سوق سوداء لتذاكر «الطيران السورية»
تزداد معاناة المواطنين يومياً على متن «الطيران السورية»، بدءاً بالحجز، ولا تنتهي بعد الحصول على التذكرة، بعد تمترس تجار السوق السوداء في مكاتبها، وتحكمهم في بورصة التذاكر، إذ وصل سعر التذكرة من القامشلي إلى دمشق إلى 50 ألفاً..!!
المديرة التجارية في مؤسسة الطيران العربية السورية شفاء النوري لم تجد أمامها سوى تأكيد هذا الواقع، مبينة في حديث صعوبة التعامل مع هذه الحالات، رغم تشكيل لجان رقابية للبحث والدقيق حول ظاهرة السوق السوداء للتذاكر.
وبيّنت النوري أن المؤسسة قامت بتشكيل لجنة برئاسة مدير العمليات الأرضية وعضوية أشخاص من الإدارات المعنية، وتوجهوا إلى القامشلي للوقوف على حقيقة هذه الشكاوى، دون أن تتمكن من وضع اليد على أي مخالفة حقيقية، نظراً لتشعب حلقات السمسرة والفساد، ولكون الراكب نفسه لا يتعاون مع المؤسسة ولا يعطي أسماء من دفع لهم أو مكاتب السفر التي سمسرت على بطاقته، فهو يطرح الشكوى فقط دون تقديم الإثباتات خوفاً من هؤلاء الفاسدين أنفسهم.
وبيّنت النوري أن السبب في ظهور هذه الظاهرة هو عدم قدرة المؤسسة على إيجاد توازن ما بين العرض والطلب على تذاكر السفر، بسب تزايد حجم الطلب على السفر جواً، نتيجة انقطاع بعض الطرق البرية باتجاه المنطقة الشرقية في ظل الظروف الحالية، ولو سيرت المؤسسة عشرة رحلات يومياً لن تكون قادرة على تغطية الضغط الحاصل، الأمر أدى إلى نشوء سوق سوداء لتذاكر السفر نتيجة الطلب الزائد والسمسرة عليها، فأصبح الفاسدون يجمعون بعضهم ضمن حلقات متتابعة لا يمكن حصرها بواحدة، وكلهم يسمسرون على تذاكر السفر، وعلى ما يبدو فإن حالات التزوير والفساد منتشرة بجميع المحافظات وهناك استغلال كبير لحاجة الناس للسفر، ولكنها تتركز بالمنطقة الشرقية بسبب الضغط الكبير الحاصل على مطار القامشلي الذي يخدم ثلاث محافظات هي دير الزور والحسكة والقامشلي.
وأشارت النوري أن المؤسسة تقوم بوضع كل طاقتها لكونها مؤسسة خدمية اجتماعية لأبناء البلد وتقوم بتسيير أكبر عدد من الرحلات، وخاصة في أوقات الذروة والمواسم وعند الظروف الطارئة، لكنها غير قادرة على ضبط حالات التزوير والتلاعب بالتذاكر لوحدها دون مساعدة من المواطنين أنفسهم.
وأوضحت النوري أن المؤسسة عانت لفترة من انقطاع جميع الاتصالات السلكية واللاسلكية مع المنطقة الشرقية نتيجة للأعمال التخريبية، لذلك قامت بتفعيل الانترنت الفضائي مع جميع المحطات لوضع حد لهذه المشكلة، كاشفة أنه اعتباراً من السبت القادم سيتم تفعيل نظام الحجز الآلي بدلاً من القوائم الورقية، ما سيساعد في ضبط حالات الابتزاز والتزوير والتلاعب بالحجوزات، حيث سيتم تفعيل نظام «آكسل آيرو» في كافة محطات المؤسسة ما يسهل الإجراءات على المواطن ويسهل على المؤسسة كدائرة حجز مركزي عملية تدقيق الرحلات، مشيرة إلى أن المرحلة القادمة ستكون لتفعيل البرنامج في مكاتب السياحة والسفر ما يخفف الضغط على مكاتب المؤسسة.
وفيما يتعلق بوجود مقاعد شاغرة على بعض الرحلات، كشفت النوري أن هذه الحالات موجودة بشكل دائم وتعاني منها كافة شركات الطيران، بسبب تأخر بعض الركاب أو عدم حصولهم على التأشيرة في الوقت المحدد ولذلك تقوم شركات الطيران بحجز لعدد زائد من الركاب عن عدد مقاعد الطيران تخوفاً من تخلف البعض بما يتناسب مع النسب المتوقعة لحالات التخلف، ولكن في حالتنا الأمر مختلف حيث تكون المقاعد شاغرة بسبب عدم تمكن الركاب من الوصول نظراً للظرف الأمني، ولدينا حالات لرحلات اتجهت من القامشلي إلى الكويت بمقاعد شاغرة، لكون حجوزات هذه المقاعد كانت لركاب قادمين من دير الزور، ولم يتمكنوا من الوصول إلى القامشلي نتيجة الظروف، كما حدثت لدينا حالات أخرى وخصوصاً مع مطار القامشلي حيث كنا نبرمج رحلات إضافية للقامشلي بسبب عدم إمكانية الاتصالات مع القائمين على العمل هناك، ولذلك كانت تصل الطائرات دون حجز مسبق، والركاب موجودة سلفاً في المطار بانتظار وصول أي طائرة، هذا الأمر أدى في بعض الرحلات إلى وجود مقاعد شاغرة في رحلات الاتجاهين.
وبيّنت النوري أن المؤسسة تسعى لزيادة أسطولها ولكن الحظر المفروض على سورية وعلى المؤسسة بشكل خاص لم يساعدها في ترميم الأسطول حيث توقف العديد من الطائرات ولم يبق لدى المؤسسة سوى، خمس طائرات «إيرباص» وطائرتي «أي تي آر»، ولكن الموجود في الخدمة هي 4 طائرات «إيرباص» وطائرة «أي تي آر» واحدة، نتيجة الكشف الدوري الذي يتم كل أربع سنوات ما يجبرنا على إبقاء طائرة في الهنغار للكشف الدوري.
وفي سياق آخر أكدت النوري أن المؤسسة قامت بإجراءات احترازية شديدة لمنع بعض مكاتب السفر من استغلال الركاب وتقاضي مبالغ طائلة، ولكن رغم ذلك فقد تعرضت المؤسسة لشكاوى كيدية، سببها -كما أوضحت النوري- أنها قامت شخصياً وبحضور أحد أعضاء مجلس الشعب وعضو من القيادة القومية، بمساعدة أربعة ركاب كان لديهم حجز إلى الجزائر وقاموا بإلغاء الحجز نتيجة إجراءات جديدة متعلقة بالهجرة غير الشرعية، وتقدموا بطلب لإعادة قيمة بطاقاتهم والتخلف، ومراعاة من المؤسسة لكونهم أبناء البلد تم إعفائهم من غرامة التأخير المترتبة عليهم، وعند سؤالهم عن مصدر شراء التذكرة تبين أنهم اشتروها من مكتب سياحة وسفر، وقد دفعوا مبلغاً يزيد عن سعر التذكرة المعمم، فقامت بالطلب منهم أن يكتبوا على بطاقة السفر نفسها قيمة المبلغ الذي دفع كي تقوم المؤسسة بإلغاء التعاون مع هذا المكتب لكونه يستغل المواطنين، وهو إجراء طبيعي للمؤسسة، ولكن هذا المكتب قام بتحريض الشباب ليكتبوا شكوى كيدية للوزارة والجهاز المالي، بأننا أرغمناهم على توقيع ورقة بيضاء مقابل إعفائهم من الغرامات، وهذا الأمر عار من الصحة، ولا يمكن لعاقل أن يوقع ورقة على بياض، وقد قامت المؤسسة بإحضار الشهود وإثبات بطلان شكواهم التي حرضهم عليها مكتب السفر.
علي محمود سليمان
المصدر: الوطن
إضافة تعليق جديد