المعارضة تحشد الشارع والسلطة تحشد الوساطات العربية
مرة جديدة يعود السابق إلى ذروته بين التحرك الشعبي اللبناني والمساعي الدبلوماسية. وأجرت المعارضة اللبنانية امس استعراض قوة ثانياً كان الأضخم من حيث المشاركة الشعبية في مواجهة فريق السلطة الذي بدا مرتبكاً أمس رغم محاولة حشد تجمعات شعبية في عدد من المناطق توفر الغطاء الشعبي لرفضها مطلب التغيير الحكومي اللبناني، بينما ترددت في أوساط دبلوماسية عربية وغربية معلومات عن قرب التوصل الى حل سياسي يقوده الموفد الرئاسي السوداني مصطفى اسماعيل، ويستند إلى مبادرة الامين العام للجامعة العربية عمرو موسى الذي أبلغ الرئيس نبيه بري أنه سيعود إلى بيروت غداً الثلاثاء. بينما تحركت المساعي العربية العربية نحو تنشيط التواصل بين مصر والسعودية وسوريا، حيث يفترض أن يقوم نائب الرئيس السوري فاروق الشرع بزيارة قريبة جداً إلى القاهرة.
وكان البارز في تحرك المعارضة اللبنانية أمس الاعتصام الأكبر الذي وفر الحشد “غير المسبوق في لبنان” حسبما نقلت وكالات الأنباء العالمية عن قيادة الجيش اللبناني. المبادرة العربية
في هذه الأثناء يعود اليوم الى بيروت من دمشق الموفد الرئاسي السوداني حسبما أكد السفير السوداني جمال محمد ابراهيم مشيراً الى أن في الأفق ما يشجعه على العودة لمتابعة مساعيه، فيما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر عربي في الرياض حيث القمة الخليجية، أن رئيس الحكومة اللبنانية فؤاد السنيورة تلقى اتصالاً من الموفد السوداني أبلغه فيه موافقة أطراف المعارضة. فطلب السنيورة من إسماعيل العودة الى بيروت.
لكن مصادر المعارضة اللبنانية دعت إلى التعامل بـ“حذر مع هذه الأنباء” وقالت إن “المساعي القائمة، على أهميتها، لم توفر بعد الأساس الكافي للحديث عن حل”. وقالت المصادر “إن الأمور معقدة وإن فريق السلطة لم يتلق بعد الضوء الأخضر من الرياض وواشنطن بالتنازل”، وان “المقايضة المطروحة بين مشروع المحكمة الدولية والثلث الضامن لا تزال في إطارها النظري”. وقال الرئيس بري إنه لم يتلقّ معلومات عن إجابات مباشرة أو نتائج كاملة للمساعي، وإنه ينتظر عودة الموفد السوداني وعودة موسى.
أما العماد عون فقال إن على السنيورة أن يستقيل “لأنه لا يمكن لرئيس حكومة ومسؤول أن يسمع، على بعد امتار قليلة، غالبية شعبه ويقول إنه غير مهتم. هذا عمل غير مسؤول وغير مقبول”. وأكد أن “على السنيورة وبقية أركان السلطة أن يفهموا الرسالة الواضحة بأن الناس لا يمكنهم أن ينتظروا هكذا، وإن تجارب الديموقراطيات في العالم يمكن أن تتكرر عندنا”. وعن آفاق الحل قال عون: “نحن لا نمانع إيجاد الصيغة التي توفر حكومة الوحدة مع الثلث الضامن، ولكن أي مساع لن تكون على حساب التحرك. ولا يمكن لأحد أن يخدعنا، وسوف نبقى في الشارع حتى إعلان الحكومة الجديدة وليس هناك مجال لأي مناورة معنا”. وأكد أن هناك برنامجاً لخطوات جديدة لكنه قال “ليس وارداً على الإطلاق في برنامج المعارضة إقفال المطار”.
كما أن المبادرة السودانية التي سلمها الموفد الرئاسي السوداني تتضمن الآتي:
1ــــــ التأكيد على وحدة لبنان.
2ــــــ الاتفاق على إيقاف التصعيد الإعلامي والمذهبي من قبل وسائل الإعلام.
3ــــــ وقف المواجهات والتصعيد في الشارع.
4ــــــ إعلان الموافقة على تأليف حكومة الوحدة الوطنية مع الثلث الضامن بضوابط وشروط يتم الاتفاق عليها.
5ــــــ العودة إلى طاولة الحوار برعاية الرئيس بري.
6ــــــ تطرح للنقاش بالتوازي ليتم الاتفاق عليها:
أ تفاصيل حكومة الوحدة الوطنية.
ب موضوع المحكمة الدولية.
ج الانتخابات النيابية وانتخابات الرئاسة.
د مؤتمر باريس 3.
وما يتم الاتفاق عليه يصدر في وثيقة سياسية يمكن تسميتها “ميثاق القوى السياسية اللبنانية” وتكون ملزمة للجميع موالاة ومعارضة”.
- وكان لبنان امس مسرحاً لحشود عدة أبرزها ما جمعته المعارضة وسط بيروت والذي تميز باستنفار من أنصار العماد عون حسم كل جدل حول الموقف في الشارع المسيحي، وهو ما نقله مصدر مطلع عن سفير دولة غربية كبرى وقوله: ان معلومات الفريق الحاكم عن الوضع الشعبي للعماد عون دائماً تأتي مغايرة للوقائع”. وأعلن نائب الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم أمام الحشود ان التحرك “لن يتوقف حتى تحقيق المشاركة الكاملة”. وأضاف متوجهاً الى فريق السلطة “لا يحق لكم ان تحكموا لبنان وحدكم وتأخذوه الى الوصاية الاميركية”. وتابع “سنبقى شهراً، اثنين، ثلاثة، عشرة.. وعلى مهلكم حتى تقتنعوا بأنكم لن تستطيعوا الاستمرار”. وتوجه الى السنيورة قائلاً: يكفيك يا دولة الرئيس أن تستقيل لشرفك وكرامتك وكرامة لبنان عندما يقول الإسرائيلي انه يدعمك. إذا استقلت اليوم فهذه نقطة إيجابية في سجل الشرف، وإذا تأخرت فهناك نقاط سلبية كثيرة يصعب بعد ذلك أن تزال”.
من جانبه أمهل عون الحكومة بضعة أيام لإيجاد حل، قائلاً: “لا بد من الاستقالة، لا حل لكم بالبقاء”. وأضاف “هناك حل واحد تعتمدونه من الآن وحتى بضعة أيام، وبعدها نعلن رفض الحكومة رفضاً قاطعاً. وسنطالب بحكومة انتقالية تجري انتخابات نيابية مبكرة ننطلق منها لبناء مؤسساتنا الديموقراطية والحكم المسؤول”.
وفي المقابل أكد السنيورة أن لجوء المعارضة الى خطوات تصعيدية مثل قطع الطرق العامة واقتحام السرايا الحكومية وتعطيل مرافق الدولة “يدخل البلاد في دوامة عنف”. وأضاف: “هذا خروج عن القواعد الأساسية في عملية التعبير وإدخال البلاد في دوامة عنف ليست في مصلحة أحد”. لكنه قال: “لا أعتقد ان هذا الأمر ممكن لأن الجميع يعرف دقة المرحلة ومخاطرها”. وتساءل في كلمة في احتفال بالذكرى السنوية لاغتيال الزميل جبران تويني “عن القضية الكبرى التي تدفع إلى القيام بكل هذا الصخب السياسي التوتري الشديد والاعتصامات المفتوحة”.
أما النائب سعد الحريري فقد توجه الى حشد كبير جمعه تيار المستقبل وحلفاؤه في طرابلس دعماً للحكومة قائلاً: “ان علم المحكمة الدولية لن يسقط. لبنان أكبر من أن يسقط لمصلحة المشاريع المشبوهة. يريدون لبنان على صورة ريف دمشق وملحقاً لطهران، نقول لهم إن رفيق الحريري لم يدفع دمه ثمناً لسقوط لبنان، نحن دفعنا الدم لنحمي كرامة لبنان ولنحمي الشرعية في لبنان”. وأضاف: “نقول لمن يحدثوننا عن الشرف وأنتم تدافعون عن قتلة رفيق الحريري وأنتم تدافعون عن إميل لحود، هو الذي سيسقط وليس فؤاد السنيورة، إميل لحود هو عدو الدستور وهو عدو الشرعية، وهو الذي يجب أن يرحل الى بيته”.
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد