دي ميستورا يلتقي المعلم: اتفاق على تسهيل المهمات الإنسانية
في الوقت الذي كان فيه المبعوث الأممي إلى سوريا ستيفان دي ميستورا يفرغ حقائبه في مقر إقامته في دمشق، أمس الأول، بانتظار لقائه ووزير الخارجية السوري وليد المعلم، كان الرئيس بشار الأسد يجدد التأكيد أمام مجلس نقابة المحامين «ثبات دمشق» على سلسلة من المواقف تجاه الحرب في سوريا والعملية السياسية، بشكل لا يوحي بأن القيادة السورية تعول كثيراً على محطات جنيف، السابقة واللاحقة.
وأمس بحث دي ميستورا في اجتماعين، ثانيهما فني، العملية السياسية في جنيف، وموضوع المساعدات الإنسانية للمناطق المحاصرة على الأرض السورية.
ومدد دي ميستورا إقامته ليلة ثانية بعد أن تفاهم الطرفان على مناقشة تفاصيل فنية بشأن موضوع المساعدات الإنسانية، علما أن الخارجية السورية أعلنت، في بيان رسمي، أنها تبذل جهودا «من أجل حماية مواطنيها وإيصال المساعدات الإنسانية إليهم، خاصة في المناطق الواقعة تحت سيطرة الجماعات الإرهابية»، حيث أكد المعلم «الاستمرار بذلك انطلاقا من مسؤولياتها تجاه مواطنيها، مشيراً إلى أن هذه الجهود لا علاقة لها إطلاقاً باجتماعات جنيف. وأكد «ضرورة رفع الإجراءات الأحادية الظالمة، المفروضة من قبل الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والتي ساهمت إلى حد كبير في زيادة معاناة الشعب السوري».
ووافقت لاحقاً الحكومة السورية على إدخال مساعدات إلى كل من مضايا والزبداني والمعضمية في ريف دمشق والفوعة وكفريا في ريف ادلب.
وعرض دي ميستورا، الذي أعلن لاحقاً أنه ناقش والمعلم «قضية دخول المساعدات الإنسانية إلى كل المناطق المحاصرة»، نتائج اجتماع جنيف الأخير، فأوضح ما «جرى في اجتماع المجموعة الدولية لدعم سوريا في ميونيخ، والجهود لتطبيق ما صدر عنه وبياني فيينا وقرارات مجلس الأمن الدولي، وآخرها القرار 2254».
وقال: «الدخول إلى هذه المناطق سيتم بقوافل ومن خلال تنسيق فريق الأمم المتحدة بالبلاد... من واجب الحكومة السورية الوصول إلى كل شخص أينما كان والسماح للأمم المتحدة بجلب المساعدات الانسانية.. سنختبر هذا غدا».
من جانبه، جدد المعلم «تأكيد موقف الحكومة السورية بشأن مواصلة الالتزام بحوار سوري - سوري بقيادة سوريا، ومن دون شروط مسبقة، وان الشعب السوري وحده صاحب القرار في تقرير مستقبله، حيث أثبتت الحكومة السورية ووفدها الرسمي إلى جنيف صدقية موقفهم وجديتهم في جهود حل الأزمة في سوريا»، مشدداً على «ضرورة الالتزام بما جاء في قرار مجلس الأمن حول وجود أوسع طيف من المعارضات السورية».
ويأتي كلام المعلم، بعد يوم على تصريحات الأسد التي أعادت التركيز على «الجهود المحلية» لإنهاء الحرب، لا التسوية الدولية. وكان واضحاً من عدة محاور في خطاب الأسد الطويل أن «سقف دمشق السياسي أكثر ارتفاعاً من أية جهود إقليمية أو دولية» تبذل في جنيف وغيرها.
ومن بين ما هو لافت، إشارة الأسد إلى استحقاق الانتخابات التشريعية المقبلة بداية صيف هذا العام، والتي كان البعض يعتبر احتمال تأجيلها مؤشراً على «رغبة أو إيمان دمشق باحتمال انجاز تقدم في جنيف أو غيرها من اللقاءات».
لكن الأسد كان واضحاً باعتبار الموعد موعد استحقاق «دستوري» داخلي سوري، ووفقا للدستور القائم منذ أربع سنوات، والذي بدوره جدد التأكيد عليه باعتباره «مرجع أي عملية سياسية مستقبلية». وقال الأسد بوضوح إن «أي عملية يجب أن تبقى خاضعة لهذا الدستور، ولا يتوقف العمل بالدستور الحالي إلا إذا توصلنا في حوار ما، في بنية ما، لاحقاً لدستور جديد يصوت عليه الشعب السوري كما حصل منذ حوالي ثلاثة أو أربعة أعوام في الدستور الحالي، وعندها ننتقل لدستور جديد، فإذن لن يكون هناك أي عملية انتقال غير منظمة».
وأضاف: «طبعاً أنا أفترض بأننا جلسنا مع أناس سوريين ووطنيين وتناقشنا واتفقنا» وهو ما لم يحصل، مؤكدا أيضاً أن من ذهب إلى جنيف ممثلا عن «الهيئة العليا للمفاوضات»، أو ما اصطلح على تسميته «معارضة الرياض» ليس مخولا بالحديث عن مستقبل سوريا. وقال: «عندما نفاوض هؤلاء نحن لا نعتبر أنفسنا نفاوض سوريين. لو فاوضنا وفد الرياض فنحن نفاوض السعودية وبالتالي لا نناقش معه الدستور السوري. يمكن أن نناقش معه الدستور السعودي». واعتبر أن «الحوار السوري - السوري»، الذي شدد عليه المعلم بدوره أمام دي ميستورا، لن يكون ممكناً قبل «سيطرة المعارضة الوطنية على المشهد»، مركزاً مرة أخرى على «المصالحات الوطنية» التي تجري في مناطق مختلفة من أماكن الصراع.
ورغم أن مراقبين اعتبروا أن الأسد رفع سقفه السياسي في الخطاب، إلا أن الواقع أن الخطاب السوري لم يتغير عن هذه القواعد منذ بداية الحرب في العام 2011. وجاء كلام الأسد في توقيته السابق لجنيف المقبل، لـ «تطمين» شرائح مختلفة من المجتمع وقيادات الدولة التي تعتبر «جنيف تضييعاً للوقت ولانجازات الجيش، وخطراً على طبيعة وشكل الدولة السورية الحالي».
زياد حيدر
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد