دمشق: تسوية في قدسيا ..وتحذيرات من انهيار الهدن

حدث اختراقان خلال الأسبوع الماضي على جبهات القتال في محيط دمشق، الأول بالتسوية التي جرت في إحدى بلدات وادي بردى، والثاني في منطقة قدسيا، على الرغم من وجود مخاوف لدى الجانب الحكومي من تأثر الهدن الحاصلة سلبياً بتطورات الحرب على تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش».
ورغم أن الهدن والمصالحات المحلية تمثل استراتيجية لدى الدولة السورية حالياً، إلى أنها تأتي مترافقة مع الاختلال الواضح في موازين القوى، والقدرة على الصمود لدى الطرفين، والتي يتفوق بها الجيش السوري في محيط العاصمة بشكل كبير.
وثمة مخاوف تتشكل، من أن تسعى القوى، التي تملكت زمام الأمن في مناطق التسويات، وهي في غالبيتها من مقاتلي كتائب «الجيش الحر»، للاستفادة من أي اختلال في الموازين، ينتج عن استراتيجية التحالف الدولي الجديد ضد «داعش».
ويعترف أحد القائمين على متابعة ملفات المصالحة الوطنية، أن هذا الاحتمال وارد، خصوصاً أن التراجع عن اتفاقات مصالحة حصل مراراً، رغم حالة التفوق التي يتميز بها الجيش السوري.
وسابقاً كانت الخشية تأتي من طرفين، بشكل خاص، وهما التكفيريون الذين «ليس لهم مرجعية سياسية» و«الأجانب، أو الذين يخضعون لسلطة مراكز استخبارات أجنبية»، فيما تبرز المخاوف من جديد من أن تنقل البنادق من كتف إلى آخر مع تغير الظروف، لدى المقاتلين المحليين من غير هذه الفئة.
وسبق لمسؤول حكومي رفيع المستوى أن انتقد تردّد قادة الفصائل المسلحة عن القبول باتفاقيات تسوية في ريف حمص وداخلها، في الأشهر السابقة، بسبب حصول اختلالات في موازين القوى في بعض مناطق البلاد، أو لمجرد صدور تصريحات دولية تشد من أزر الكتائب المعارضة.
وسمح انعدام الأمل بأي دعم خارجي، كما طول مدة الصراع، وتماسك الجيش حتى اللحظة، بحصول ما يزيد عن 10 هدن في محيط دمشق، وعشرات التسويات في حمص ومحيطها.
ووفقاً للمصدر السابق فإن «الرهان يبقى على الحس الوطني لدى هؤلاء، وحذرهم من أن يتحوّلوا لأداة خارجية مجدداً في أية معركة محتملة».
وأمس الأول اتفق على بنود لاتفاق مصالحة في بلدة قدسيا المتاخمة لمدينة دمشق، يتولى فيه «مقاتلون محليون» أمن البلدة، علماً أن هؤلاء وفقاً لتصريحات «الجيش الحر» يخضعون له، فيما تقول مصادر مقربة من الجيش، أن غالبيتهم قام «بتسوية وضعه مع الدولة وخضع لدراسة أمنية»، وهي «تسوية» أوجدتها الحكومة تعادل العفو لتشجيع المقاتلين المحليين والفارين للعودة إلى كنف الدولة.
وجاء الاتفاق الذي وقع برعاية لجان المصالحة المحلية والجيش السوري والفصائل المسلحة، بعد مناوشات عسكرية بين الطرفين، أدّت إلى إغلاق الطرقات المؤدية للبلدة، والذي يقطنها عشرات الآلاف من المدنيين.
ووفقاً للاتفاق فإن «لجنة المصالحة في مدينة قدسيا، توصلت بالاتفاق مع أهالي المدينة والمجموعات المسلحة فيها ومع القيادة والمؤسسات المختصة في الدولة، لاحتواء الأزمة الطارئة وفتح الطريق وإعادة الهدوء والاستقرار للمدينة، والمحافظة على استمرار المصالحة الوطنية»، على أن يتم وفقاً لذلك «تسليم الأسلحة الموجودة لدى المجموعات المسلحة إلى لجان الحماية الأهلية المشكلة من أبناء مدينة قدسيا»، وإلغاء «وجود المظاهر المسلحة في المدينة خارج نطاق عمل لجان الحماية الأهلية».
كما نص الاتفاق على «ضمان حرية الدخول والخروج والتنقل في المدينة لجميع أبناء الوطن، بما في ذلك المدنيون والعسكريون، شريطة أن يكون ذلك من دون أي سلاح». وضمن الاتفاق عمل مؤسسات الدولة الخدمية. كما نصّ على بند لافت يتضمّن ضمان «سلامة أي عسكري يضل طريقه» إلى مداخل المدينة، وأن تقوم لجان الحماية بإرجاعه ودلّه على الطريق وتأمينه.
وتزامن الاتفاق مع آخر، جرى في منطقة سوق وادي بردى نهاية الأسبوع الماضي، قالت مصادر محلية إنه تضمّن فتح الطرقات وإدخال 1500 سلة غذائية للمنطقة. وانتقد إسلاميون الاتفاق، معتبرين أنه «خيانة بحق عشرات الشهداء في المنطقة».
من جهة ثانية، بدأ الجيش السوري عملية عسكرية لاستعادة السيطرة على بلدة عدرا في الغوطة الشرقية. وقال مصدر عسكري أن وحدات من الجيش والقوات المسلحة أطلقت عملية باتجاه عدرا البلد وأحكمت الطوق حولها، فيما قالت مصادر إن الجيش أحكم سيطرته على معامل للغاز ومواد التنظيف والإنشاءات المعدنية والنقل الداخلي في البلدة.
وفي دير الزور، أفادت مصادر ميدانية عن قيام «داعش» بتفجير كنيسة شهداء الأرمن في المدينة، والتي تعتبر أحد أهم المواقع التي يقصدها الأرمن سنوياً في ذكرى المجازر.

زياد حيدر

المصدر: السفير