اشتباكات القدس تزداد عنفاً... والتخوف الإسرائيلي كذلك
استشهد مساء أمس الفتى عروة حامد (15 عاماً) خلال مواجهات عنيفة اندلعت بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين في بلدة سلواد شرق رام الله شمال الضفة المحتلة. ودارت طوال أمس اشتباكات بين متظاهرين فلسطينيين وقوات الاحتلال في أحياء متفرقة في القدس المحتلة، فيما اعتقلت الشرطة الإسرائيلية وقوات المستعربين عدداً من المشاركين في التظاهرات التي انطلقت احتجاجاً على إجراءات الاحتلال القمعية وقتل الشهيد عبد الرحمن الشلودي.
ومنذ الصباح انتشرت القوات الإسرائيلية بكثافة في المدينة وحولها وفقاً لتعليمات عليا من حكومة العدو، وفرضت قيوداً تتعلق بالسن المسموح له بالدخول إلى الأقصى. ووقعت اشتباكات كبيرة في حي وادي الجوز ورأس العمود حيث صلى مئات الشبان في الشوارع بعدما منعوا من دخول المسجد.
وفي الخليل، جنوب الضفة، ونابلس، شمالها، أصيب عشرات الفلسطينيين بالرصاص المطاطي والاختناق بالغاز أثناء تفريق جيش الاحتلال مسيرات منددة بالممارسات الإسرائيلية في المسجد الأقصى، وفق شهود عيان. وفي مخيم الجلزون للاجئين، قرب رام الله، اندلعت مواجهات عنيفة في الموقع مع قوة عسكرية إسرائيلية ما أدى إلى إصابة العشرات بالاختناق.
في سياق متصل، قال مدير «مركز معلومات وادي حلوة» في سلوان، جواد صيام، إن محكمة إسرائيلية قررت أن تجري مراسم دفن الشلودي المتهم بدهس إسرائيليين في القدس، اليوم السبت بمشاركة 80 شخصاً فقط، ودون السماح بمراسم وداع له، واصفاً القرار بـ«الظالم». وبيّن صيام أن القرار نصّ على أن تجري عملية الغسل للميت في مقبرة باب الأسباط القريبة من أسوار البلدة القديمة في القدس، وهي قريبة من المكان الذي سيسلم فيه جثمان الشلودي لذويه من أجل دفنه.
وتتهم السلطات الإسرائيلية الشهيد بتعمد مهاجمة موقف للقطار الخفيف في حيّ الشيخ جراح في القدس بسيارته الأربعاء الماضي، ما أدى إلى وفاة طفلة إسرائيلية وإصابة ثمانية مستوطنين بجروح متفاوتة قبل أن يطلق شرطي إسرائيلي النار عليه ويقتله. لكن صيام لفت إلى أن المخابرات الإسرائيلية «ترفض قرار المحكمة وتصر على تسليم الجثمان الساعة الواحدة من ليل السبت وأن تقتصر الجنازة على 20 شخصاً فقط».
وبينما ضجت الصحف الإسرائيلية بالتركيز على ما يدور في القدس، ذكرت صحيفة «هآرتس» أنه على خلفية «عملية الدهس» الأخيرة والتوتر الأمني، قررت «اللجنة الإقليمية» للقدس الاجتماع في الأسبوع المقبل لمناقشة تسريع خطة إقامة مئات الوحدات الاستيطانية خلف الخط الأخضر (الأراضي المحتلة). وأشارت الصحيفة إلى أن «اللجنة الإقليمية للبناء والتخطيط» ستناقش الثلاثاء المقبل خطة إقامة 1600 وحدة سكنية في الحيّ الحريدي (المتدين) في رمات شلومو، مشيرة إلى أن هذه الخطة كانت قد أثيرت في 2010، وأدت إلى أزمة ديبلوماسية مع الإدارة الأميركية، كما أثيرت نهاية 2012 رداً على اعتراف الأمم المتحدة بفلسطين كدولة مراقبة.
وتناولت باقي الصحف الأحداث على وجهات نظر مختلفة. فقد أبرزت «إسرائيل اليوم» تصريحات لرئيس وزراء العدو، بنيامين نتنياهو، تعهد فيها إعادة الهدوء إلى القدس، مشيرة إلى إصداره أوامر للدفع بقوات كبيرة إلى المنطقة، و«تحقيق السيادة في كل أجزاء المدينة». وفي رأي مخالف من الحكومة، نقلت الصحيفة عن وزيرة القضاء المكلفة ملف التفاوض مع الفلسطينيين، تسيبي لفني، دعوتها إلى «وقف التصريحات الحماسية ومشاريع القوانين غير المسؤولة واستفزازات البناء أو الاحتفالات في ظلمة الليل بالاستيلاء على منازل في مناطق إسلامية»، مضيفة أن «خطوة زائدة واحدة الآن من شأنها أن تدهور القدس وتدهورنا كلنا معها».
«هآرتس» عادت وقالت في افتتاحيتها إن شرارة «موجة العنف» الحالية كانت اختطاف وقتل الطفل محمد أبو خضير مطلع تموز الماضي. ورأت أن الحل في القدس لن يتحقق «عبر قوة جديدة أو إنفاذ آخر للقانون»، مضيفة أن «العنف لم يولد في المدينة من فراغ ولن ينتهي أمام التصميم الذي يظهره رئيس الوزراء».
أما بن كاسبيت، في صحيفة «معاريف»، فرأى أن الأمر الوحيد الذي يجب عمله الآن هو «محاولة خفض اللهيب بسلسلة سريعة من الخطوات الرامية إلى تهدئة الخواطر، وهو عكس ما يفعله نتنياهو تماماً». فيما رأى المحلل في الصحيفة نفسها، أليكس فيشمان، أنه لا حاجة إلا إلى إحراق بساط داخل المسجد الأقصى لإشعال المنطقة كلها، مضيفاً: «في إسرائيل لا يتأثرون بالانتفاضة المصغرة في القدس وكأنهم في سبات الدب».
المصدر: الأخبار+ وكالات
إضافة تعليق جديد