مشاورات أميركية روسية حول انتهاكات الهدنة وكيري يتفاوض مع السعوديين حول المفاوضات السورية
اختار رئيس الدبلوماسية الأميركي جون كيري أن يتجه إلى السعودية لبحث المرحلة المقبلة من العملية الدبلوماسية بخصوص أزمتي سورية واليمن. وعلى الرغم من أن جدول أعمال الوزير المعلن لم يكن ينص سوى على زيارة خاطفة للقاء المسؤولين السعوديين تستمر لساعات إلا أن كيري قضى ليلته في السعودية قبل أن يطير إلى باريس للقاء أربعة من نظرائه الأوروبيين.
وقبيل سفره إلى العاصمة الباريسية، سعى كيري إلى طمأنة الأوروبيين المذعورين من استبعادهم عن طاولة المفاوضات بشأن الشرق الأوسط وشرق أوروبا، إلى اهتمام واشنطن بتطبيق اتفاق وقف العمليات القتالية، محذراً على أسماع السعوديين من أن للصبر حدوداً حيال انتهاكات الجيش السوري للاتفاق! وكشف الوزير الأميركي أيضاً عن عزمه الاتصال بنظيره الروسي، بالتوازي مع انعقاد جولة مشاورات أميركية روسية في العاصمة الأردنية عمان ومدينة جنيف السويسرية، لبحث «الانتهاكات» للاتفاق. إلا أن كيري دعا إلى عقد المحادثات السورية السورية في جنيف، من دون تأخير رافضاً المنطق الأوروبي الساعي إلى تأجيلها ريثما «يلتزم النظام بالهدنة بشكل كامل».
وأقيمت مراكز مراقبة مكلفة متابعة وقف الأعمال القتالية في كل من واشنطن، موسكو، اللاذقية (قاعدة حميميم الروسية)، عمّان وجنيف. وفي حال لم يحترم الاتفاق، تم وضع نظام تنبيه تابع للولايات المتحدة وروسيا وسائر أعضاء «المجموعة الدولية لدعم سورية». وتسيطر روسيا على مركزين بشكل كامل (حميميم وموسكو) أما جنيف فهو عائد لمجموعة الدعم الدولية لسورية، وعمان مشترك بين الروس والأميركيين. وبالنسبة لمركز واشنطن فقد أسسته وزارة الخارجية الأميركية لكن صدرت في وسائل الإعلام الأميركية سخرية على عمل هذا المركز.
والتقى كيري أمس الأول بالملك السعودي سلمان بن عبد العزيز، وصباح أمس عقد جلسة مباحثات مع وزير الخارجية السعودي عادل الجبير . وبعد المباحثات، أشار كيري إلى أن بلاده تعتقد أن من الضروري أن تعقد محادثات جنيف غداً الإثنين. وأجاب رداً على سؤال إن كان بالإمكان إجراء المحادثات في الموعد المزمع رغم انتهاكات وقف العمليات القتالية: «نعم.. بالإمكان»، حسبما نقلت وكالة «رويترز» عن مراسل أميركي يرافق الوزير الأميركي ويمثل مجموعة من وسائل الإعلام.
وأضاف: إن «فرقنا (من المراقبين) ستعقد لقاء اليوم (أمس) مع روسيا في جنيف وعمان (…) حيث ستوضع خطط عمل تفصيلية جداً فيما يتعلق بهذه المزاعم»عن انتهاكات الهدنة، مشيراً إلى أنه سيجري من جهته، اتصالاً هاتفياً مع سيرغي لافروف حول قضية الانتهاكات، وتابع «سننظر في هذه الأمور. ونحن نفعل هذا كل يوم».
وأبدى تفاؤله حيال تطبيق اتفاق وقف العمليات القتالية، إذ قال: إن «مستوى العنف تراجع بنسبة ثمانين أو تسعين بالمئة وهو أمر له دلالة بالغة جداً جداً وما نريد القيام به هو مواصلة العمل على تقليل هذه النسبة»، مشدداً على أن النظام يفترض ألا يستغل فرصة الهدنة لتحقيق مكاسب على الأرض في حين «يحاول الآخرون (المعارضة) احترامها بنية حسنة». وحذر من أن «للصبر حدوداً» في هذا المجال. ونقل المراسل وفق «رويترز» عن كل من كيري والجبير القول: إن كل الحضور اتفقوا على دفع المحادثات السورية بقوة والعودة لمحادثات السلام التي ترعاها الأمم المتحدة لمحاولة إنهاء حرب اليمن، ووضع الخطط لمساعدة ليبيا على تخطي أزمتها.
ومن المفترض أن يكون الوزير الأميركي قد توجه إلى باريس للقاء نظرائه من فرنسا جان مارك آيرولت، ألمانيا فرانك فالتر شتاينماير، وبريطانيا فيليب هاموند، وإيطاليا باولو جنتيلوني إضافة إلى مفوضة الاتحاد الأوروبي لشؤون السياسة الخارجية والأمن فيديريكا موغيريني، لبحث آخر التطورات حول الأزمة السورية.
وبرزت تقارير تحدثت عن مخاوف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل من تقاسم روسي أميركي للنفوذ في منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا. وأشارت التقارير إلى أن ميركل تتخوف من «اتفاقية يالطا» جديدة تلوح في الأفق بين الروس والأميركيين، تستبعد الأوروبيين، في إشارة إلى المحادثات الشهيرة التي أجراها زعماء الاتحاد السوفيتي وأميركا وبريطانيا وفرنسا في منتجع يالطا إبان الحرب العالمية الثانية. وبالترافق مع وصول كيري إلى السعودية أعربت وزارة الخارجية الأميركية عن ارتياحها لاستمرار احترام اتفاق وقف الأعمال القتالية «بصورة عامة»، منددة في الآن نفسه بـ«انتهاكات» للهدنة من جانب الجيش السوري. وأشاد المتحدث باسم الخارجية الأميركية جون كيربي في بيان، بحسب ما نقلت وكالة الأنباء الفرنسية، بأنه «بعد أسبوعين لا يزال اتفاق وقف الأعمال القتالية صامدا لحد كبير». وأضاف «رغم تراجع العنف على التراب الوطني السوري، فإننا نظل قلقين جداً لتواصل انتهاكات محددة لوقف الأعمال القتالية»، مشيراً إلى ما سماه «هجمات على مدنيين وقوات المعارضة من النظام وداعميه»، ووجه دعوة إلى «كافة الأطراف» للقيام بواجباتها والوقف الفوري لهذه الهجمات.
وندد كيربي أثناء اللقاء الإعلامي بالخصوص بـ«الغارات الجوية للنظام على مدنيين في حلب» ما يشكل «انتهاكا واضحاً لاتفاق وقف الأعمال القتالية»، ودعا روسيا، التي «تتمتع بنفوذ على (الرئيس) بشار الأسد وتدعم الاتصالات الشخصية معه»، إلى الضغط عليه لضمان عمل نظام وقف إطلاق النار وإيصال المساعدات الإنسانية إلى سكان المناطق السورية.
المصدر: الوطن+ وكالات
إضافة تعليق جديد