الأسد يستقبل بن علوي والجيش يسيطر على خمسين نقطة في ريف حلب الجنوبي
فتحت سلطنة عمان مساراً جديداً في مشهد الأزمة السورية، عندما حطَّ وزير الخارجية العُماني يوسف بن علوي في دمشق بشكل مفاجئ أمس، حيث التقاه الرئيس بشار الاسد، في ظل قطيعة خليجية مفروضة على العاصمة السورية منذ أكثر من أربعة أعوام.
ولم يرشَح الكثير عن زيارة بن علوي لدمشق، لكن مجرّد حدوثها أشاع الكثير من التوقعات في ظل الحراك السياسي المتصاعد الذي باتت تشهده الأزمة السورية، خصوصاً منذ انطلاق «عاصفة السوخوي» الروسية قبل نحو شهر.
ولم يكن التكتّم العماني مفاجئاً، اذ تحرص الديبلوماسية العمانية، كعادتها، على إحاطة خطواتها واتصالاتها لحلحلة العُقَد في الأزمات المستعصية، بستار من الكتمان، وإن كانت ترسل إشارات تبقى في إطار العموميات، في انتظار أن تصل جهودها إلى الغاية المتوخاة.
هكذا كان الأمر في شأن العديد من الأزمات الإقليمية، كالأزمات المتعاقبة بين إيران والولايات المتحدة، وآخرها أزمة الملف النووي، الذي دفعت السلطان قابوس إلى زيارة طهران، وهي من الحالات النادرة التي يغادر فيها بلاده، والتي أعقبتها انفراجات تدريجية في هذا الملف، وكذلك في الأزمة اليمنية التي لعمان موقف متميز في شأنها، يتيح لها أن تكون مقصداً لمن يريد الحوار من بين أطراف الأزمة، التي تحظى باهتمام كبير نظراً للتجاور الجغرافي بين عمان وكل من السعودية واليمن.
الأمر نفسه ينطبق على الملف السوري. وقد زار بن علوي دمشق أمس، والتقى الرئيس بشار الأسد، وذلك بعد ايام على زيارة الى مسقط قام بها وفد من «الائتلاف السوري» المعارض، وقبله زار العاصمة العمانية وزير الخارجية السوري وليد المعلم، كما أن هذا الملف كان محور الاتصال الذي أجراه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع السلطان قابوس مؤخراً.
في مسقط يتحدث بعض المتابعين للنشاط الديبلوماسي العماني عن «حراك ما» يجري في شأن سوريا، لمسقط دور فيه، لكنه ليس الدور الوحيد. ويوضح مسؤول عماني أن ما يهم مسقط هو الوصول إلى نتائج ايجابية، بغض النظر عما إذا تم تسليط الأضواء على الدور العماني أم لا. لا مبادرة عمانية في الشأن السوري ولكن محاولة تقريب وجهات النظر بين الأطراف المعنية بهذا الملف.
التصريحات الرسمية تتحدث عن وجوب الحوار بين الجميع للوصول إلى حل للأزمة السورية، على غرار ما قاله أمس وكيل وزارة الخارجية للشؤون الديبلوماسية أحمد بن يوسف الحارثي، الذي أشار إلى أن لعمان اتصالات مع جميع الأطراف.
ولكن من أين يبدأ الحوار؟ مسؤول عماني أوضح، أنه «لا يمكن إقامة حوار يبدأ شرطه الأول بإسقاط الأسد»، وأن الحل السياسي يتطلب قدراً من الواقعية من جانب الجميع.
وكالة الأنباء العمانية أشارت في خبرها عن عودة بن علوي إلى مسقط ولقائه الأسد إلى انه «تم خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع في المنطقة، لا سيما الحرب على الإرهاب في سوريا، والأفكار المطروحة إقليمياً ودولياً للمساعدة في إيجاد حل للأزمة في سوريا. وعبّر الأسد عن تقدير الشعب السوري لمواقف سلطنة عمان تجاه سوريا، وترحيبه بالجهود الصادقة التي تبذلها لمساعدة السوريين في تحقيق تطلعاتهم بما يضع حداً لمعاناتهم من الإرهاب ويحفظ سيادة البلاد ووحدة أراضيها». وشدد على أن «القضاء على الإرهاب سيسهم في نجاح أي مسار سياسي في سوريا».
وقال بن علوي، الذي التقى المعلم، إن «السلطنة تبذل قصارى جهدها للمساعدة في التوصل لحل الأزمة السورية، مؤكداً أهمية وحدة واستقرار سوريا بما يخدم أمن واستقرار المنطقة والحفاظ على مصالح شعوبها».
روسيا
في هذا الوقت، واصلت موسكو جهودها الديبلوماسية لإيجاد حل سياسي للأزمة. وذكر الكرملين، في بيان، أن بوتين تلقى اتصالاً من الملك السعودي سلمان تم خلاله بحث الأزمة السورية. وأضاف أن «الزعيمين الروسي والسعودي تبادلا خلال المكالمة الهاتفية، الآراء حول مجموعة من المسائل المتعلقة بتسوية الأزمة السورية، بما في ذلك الأخذ بعين الاعتبار مخرجات اللقاء بشأن سوريا الذي جمع وزراء خارجية روسيا والسعودية والولايات المتحدة وتركيا في فيينا الجمعة (الماضي)، بالإضافة إلى ما تلى الاجتماع من لقاءات أخرى جرت بصيغ مختلفة».
كما أن وزيري خارجية روسيا سيرغي لافروف والولايات المتحدة جون كيري أجريا اتصالاً هاتفياً، هو الثالث على التوالي بينهما في ثلاثة أيام.
وذكرت وزارة الخارجية الروسية، في بيان، أن لافروف وكيري بحثا العملية السياسية السورية، موضحة أن الاتصال ركّز على ما يمكن عمله لإشراك القوى الإقليمية الأخرى في العملية السياسية. وأشارت إلى أن الجانبين «ناقشا الخطوات التي يمكن اتخاذها لتشجيع الجهود الرامية إلى إقامة العملية السياسية في سوريا بمشاركة جميع الدول الأساسية في المنطقة». كما بحث لافروف في اتصال هاتفي أجراه بنظيره الإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان التسوية السورية.
ونقلت وكالات أنباء روسية عن نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف قوله إن ممثلين عن «الجيش السوري الحر» زاروا موسكو. وقال «إنهم يتواجدون هنا (في موسكو) دائما، وهم مختلفون، إذ هناك من يأتي ومن يغادر، لكن جميعهم يقولون إنهم ممثلون عن الجيش السوري الحر».
وفي باريس، أعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية رومان نادال، في بيان، أن فرنسا تحضّر لاجتماع حول سوريا في باريس اليوم، يشمل «ابرز الأطراف الإقليمية». وقال «نعمل على تنظيم اجتماع جديد يشمل ابرز الأطراف الإقليمية هذا الثلاثاء في باريس».
وكان وزير الخارجية الفرنسي لوران فابيوس أعلن الجمعة الماضي انه يريد عقد لقاء يضم نظراءه الغربيين والعرب لبحث الأزمة السورية. وقال «لقد وجهت دعوة إلى أصدقائنا الألماني والبريطاني والسعودي والأميركي وآخرين لعقد اجتماع الأسبوع المقبل في باريس في محاولة لدفع الأمور قدما»، موضحاً انه لن يتم دعوة روسيا إلى الاجتماع الحالي.
واعتبر المتحدث باسم وزارة الخارجية الألمانية مارتن شيفر، في مؤتمر صحافي في برلين، أن الحكومة الألمانية لا تتخيل أي سيناريو يؤدي فيه الأسد دوراً في حكومة انتقالية بسلطات تنفيذية كاملة. وقال «على حد علمي هناك لاعبون كثيرون وقوى كثيرة في المنطقة، بما في ذلك تركيا والسعودية ودول خليجية أخرى، لا تتخيل هذا الأمر، ونحن لا يمكننا تخيل أيضا أن يكون الأسد جزءا من حكومة انتقالية بسلطات كاملة»، معتبراً أن الأسد مسؤول عن «جرائم وسلوكيات وحشية في الحرب»، مضيفاً «لا نعرف من سيخلف الأسد».
ميدانياً، أعلن الجيش الروسي انه ضرب 94 هدفا «إرهابيا» خلال 24 ساعة في سوريا، ما يشكل رقما قياسيا للضربات في يوم واحد منذ بدء الضربات الروسية في 30 أيلول الماضي.
وأوضح الجيش، في بيان، أن الطائرات الروسية قامت بـ59 طلعة جوية، وضربت 94 هدفاً في 24 ساعة، في محافظات حماه وادلب واللاذقية وحلب ودير الزور وفي ضواحي دمشق. وأعلن أن طائرات «السوخوي» قصفت إجمالي 285 هدفاً في 164 طلعة خلال الأيام الثلاثة الماضية.
وأكد متحدث باسم الجيش السوري، في بيان، «فرض السيطرة الكاملة على 50 قرية ومزرعة في ريف حلب الجنوبي وعدد من التلال والنقاط الحاكمة على اتجاه جب الأحمر ومحور سلمى بريف اللاذقية، وتوسيع نطاق سيطرة الجيش في مزارع نولة وحرستا بالغوطة الشرقية».
معتز ميداني
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد