الأنبار تستنجد وواشنطن قلقة على مصفاة بيجي
قادت العمليات العسكرية المتواصلة للقوات العراقية ضد تنظيم «داعش» في محافظة صلاح الدين، أمس، إلى مقتل نائب الرئيس العراقي الأسبق عزة الدوري بكمين استهدف موكبه أثناء تنقله شرق تكريت، مسقط رأسه، بعد ورود معلومات عن وجود زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي في الموكب، بحسب ما أعلن مسؤول عراقي.
وفي هذه الأثناء، واصل مسلحو «داعش» هجومهم على المجمع الحكومي في مدينة الرمادي مقتربين منه، في معارك شرسة استبسلت فيها القوات المدافعة عنها، في ظل اتهام مسؤولين محليين في الأنبار لطائرات «التحالف الدولي» بعدم تأمين الغطاء الجوي المناسب للمدافعين، بينما توجهت وحدات من «الحشد الشعبي» إلى المحافظة للدفاع عنها.
وفي وقت تتواصل المعارك في مصفاة بيجي التي تمكن مسلحو «داعش» من السيطرة على أجزاء منها، اعتبر رئيس هيئة أركان الجيوش الأميركية مارتن ديمبسي أن بيجي لها «أهمية استراتيجية أكبر من الأنبار»، بالنظر إلى البنية التحتية النفطية الحيوية الموجودة فيها.
ولم يستبعد ديمبسي احتمال سقوط الرمادي (مركز الأنبار) لفترة مؤقتة، قائلاً في مؤتمر صحافي في مقر وزارة الدفاع الأميركية، إنه من «الأفضل كثيرا ألا تسقط الرمادي لكنها لن تكون نهاية الحملة إذا سقطت، سيتعين علينا أن نستعيدها».
التطورات الأمنية العراقية لم تقتصر على صلاح الدين والأنبار، بل امتدت إلى أربيل عاصمة إقليم كردستان بعد هجوم استهدف القنصلية الأميركية في المدينة تخللته تفجيرات وإطلاق نار، في تطور يعد الأبرز في مركز عمليات قوات «التحالف الدولي» في العراق.
وجاء الإعلان عن مقتل الدوري الذي يعد أحد أبرز قيادات نظام صدام حسين والملاحق منذ احتلال العراق في العام 2003، على لسان محافظ صلاح الدين رائد الجبوري الذي أكد لقناة «العربية» أنه «قتل في عملية عسكرية كبيرة»، مشيراً إلى أنه قتل مع مجموعة من «الإرهابيين» ثلاثة منهم كانوا «انتحاريين» فجروا أنفسهم، مؤكداً أن نتائج تحليل الحمض النووي لجثة الدوري ستعلن قريبا.
ويعد الدوري أحد أبرز شخصيات النظام العراقي السابق التي قامت بدور مهم خلال الأحداث الأخيرة في العراق، حيث كان يعتبر أحد «العقول المدبرة» لتنظيم «داعش»، بعد أن شكل وهو القائد الفعلي لـ «حزب البعث»، أحد أكبر كوابيس الحكومات العراقية المتعاقبة بعد سقوط نظام صدام حسين. وقد أعلن مرارا عن مقتله في السنوات الماضية.
وأعلن الأمين العام لمنظمة «بدر» هادي العامري، أن الدوري قتل في المنطقة المحصورة بين ناحية العلم وجبال حمرين، وقال إن «قوة من اللواء الخامس في الحشد الشعبي بالاشتراك مع قوة من حشد ناحية العلم» تمكنت من قتله بعد رصده في موكب مؤلف من ثلاث سيارات، إحداها رباعية الدفع والأخريان نوع «بيك اب»، في وقت تبنت حركة «عصائب أهل الحق» العملية.
ولفت المتحدث باسم الحركة نعيم العبودي في حديث لـ «السومرية» إلى أن «عصائب الجبور الذين انضموا مؤخرا للحركة» شاركوا في الكمين الذي أدى إلى مقتل الدوري، وأضاف أنه تم التأكد من مقتله من خلال شكل الجثة، التي نقلت إلى بغداد.
وكان قيادي بعثي قد أكد لـ «السفير» في وقت سابق أن «مكان وجود الرفيق أبو أحمد (الدوري) يجهله الكثيرون، فهو كثير التنقل ولا يستقر في محافظة معينة أكثر من شهر واحد خوفاً من كشف موقعه»، رافضا الحديث عن آخر مكان كان فيه، مشيراً إلى أنه «كثير التنقل ما بين تكريت والموصل، وتركيا واليمن والسعودية.. كما دار حديث مؤخراً عن ذهابه إلى إحدى المناطق في شمال لبنان».
وقال المتحدث باسم «الحشد الشعبي» كريم النوري، إن قوات «الحشد» شاركت في العملية رغم أنها اعتقدت أن الهدف كان زعيم تنظيم «داعش» أبو بكر البغدادي، وأضاف أن «الحشد» تلقى معلومات من مصادره بأن شخصاً مهماً كان في مدينة الحويجة، ونصبوا كميناً له وان المعلومات كانت تشير إلى أن الرجل هو البغدادي لكن اتضح أنه الدوري.
وفي التفاصيل أكد آمر اللواء الخامس في «الحشد الشعبي» أبو ضرغام المطوري، أن «معلومات استخبارية» مكنت «الحشد» والقوات الأمنية من قتل الدوري مرجحاً أنه كان موجوداً في تكريت وهرب بعد انسحاب «الحشد» من المدينة، مشيراً إلى «تسعة أفراد أحدهم قيادي» لم يتم التعرف عليهم قتلوا معه، «في منطقة محصورة بين العلم وشمال حمرين.. بين حقل علاس ومرتفعات حمرين».
إلى ذلك، تواصلت الاشتباكات بين مسلحي «داعش» والقوات العراقية في مدينة الرمادي مركز محافظة الأنبار، ووصلت إلى مشارف المدينة، بعدما تواصلت تحذيرات المسؤولين المحليين من إمكانية سقوطها بيد التنظيم المتشدد ما لم تصل تعزيزات عاجلة إليها، كما تواصلت الاشتباكات الدائرة في مصفاة بيجي منذ يومين.
وذكرت مصادر في الشرطة وأعضاء مجالس محلية أن التنظيم بات على مسافة لا تزيد عن نصف كيلومتر من وسط الرمادي، بينما يهرع كثير من السكان لمغادرة المدينة وهم يلوّحون بالأعلام البيضاء، ووصف رئيس مجلس المحافظة صباح كرحوت «الوضع في الأنبار بالحرج».
وقال محافظ الأنبار صهيب الراوي عبر التلفزيون الرسمي العراقي إن «جميع أبناء العراق» محل ترحيب للمشاركة في تحرير المحافظة من «داعش» في إشارة إلى أنه لا يعارض مشاركة «الحشد الشعبي»، وقال مصدر في الشرطة إن مجموعات من «الحشد» وصلت إلى الرمادي للمشاركة في محاولة التصدي لـ «داعش»، بينما نقلت وكالة «رويترز» عن نائبين لمحافظ الأنبار (لم تسمهما) اتهامهما لـ «التحالف» الذي تقوده الولايات المتحدة بعدم تنفيذ ضربات جوية كافية للمساعدة في إنقاذ المدينة.
وفي بيجي اشتبك مقاتلو «داعش» مع قوات الأمن داخل المصفاة بعدما اخترقوا محيطها وسيطروا على عدة منشآت منها نقطة توزيع وصهاريج تخزين، وتمكنوا من التشبث بالمناطق التي سيطروا عليها في داخلها.
وقال مصدر في قيادة العمليات العسكرية بمحافظة صلاح الدين إن كتيبة من الجيش العراقي وصلت للمساعدة في الدفاع عن المصفاة، وإن المتشددين لم يتمكنوا من السيطرة على أي منشآت رئيسية للبنية التحتية.
وفي تطور أمني لافت، تبنى تنظيم «داعش» هجوماً على القنصلية الأميركية في أربيل، في وقت أكدت وزارة الخارجية الأميركية أن الهجوم استهدف قنصليتها، معلنة عن عدم وجود إصابات في صفوف الأميركيين العاملين فيها.
ونقل موقع «سايت» عن أحد الحسابات التابعة لتنظيم «داعش» على موقع «تويتر» أن «فرعه في كركوك» نفذ عملية بسيارة مفخخة على القنصلية الأميركية، ما أدى «إلى مقتل وجرح عدد كبير منهم».
من جهته، قال رئيس بلدية أربيل إن سيارة ملغومة انفجرت عند مدخل القنصلية الاميركية في اربيل، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص على الأقل وإصابة خمسة أشخاص آخرين.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد