هل بدأت واشنطن باعتماد استراتيجية جديدة في حربها على سوريا و"داعش"؟
مواقف عديدة وعوامل مستجدة دفعت بالدبلوماسية الغربية إلى الاعتقاد بأنّ واشنطن بدأت فعلاً بتغيير استراتيجيتها في المنطقة بعد خسارة الرئيس الأميركي باراك أوباما وحزبه الديمقراطي لمصلحة الجمهوريين، في ظلّ خوضهم للمعركة تحت شعارات السياسات الخارجية والشرق اوسطية تحديدًا وموقف إدارة أوباما من الأزمة السورية أولا، ومن ثمّ ما يُسمّى بدولة الخلافة الاسلامية ثانيًا، وتوقف عملية السلام بين الفلسطينيين والاسرائيليين ثالثًا وليس أخيرًا، إضافة إلى تعاطيها مع الملف النووي الايراني وما يمكن أن يتصل به من ملفات متعلقة بالعراق واليمن وسائر الدول التي شهدت على الربيع العربي وتأثرت بتداعياته وسلبياته.
ما يعزز هذا الاعتقاد بالنسبة لدبلوماسي أممي عربي الاصل هو الاداء المستجد للادارة الاميركية الضائعة بالبحث عن البدائل المنطقية والسبل الآيلة إلى خفض منسوب التوتر في المنطقة، بعد أن اقتربت "داعش" من الدول الحليفة لواشنطن بالرغم من كلّ محاولات إبعادها وحصرها ضمن نطاق جغرافي محدّد الاهداف، إضافة إلى أخطاء مميتة في احتساب الوقت وقدرة الحلفاء الاقربين والابعدين، ناهيك عن فشلها في تشكيل نواة عسكرية موالية لها بالكامل، تأتمر بها وتتحرك وفق أجندتها وحدها بما يسهل عليها عملية الانقضاض على عدوّين لدودين في وقت واحد وهما سوريا و"داعش"، والمقصود هنا بحسب الدبلوماسي المحور الذي تنتمي اليه سوريا أي ايران وروسيا.
لا يغفل الدبلوماسي ما يسمّيها أسباب فشل الاستراتيجية الاميركية، وأبرزها عدم قدرة المخابرات الاميركية الخارجية على تقدير ردة الفعل الروسية، وسرعة حركة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لجهة اتخاذ القرارات الحاسمة وترجمتها على وجه السرعة، بحيث انقلب المشهد في أوكرانيا لمصلحته كما تحول الملف الايراني لمصلحة المفاوض الايراني، إضافة إلى ظهور نتائج الدعم العسكري المباشر للجيش السوري من خلال تحقيق إنجازات محسوبة في حلب وادلب والغوطة، ما يعني أنّ المشهد برمته تحول إلى رمال متحركة لا يمكن الركون لها ولا السير فوقها خصوصًا أنّ دول المحور المعني هي الخبيرة بواقع الارض وبمكافحة الارهاب.
ويتوقف الدبلوماسي عند الموقف الاخير لوزارة الدفاع الاميركية، ويتضمن تلميحًا الاعلان عن فشل الحرب الجوية على دولة الخلافة ودعوة مبطنة لتحويل الحرب عليها إلى برية، بعد دعم المعارضة السورية من جهة والجيش العراقي من جهة ثانية من دون الاخذ بالاعتبار أنّ الوقت لا يلعب أبدًا إلى جانب التحالف، وأنّ تجهيز الأرض قتاليًا يحتاج إلى وقت طويل، في حين تسعى روسيا للعب دور سياسي فاعل في ايجاد الحلول السياسية للازمة السورية عبر ترتيب اجتماعات بين النظام ومعارضيه في العاصمة الروسية وبالتالي الحلول مكان واشنطن في ادارة الازمة الطارئة على اعتبار أنّ التحولات بدأت تتخذ سبلا جديدة.
أنطوان الحايك
المصدر: النشرة الالكترونية اللبنانية
إضافة تعليق جديد