مذبحة مسجد ديالى: ضربة أمنية وسياسية 130ضحية في الهجوم
هيمن الهجوم المريب الذي وقع في محافظة ديالى العراقية، أمس، على المشهد السياسي والأمني العراقي، خصوصا أنه يثير التساؤلات حول هوية المنفذين والهدف منه في مثل هذا التوقيت، حيث كان الجيش العراقي يبدأ عملية عسكرية بالاشتراك مع قوات «البشمركة» الكردية في المحافظة ضد تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش»، في حين تجري مفاوضات مكثفة لتشكيل حكومة حيدر العبادي، إذ هاجم مسلحون تضاربت المعلومات حول هويتهم مسجد مصعب بن عمير، في قرية إمام ويس شمال شرق بغداد، بعد أن فجر انتحاري نفسه بالقرب من مدخله، وأعقب ذلك دخول مجموعة مسلحة إلى المسجد فتحت النار على المصلين ما أدى إلى مقتل 70 شخصاً واصابة العشرات بجروح.
وفي حين توالت ردود الفعل على الجريمة الجديدة، المرجح تصاعد حصيلتها، وكان أبرزها إعلان كتلة رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، انسحابها من مفاوضات تشكيل الحكومة العراقية، التي يجريها الرئيس المكلف حيدر العبادي، أعرب المرجع الديني السيد علي السيستاني، عن أمله بأن تكون جميع الأطراف متفقة على الحاجة لتشكيل الحكومة الجديدة، وكرر دعوته العراقيين لمحاربة تنظيم «داعش»، في وقت حشد الجيش العراقي وقوات «البشمركة» الكردية قواتهم، على حدود ناحية جلولاء استعدادا لبدء عملية عسكرية لاستردادها من أيدي التنظيم.
وانسحبت، أمس، اثنتان من الكتل البرلمانية الكبرى من ضمنها كتلة الجبوري، من محادثات تشكيل الحكومة العراقية الجديدة بعد الهجوم الذي وقع على المسجد في ديالى، وطالبتا بالقبض على منفذي الهجوم خلال 48 ساعة، رابطين ذلك بعودتهم إلى العملية السياسية.
وأعلنت كتلة «ديالى هويتنا» وهي كتلة الجبوري انسحابها من مفاوضات تشكيل الحكومة بسبب الهجوم ودعت «اتحاد القوى الوطنية» إلى اتخاذ الموقف نفسه.
وقالت النائبة عن الكتلة ناهدة الدايني إن «كتلة ديالى هويتنا انسحبت، من المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة وذلك بسبب تكرار الهجمات على المساجد في محافظة ديالى والتي ذهب ضحيتها المئات من الأشخاص وكان آخرها الهجوم على مسجد مصعب بن عمير»، وأوضحت أن كتلتها «تشترط فتح تحقيق عادل بالقضية وتقديم الجناة إلى العدالة واعتقال آمر الفوج المسؤول عن المنطقة مقابل العودة الى المفاوضات»، داعية «اتحاد القوى الوطنية» إلى «الانسحاب أيضا من المفاوضات».
وقال ضابط في الجيش وضابط في شرطة المحافظة إن الهجوم على المسجد بدأ بتفجير انتحاري نفسه بالقرب من المدخل، وبعد ذلك فتح مسلحون النار على المصلين، ما أدى إلى مقتل 70 شخصاً على الأقل، وإصابة أكثر من 60 آخرين.
وذكر مسؤولون عراقيون أن مسلحي «داعش» حاولوا إقناع اثنين من القبائل البارزة في المنطقة وهما عشيرتا العويسي والجبور بالانضمام إليهم، ولكنهم رفضوا ذلك، ما دفع التنظيم إلى مهاجمة المسجد.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية العميد سعد معن إن «عبوة ناسفة انفجرت في متطوعي الحشد الشعبي قرب مسجد مصعب بن عمير في ناحية حمرين، ما أدى إلى مقتل خمسة منهم، وإصابة ثلاثة آخرين»، وأضاف أن «إطلاق نار عشوائيا وقع بعد التفجير، ما أسفر عن مقتل ثمانية من المصلين، وقامت الشرطة بتطويق المكان ورفع جثث الضحايا».
وذكر ضابط في استخبارات الجيش العراقي أن «أربعة مسلحين ينتمون الى داعش بينهم انتحاري هاجموا المسجد، انتقاما من سكان القرية الذين رفضوا مبايعتهم»، مشيراً إلى أن «الانتحاري فجر نفسه وسط المسجد فيما قام المسلحون الثلاثة باطلاق النار على الفارين من الانفجار»، وأكد ان «عناصر الشرطة والعشائر حاولوا مطاردتهم، لكن عبوات ناسفة انفجرت فيهم، ما أسفر عن إصابة أربعة أشخاص».
ويأتي الهجوم على المسجد في وقت أكدت مصادر أمنية أن الجيش العراقي ومقاتلي «البشمركة» حاولوا استعادة بلدتين في محافظة ديالى من أيدي مسلحي «داعش»، وأضافت المصادر أن القوات الكردية تدعمها الطائرات الحربية الأميركية سيطرت على منطقة قرب المدخل الشرقي لمدينة جلولاء في المحافظة، كما ذكرت المصادر أن الجيش العراقي تدعمه الطائرات العراقية تقدم صوب بلدة السعدية القريبة أيضاً.
وقال القيادي في «الاتحاد الوطني الكردستاني» شيركو ميرويس إن «قوات البشمركة تحركت من عدة محاور باتجاه بلدة جلولاء»، مشيراً إلى أنها «تحقق تقدما بشكل مستمر، حيث فرضت سيطرتها على منطقة كوباشي الواقعة بين جلولاء والسعدية»، وأضاف أن «سيطرة البشمركة على منطقة كوباشي تعني قطع الطريق بين السعدية وجلولاء» أي أن تحركات مسلحي «داعش» أصبحت «تحت مرمى نيران البشمركة»، ولفت ميرويس إلى أن عنصرين من «البشمركة» قتلا وأصيب تسعة آخرون فيما «قتل العشرات من عناصر الدولة الاسلامية» خلال هذه المعارك.
من جانبه، أكد عقيد في الجيش العراقي أن القوات العراقية «تخوض معارك في السعدية حيث وصلت إلى أطرافها»، مشيراً إلى أن «العملية تجري بغطاء جوي كثيف، وسبق انطلاق العملية عمليات قصف جوي على مواقع داعش».
وفي سياق متصل، دعا وكيل المرجع الديني السيد علي السيستاني عبد المهدي الكربلائي إلى التحرك لفك الحصار الذي يفرضه مسلحو «داعش» على ناحية آمرلي التركمانية، التي تقع على بعد 75 كيلومترا جنوب كركوك.
وقال الكربلائي في خطبة الجمعة إن البلدة « تعاني من حصار مطبق منذ شهرين ويستبسل أهلها في الدفاع عن مدينتهم، وهم رجال أبطال مع سلاح وعتاد محدود ونقص شديد في المواد الغذائية»، وناشد «الجهات المعنية أن تعمل بجد لفك الحصار عنها وإنقاذ أهلها من مخاطر الإرهابيين الذين شاهد الجميع ممارساتهم الوحشية والإجرامية بحق المدنيين».
وأكد العقيد مصطفى البياتي آمر قوة آمرلي أنهم يتعرضون إلى هجمات يومية وقصف بالهاون، مضيفا أنهم صدوا حتى الآن أكثر من 10 هجمات على البلدة مكبدين «داعش» خسائر كبيرة، وأضاف أنهم «تلقوا اتصالات من السفارتين التركية والأميركية ووعدوهم بتقديم المساعدة لهم، إلا أنه لم تصلهم أية مساعدة حتى الآن».
وفي السياق ذاته، ذكر مصدر أمني رفيع في قضاء طوزخرماتو جنوب كركوك أن «أربعة آلاف مقاتل من قوات الشرطة والجيش العراقيين ومتطوعين من العشائر وصلوا قادمين من ديالى إلى قضاء طوزخورماتو وهم يتأهبون لشن هجوم على مقاتلي الدولة الإسلامية الذين يحاصرون بلدة آمرلي منذ أكثر من شهرين ويمنعون وصول أي مساعدات غذائية لسكانها».
إلى ذلك، قتل سبعة من «البشمركة» بانفجار عبوة ناسفة قرب سد الموصل، بحسب مسؤول عسكري كردي، وأوضح المصدر أن عبوة «انفجرت لدى مرور إحدى دوريات قوات البشمركة قرب سد الموصل، ما أسفر عن مقتل سبعة من أفرادها». وذلك بعد أن تمكنت قوة مشتركة من «البشمركة» والجيش العراقي بغطاء جوي أميركي من تحرير السد من تنظيم «داعش»، في وقت أعلن مسؤول أمني عراقي أن «قوات مكافحة الإرهاب» التي كانت مسؤولة عن السد سلمت المنطقة إلى قوات «البشمركة» من دون ذكر الأسباب.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد