الأسد: لا حل سياسياً قبل وقف التدخل الخارجي
استبعد الرئيس بشار الاسد التوصل الى تسوية قريبة للصراع في سوريا، مشيراً الى ان ذلك لا يمكن ان يتم الا بتوقف التدخلات الخارجية بأشكالها كافة، وخصوصا ان «الدول التي تدعم الإرهاب تفرض شخصيات تمثلها في أي حوار، وهي لا تمثل الشعب السوري». كما رأى ان «الولايات المتحدة لا تريد للإرهاب أن ينتصر كما لا تريد له أن يضعف إلى درجة تسمح بتحقيق الاستقرار في المنطقة بل تريد أن تبقى الأمور تسير باتجاه الفوضى».
وقال الرئيس الاسد، في مقابلة مع قناة «المنار»، رداً على سؤال بشأن احتمال التوصل الى حل قريب للازمة في سوريا، «لا يمكن القول بأننا وصلنا إلى ربع الساعة الأخير حتى يتوقف أساس المشكلة في سوريا، فهناك تفاصيل كثيرة، وعوامل متداخلة»، لافتاً الى ان «جوهر المشكلة هو التدخل الخارجي، ودفع الأموال، وإرسال السلاح والإرهابيين إلى سوريا».
واضاف الاسد «عندما نصل إلى المرحلة التي تتوقف فيها الدول المنغمسة في التآمر على سوريا عن دعم الإرهاب، عندها نستطيع أن نقول بأننا وصلنا إلى ربع الساعة الأخير، لأن التفاصيل الأخرى في ما يسمى حلاً سياسياً أو مساراً سياسياً أو أي شيء مشابه، أو أية إجراءات أخرى، تصبح تفاصيل سهلة ليست ذات قيمة».
وردا على سؤال بشأن رؤيته الى الحل السياسي، قال الرئيس الاسد: «أنا لا أستخدم عبارة (حل سياسي)، وانما عبارة (مسار سياسي)»، معتبراً انه «لكي يكون للمسار السياسي تأثير لا بد أن يكون بين قوى سياسية سورية مستقلة تنتمي الى الشعب السوري وجذورها سورية».
وردا على سؤال بشأن دخول سلطنة عمان على خط الأزمة السورية، وزيارة وزير الخارجية السوري وليد المعلم الى مسقط، قال الرئيس الاسد ان «لعمان دوراً مهماً في التعامل مع نقاط التوتر المختلفة في منطقتنا، لدفعها باتجاه البرود، ولاحقاً الحل، ومن البديهي أن تكون زيارة وزير الخارجية قد أتت في إطار بحث الأزمة السورية.. ومن البديهي أيضاً أن يكون الدور العماني هو المساعدة في حلها».
واشار الرئيس الاسد الى ان هذه اللقاءات «كانت تهدف الى استطلاع التصور السوري لكيفية الحل، وفي الوقت ذاته هم (العمانيون) يستطلعون الأجواء الإقليمية والدولية من خلال علاقاتهم للوصول الى شيء محدد»، لكنه رأى انه «من المبكر الحديث عن طبيعة الدور الذي يمكن أن تلعبه عمان»، قائلاً «علينا أن ننتظر استمرار هذا الحوار ومتابعته لكي نحدد لاحقاً كيف تذهب الأمور».
وحول تكرر الاعتداءات الاسرائيلية على سوريا، قال الرئيس الاسد: «لو عدنا الى تجربة لبنان خلال العقود الماضية، لوجدنا ان الذي جعل اسرائيل تتجرأ على اللبنانيين هو أن جزءاً منهم كان يرتبط بالخارج، وبعضهم كان يرتبط بإسرائيل... الشيء ذاته يمكن قوله بالنسبة الى سوريا، فعندما تكون هناك مجموعات سورية تقبل بالتعامل مع الأعداء وتستدعيهم للتدخل في سوريا فهذا يجرّئ الآخرين على الوطن».
ووافق الرئيس الاسد على حديث الامين العام لـ «حزب الله» السيد حسن نصرالله عن تغير قواعد الاشتباك مع اسرائيل، وقال «مع الأخذ في الاعتبار الفارق بين الساحة السورية والساحة اللبنانية»، موضحاً ان «الحدود بين المقاومة وإسرائيل هي المقاومة من الجانب اللبناني.. أما الحدود الآن بيننا وبين إسرائيل فهي عملاء إسرائيل».
وحول تقييم عمل مبعوث الامم المتحدة إلى سوريا استيفان دي ميستورا، قال الاسد «من الصعب أن يأتي شخص بموافقة الولايات المتحدة والغرب لأنه حيادي. لو كان حيادياً لما أتوا به».
ورداً على سؤال بشأن الجهود الروسية لعقد مؤتمر «جنيف 3»، قال الاسد: «نحن نثق بالروس ثقة كبيرة، وهم أثبتوا خلال هذه الأزمة منذ أربع سنوات أنهم صادقون وشفافون معنا بالعلاقة ومبدئيون. لذلك عندما يلتقون بأطراف مختلفة لا يوجد لدينا قلق بشأن محاولة هذه الأطراف تشويش الصورة الحقيقية».
واضاف «الروس لديهم علاقات وثيقة مع سوريا، وقادرون على معرفة كل ما يحصل بدقة، ونعتقد أن هدف الروس هو جلب القوى السياسية باتجاه الحوار من أجل قطع الطريق على دعوات الحرب».
وبشأن الفارق بين وجود مقاتلين لـ «حزب الله» على الأرض السورية، وبين أن يكون لدى الطرف الآخر مقاتلون من جنسيات غير سورية، قال الرئيس الأسد: الفارق هو الشرعية. دخول حزب الله أتى بالاتفاق مع الدولة السورية، وهي دولة شرعية، وبالتالي هي تمثل الشعب السوري... ومن حقها أن تدعو قوى للدفاع عن الشعب السوري، في حين ان القوى الأخرى إرهابية أتت من أجل قتل الشعب السوري، وذلك من دون إرادة الشعب والدولة التي تمثل هذا الشعب».
وحول المبادرة الروسية بشأن تشكيل تحالف اقليمي ضد الارهاب، قال الاسد ان «أي تحالف أو عمل أو إجراء أو حوار يؤدي إلى وقف نزيف الدم السوري يجب أن يكون بالنسبة لنا أولوية وأن نذهب باتجاهه من دون تردد. ومن الناحية المنطقية، لا يمكن لدول وقفت مع الإرهاب أن تكون هي نفسها التي ستحارب الإرهاب.. ولكن يبقى احتمال بسيط أن هذه الدول قررت التوبة أو عرفت بأنها كانت تسير بالاتجاه الخاطئ».
وتطرق الرئيس الاسد الى المخططات التركية لاقامة منطقة عازلة في شمال سوريا، قائلاً: «أردوغان لديه أحلام.. أحلام كبيرة أن يكون زعيماً.. أن يكون سلطاناً إخوانياً.. هو يريد أن يدمج ما بين تجربة السلطنة (العثمانية) وتجربة الإخوان المسلمين الجديدة التي بنى آماله الكبيرة عليها في البدايات في مصر وتونس بالدرجة الأولى». واضاف «هذه الأحلام انهارت بحكم الواقع... بقيت لديه آمال في أن يستجيب أسياده لحلم المنطقة العازلة، وهو الحلم الأخير».
وفي ما يخص العلاقات مع مصر، قال الاسد ان «التواصل بين سوريا ومصر لم ينقطع حتى في ظل (الرئيس المعزول محمد) مرسي». واضاف «هناك عدد من المؤسسات في مصر رفضت قطع العلاقة واستمرت بالتواصل مع سوريا، وكنا نسمع منها خطاباً وطنياً وقومياً واخوياً يعبر عن ما كنا نراه من الشارع المصري».
وتابع «لا أريد أن أحمل الأخوة في مصر المسؤولية. قد تكون الظروف ضاغطة جداً. ما نريده نحن في المرحلة الأولى ألا تكون مصر منصة انطلاق ضد سوريا أو ضد غيرها من الدول العربية، ولكن في المرحلة الثانية نريد من مصر أن تلعب دور الدولة المهمة».
ورأى الرئيس الاسد ان «العلاقات بين سوريا ومصر هي التي تحقق توازناً على الساحة العربية... وهذا موضوع معروف عبر العصر الحديث ولكن كان معروفاً أيضاً بالنسبة للفراعنة الذين كانوا يعتقدون أن أمنهم القومي في ذلك الوقت موجود في سوريا».
وتابع «أعتقد أن هذا الوعي نما اليوم.. وسوريا تعتقد أنها في خندق واحد مع الجيش المصري ومع الشعب المصري في مواجهة الإرهابيين الذين يبدلون مسمياتهم كما تبدل مسميات أي منتج فاسد».
السفير
إضافة تعليق جديد