إيران: كل ما هو خارج «فيينا 2» لا يعنينا
مع اقتراب إعلان الوکالة الدولية للطاقة الذرية إقفال المسألة المرتبطة بـ"الأبعاد العسكرية المحتملة" للملف النووي، وبالتالي البدء عملياً بتطبيق كافة التعهدات الإيرانية تمهيداً لتنفيذ كامل للاتفاق النووي يفضي إلى رفع العقوبات الدولية عن الجمهورية الإسلامية، يبدو أن الملف السوري سيحتل قائمة الأولويات السياسية لطهران، ما يعني التفرغ الكامل لهذا الملف بما يحمله من تطورات ميدانية وسياسية، إن كان على صعيد رفع وتيرة العمل العسكري وفتح جبهات إضافية أو من خلال الضغط السياسي ومحاولة ترجمة تقدم الميدان كورقة ضاغطة على طاولة التفاوض.
العراك الروسي التركي انسحب، أيضاً، على حيادية إيران التي خرجت عن موقفها الوسطي تجاه الأزمة بين موسكو وأنقرة، وأظهرت أولى علامات الانزعاج عبر الرد على كلام الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بأنه تواصل هاتفياً مع الرئيس الإيراني وأطلق تحذيرات لبلاده في ما يخص سوريا. الحكومة الإيرانية عاجلت الرئيس التركي بالقول إن "تصاريح أردوغان كذب محض"، وهو ما جاء على لسان المتحدث باسم الحكومة الإيرانية محمد باقر نوبخت، الذي أوضح أن الرئيس الإيراني تلقى اتصالاً من نظيره التركي، قبل أكثر من ثلاثة أشهر، جرى خلاله التطرق إلى العلاقات الثنائية وأوضاع المنطقة. وفي سياق الاتصال أعرب الرئيس التركي عن انزعاجه من قيام بعض الصحف الإيرانية بتناوله وعائلته ببعض الأخبار التي وصفت بـ"المغرضة"، فما كان من الرئيس الإيراني إلا أن وعد المتصل بمتابعة الموضوع، موضحاً أن في إيران حرية إعلامية، وحتى رجال السياسة الإيرانيون لا يسلمون من الانتقاد اللاذع.
لكن التعبير الأهم كان في وصف تصريحات أردوغان بـ"الكاذبة"، ومن ثم إضافة الرد على كلامه بالقول إن "وزير الخارجية محمد جواد ظريف كان قد أعلن سابقاً لمن هم أكبر من السيد أردوغان أن إيران لا تهدَّد، لذا فليعلم الجميع بأنه لا يمكن الحديث مع إيران بلغة التهديد والوعيد".
الخط الثاني الذي بدأت طهران بتحريكه كان عبر البعثات الدبلوماسية لدول عربية وآسيوية وأجنبية، وذلك من خلال اجتماع لمساعد وزير الخارجية للشوؤن العربية والأفريقية حسين أمير عبداللهيان مع أعضاء السلك الدبلوماسي الأجنبي المعتمد في إيران، شرح فيه موقف بلاده من الأزمة السورية، وقدم قراءة استتبعت بأسئلة وأجوبة من السفراء عن النظرة الإيرانية لـ"اجتماعي فيينا" بخصوص الأزمة السورية.
فوجئت طهران بإصرار بعض الدول على تعيين قائمة المعارضة المخوّلة التفاوض
وأوضحت مصادر دبلوماسية أن اللقاء تمحور حول ثلاثة محاور:
1- قراءة طهران لاجتماع "فيينا 2" وآفاقه المستقبلية.
2- رؤية طهران ومبادرتها للحل السياسي في سوريا.
3- إجراءات إيران لدعم الحكومة والشعب السوري.
وأشارت المصادر إلى أن الجانب الإيراني اعتبر أن "اجتماعي فيينا" يشكلان خطوة إيجابية إلى الأمام، خصوصاً من خلال اهتمام الدول المجتمعة بمكافحة الإرهاب وتبني الخيار السياسي والمساعدة في بلورة المعارضة السورية المؤمنة بالحل السياسي، وجمعها مع ممثلين عن الحكومة السورية. وفي حال توافر الظروف المناسبة لمكافحة الإرهاب وتحديد المعارضة غير المسلحة، فإن ذلك سيعطي دفعاً قوياً للمباحثات مستقبلاً.وانتقدت طهران عدم التزام بعض الأطراف ما اتُّفق عليه، ذلك أنه بعد اجتماع "فيينا 2" بدأت وجهات النظر بالتباين، وهو ما أفقد البيانات الصادرة عن الاجتماع قيمته الحقيقية لتظهر وجهات النظر الخاصة خارج قاعة الاجتماع.
وبحسب المعلومات، فإنه خلال الفترة الفاصلة بين "فيينا 1" و"فيينا 2" حصلت مشاورات بين بعض الدول المشاركة في الاجتماع وخارجه، وتقرَّر تشكيل ثلاث لجان عمل:
الأولى لتحديد لائحة المعارضة السورية، أما الثانية فتعنى بتحديد لوائح الجماعات الإرهابية المسلحة، والثالثة مهمتها تنفيذ آليات إيصال المساعدات الإنسانية.
قرار تشكيل هذه اللجان أتى قبل يومين على اجتماع فيينا الثاني، حين احتجت إيران وروسيا وبعض الدول المشاركة، كلبنان وسلطنة عمان والعراق، على ما وصف "بالإجراء الخارج عن إطار اجتماع فيينا 1".
دفع هذا الأمر إلى إعلان طهران وشركائها، خلال اجتماع "فيينا 2"، أنهم غير ملزمين بأي اتفاقيات جانبية خارج قاعة الاجتماع، في الوقت الذي لم يؤيد فيه المبعوث الأممي ستيفان دي مستورا تشكيل اللجان بهذه الطريقة، ولم يشارك أيضاً في اجتماعاتها الجانبية.
عندها، فوجئت طهران بإصرار بعض الدول على تعيينها لقائمة المعارضة السورية المخوّلة التفاوض، وأيضاً تعيين قوائم المجموعات الإرهابية، فكان الاقتراح الإيراني بأن تتحمل الأمم المتحدة هذه المسؤولية، بشخص دي مستورا، وبالتشاور مع كافة الدول المدعوة والمعنية بالأزمة السورية، إلا أن البعض لم يستجب واتجه إلى تحديد القوائم بحسب رويته الشخصية.
وختم المصدر بالقول إن "طهران لن تكون ملزمة بأي قائمة ولن توافق على أي لوائح بأسماء المعارضة والمسلحين، ما لم تُقَرّ ضمن إطار مجموعة فيينا".
حسن حيدر
المصدر: الأخبار
إضافة تعليق جديد