكن أفعال سفيرها الجديد ستبقيها مشغولة لفترة طويلة.
"إن التزام الرئيس أوباما بالديمقراطية وحقوق الإنسان بارز وجلي منذ وقت طويل"، قال سبيلبيرغ في تصريحه. "فبصفته باحثاً دستورياً ورئيساً، فإن اهتمامه بنشر العدالة وتوفير الفرص للجميع واضح وضوح الشمس."
إن توقيت الجائزة يغطي على أكثر التكريمات الأخرى سخرية لأنه، كما يشير روس، وتبعاً للخبير في الشؤون الروسية البروفسور فرانسيس بويل المدرس في جامعة إيلينوي:
"نكث أوباما الآن بالوعد الذي قطعه الرئيس جورج بوش الابن للرئيس السوفييتي ميخائيل غورباتشيف بأنه إذا وافق على إعادة توحيد ألمانيا، فإن الناتو لن يتحرك نحو الشرق باتجاه الحدود الروسية. إن إدارة أوباما والناتو يعملان على توريط الإنسانية في ما يشبه أزمة الصواريخ الكوبية المعكوسة على الحدود الروسية تماماً. فهل يمكن للحرب العالمية الثالثة أن تكون بعيدة؟"
وفوق ذلك، يخطط الناتو لإرسال أعداد أكبر من القوات المقاتلة إلى أوروبا الشرقية، وهكذا فإن "الحرب الباردة الكريهة، بكل تكاليفها الباهظة، وكل المخاوف التي تولدها، تبدأ من جديد مرة أخرى".
ولكن حتى السنة الأولى من فترة أوباما الرئاسية حددت سنة الصفر بالنسبة إلى الكثيرين. ففي سنة 2009 تمت إبادة 700 مدنياً باكستانياً على الأقل بقصف الطائرات الآلية ("درونز"). ولم يتمتع أولئك القتلى، المتهمين بالإرهاب، بحق المحاكمة، أو الحصول على محام، أو حق الرد على التهمة. فقد تم إعدامهم ببساطة في ظل السياسة الشخصية للقائد العام للجيش الأمريكي.
تبعاً لتقرير "مكتب الصحافة الاستقصائية" الصادر في شهر كانون الثاني/يناير من هذا العام:
"منذ تنصيب أوباما في سنة 2009، شنت ’سي آي إيه‘ 330 ضربة على أفغانستان – في حين قام سلفه، الرئيس جورج بوش، بتوجيه 51 ضربة فقط خلال 4 سنوات. وفي اليمن، فتح أوباما جبهة جديدة في حرب الطائرات الآلية السرية.
وفي باكستان واليمن والصومال، شنت إدارة أوباما أكثر من 390 هجوماً بالطائرات الآلية (منذ 23 كانون الثاني/يناير 2009)، أي ثمانية أضعاف الهجمات التي شنت في عهد الرئيس بوش بأكمله. وقد قتلت هذه الهجمات أكثر من 2,400 شخصاً ..."
في اليمن، وتحت ضربات الطائرات الآلية: "شهد العام الماضي مقتل أكبر عدد من المدنيين منذ أن بدأ أوباما بقصف هذا البلد في سنة 2009."
والأمر لايقتصر على حرب الطائرات الآلية فقط. فعلى سبيل المثال، بعد استلام أوباما جائزة نوبل للسلام بأسبوع:
في 17 كانون الأول/ديسمبر 2009، قامت غواصة تابعة للأسطول الأمريكي بإطلاق صاروخ كروز محشي بالقنابل العنقودية على معسكر يشتبه بإيوائه مسلحين متطرفين في مجالا في جنوب اليمن.
أصاب الصاروخ قرية تقطنها "إحدى أفقر القبائل في اليمن. وقد أودت الشظايا والنيران بحياة 41 مدنياً، بما في ذلك 21 طفلاً على الأقل و 12 امرأة – كانت خمس منهن حواملَ.
في خطاب قبوله لجائزة نوبل، دافع أوباما عن استخدام القوة "لا كشيء ضروري فقط، بل كشيء مبرر أخلاقياً." محام دستوري قام، مجازياً، بإحراق كتبه القانونية.
لكن الرئيس مستمر في سياساته التي بدأ بها. فبعد ثلاثة أيام من تعيينه سفيراً للإنسانية، أعلنت الولايات المتحدة "برنامجاً تجريبياً" يتمثل في إرسال أسلحة مضادة للدروع إلى الإرهابيين في سوريا. ولكي لا ننسى، تقوم هذه المجموعات بتصوير نفسها وهي تصلب ضحاياها، وتقطع رؤوسهم، وتنزع أعضاءها وتأكلها، وتقطع أيدي الناس وتجرهم وراء السيارات. فتحت إمرة القائد العام، المسمى بسفير الإنسانية، يشكل "البرنامج التجريبي" اختباراً لرؤية ما إذا كانت هذه الأسلحة سوف "تقع في الأيادي الخطأ". شيء مضحك يبعث على الغثيان.
سجن الغولاغ "غوانتانامو" لا يزال مفتوحاً يعج بسجناء لم يخضعوا لمحاكمات، سجناء أدينوا إلى أجل غير مسمى، دون أية إجراءات قانونية من أي نوع. إنه تعهد آخر قام به أوباما قبل انتخابات 2009، تعهد انتخابي ينتهي به المطاف إلى سلة مهملات التاريخ. ...
في الداخل، وفي ظل رئاسته، تتمتع الولايات المتحدة بأعلى نسبة وفيات بين الأطفال الخدج في العالم الصناعي كله، كما اكتشف استبيان جرى هذا الأسبوع.
الولايات المتحدة واحدة من أكثر خمس بلدان تشهد أعلى نسب للإعدام في العالم.
في سنة 2011 وجد "مركز بيو للأبحاث" أن "العائلة السوداء تتمتع بسبعة بالمائة من الثروة التي تتمتع بها مثيلتها البيضاء، بعد أن كانت النسبة 9% في سنة 1984، عندما بدأ استبيان إحصائي بجمع مثل هذه المعلومات."
تغيير يمكن أن نؤمن به؟
علينا أن نتساءل إن كان الرئيس أوباما قد فكر في ذلك في طريقه إلى كاليفورينا وأثناء حفلة تسلمه الجائزة في "القاعدة الجوية رقم واحد"، والتي كلفت 228,288 دولاراً في الساعة.
إن عدد المساجين في أمريكا [الولايات المتحدة]، 2.4 مليون بإحصائيات سنة 2013، ليس سوى رأس جبل الجليد، بما في ذلك "حوالي 3000 طفلاً مسجونين لارتكابهم أفعالاً لا ترتقي إلى مستوى الجرائم بالنسبة إلى البالغين، ’مثل الهرب من المنزل، والتهرب من أداء الواجبات، واليأس من إصلاحهم‘". ...
مع انتهاء كتابتي لهذا المقال ترد الأخبار بأن "أوباما غادر وحيداً بعد انشغال العملاء بأعمالهم الإضافية". الصدمة، والرعب. من يحمي القرويين في باكستان وأفغانستان والصومال من الطائرات الآلية لسفير الإنسانية؟
ربما يمكن للجنة نوبل المبادرة في إنهاء هذه الجوائز المثيرة للحنق من خلال البدء بسحب بعض جوائزها. ستشكل هذه الخطوة نوعاً من البداية على الأقل.
http://dissidentvoice.org/2014/05/president-obama-receives-ambassador-for-humanity-award/
تُرجم عن: ("ديسيدنت فويس"، 13 أيار/مايو 2014)
الجمل
إضافة تعليق جديد