نتنياهو يعلن من أرض سورية محتلة: على العالم الاعتراف بإسرائيلية الجولان
في خطوة تحد غير مسبوقة، وباستخفاف واضح للأسرة الدولية وقوانينها، أعلن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أن الوقت حان كي يعترف العالم بأن هضبة الجولان السورية المحتلة جزء لا يتجزأ من إسرائيل.
وفي ما يتناقض مع مساع سبق لنتنياهو أن شارك فيها شخصياً للتفاوض مع سوريا بشأن إعادة الهضبة، فقد عقد اجتماعاً، هو الأول من نوعه، لحكومته اليمينية في الجولان المحتل، وأكد أن خط الحدود الحالي لن يتغير مهما جرى خلف الحدود في سوريا.
وقال نتنياهو، في جلسة تظاهرية لحكومته أقر جدول أعمالها مسبقاً بحيث يركز على «إسرائيلية» الجولان السوري المحتل، إن هذه الهضبة ستبقى إلى الأبد تحت السيادة الإسرائيلية. وأشار، في مستهل جلسة الحكومة، إلى أنه أوضح ذلك أمس الأول في محادثة أجراها مع وزير الخارجية الأميركي جون كيري، وأنه «مهما يحدث خلف الحدود، فإن خط الحدود نفسه لن يتغير». وأضاف ان «الوقت حان، بعد 50 عاماً، لأن تعترف الأسرة الدولية بأن الجولان سيبقى دائماً تحت السيادة الإسرائيلية».
وكانت معظم الصحف الإسرائيلية قد نشرت مسبقاً أنباء حول نية نتنياهو قول كلام كهذا، مبينة أن هذا الموقف تبلور على خلفية الاتصالات الدولية لحل الأزمة السورية. وكان معلقون إسرائيليون قد قالوا إن تصريح نتنياهو قبل أيام حول شن إسرائيل غارات على أهداف في سوريا في إطار ما يعرف «الخطوط الحمراء» كان رسالة واضحة للسوريين تتعلق أساساً بهضبة الجولان.
وفي كل الأحوال، فإن جلسة الحكومة وإعلان نتنياهو يتصلان أساساً بالمساعي الدولية لحل الأزمة السورية، خصوصاً بعدما حدد الرئيس السوري بشار الأسد أن أحد أسس الاتصالات الدولية هو التأكيد أن هضبة الجولان أرض محتلة ينبغي إعادتها لسوريا. ولا ريب أن إعلان نتنياهو مرتبط أيضا بزيارته المقررة إلى موسكو الخميس المقبل للاجتماع مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وهو ينوي تأكيد هذه الرسالة أمامه.
وفي مستهل جلسة الحكومة الإسرائيلية، شوّه نتنياهو التاريخ وأعلن أن هضبة الجولان جزء لا يتجزأ من «أرض» إسرائيل في الزمن القديم وهي جزء من إسرائيل في العصر الحديث، و «في السنوات الـ19 التي وقعت فيها الجولان تحت الاحتلال السوري استخدمت لحفر الخنادق، والأسيجة والحرب. وفي السنوات الـ49 تحت الحكم الإسرائيلي استخدمت للزراعة والسياحة والاقتصاد والسلام. وفي المنطقة العاصفة من حولنا إسرائيل هي عنصر الاستقرار. وهي الحل وليست المشكلة. ودول كثيرة في المنطقة تعترف بذلك». وأوضح نتنياهو أن إسرائيل ستواصل العمل من أجل الحفاظ على الأمن والهدوء على الحدود الشمالية. وقال «إذا تعرضنا لاعتداء فسنرد بشدة كبيرة ضد أعدائنا».
وحسب نتنياهو، فإن سبب عقد جلسة الحكومة في هضبة الجولان هو إيصال رسالة مفادها أن هذه البقعة من الأرض ستبقى إلى الأبد بيد إسرائيل، «فإسرائيل إلى الأبد لن تنزل عن هضبة الجولان»، مضيفاً ان «تعداد سكان الجولان يبلغ حاليا 50 ألفاً، وهناك آلاف العائلات التي ستنضم في السنوات القريبة، وسنواصل تعزيز الاستيطان هنا».
وروى نتنياهو أنه في مكالمته مع وزير الخارجية الأميركي أمس الأول قال إنه يشك بأن تعود سوريا أبداً إلى ما كانت عليه. وقال «هناك في سوريا أقليات مضطهدة مثل المسيحيين والدروز والأكراد الذين يحاربون بحق من أجل مستقبلهم»، وبالمقابل «هناك في سوريا جهات إرهابية على رأسها داعش وإيران وحزب الله يريدون أن يفرضوا على سوريا والمنطقة الإسلام المتطرف، ومن هناك على العالم بأسره. وقلت لكيري إننا لن نعارض اتفاقاً سياسياً في سوريا إذا لم يأت على حساب أمن إسرائيل، ويطرد في نهاية المطاف من الأرض السورية قوات إيران وحزب الله وداعش».
من جانبها، قالت وزيرة العدل إييلت شاكيد إن «أحد أهداف عقد الجلسة كان فعلاً الإعلان جهاراً اننا ننتظر من أمم العالم الاعتراف بالحدود الشمالية لإسرائيل كحدود دولية، بما في ذلك هضبة الجولان طبعا».
أما الوزير «الليكودي» أوفير ميكونيس فقال إن «القول واضح للأسرة الدولية، وأيضاً للجمهور في إسرائيل: نحن لن نتزحزح من هذا المكان. هضبة الجولان كانت طوال التاريخ جزءاً من الاستيطان اليهودي. عدنا إلى هنا عام 1967 ونحن هنا من أجل البقاء لتطوير الاستيطان».
عموماً، كانت صحف إسرائيلية قد أشارت إلى أن نتنياهو قال لكيري بعدما سمع منه طلب الرئيس السوري بشأن إعادة هضبة الجولان ضمن أي حل دولي لأزمة سوريا ان «عليه أن ينسى هذا. وأكد نتنياهو لكيري أن إعادة الجولان أمر لن يحصل وأن إسرائيل لن تسلّم هضبة الجولان لأحد». وأشار إلى أن هذا طلب سخيف، ومن المفاجئ أن يطرح على الإطلاق في البحث، في ضوء حقيقة أن إسرائيل نجحت في استقرار جبهة في الجولان.
وذكرت هذه الصحف أن نتنياهو يعتزم الإعراب عن موقف مشابه في اللقاء الذي سيعقده مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. ويذكر أن نتنياهو طلب في اللقاء الأخير الذي عقده مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، قبل نحو نصف سنة في واشنطن، الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية في هضبة الجولان. ورفض أوباما منح البادرة، رغم الوضع في سوريا ورغم أن نتنياهو طلب ذلك كجزء من التعويض في أعقاب اتفاق القوى العظمى في موضوع النووي الإيراني. وقال نتنياهو، في حينه، إنه «واضح اليوم أكثر من أي وقت مضى أن في الشرق الأوسط معنى للأرض، وانه في كل مكان تنسحب فيه إسرائيل من أرض ما، تتسلل منظمات الإرهاب، وعلى رأسها داعش، إلى هذه الأرض وتسيطر فيها، مثلما حصل في قطاع غزة».
وسارعت دمشق إلى إدانة اجتماع الحكومة السورية في الجولان. ودعت وزارة الخارجية، في رسالتين وجهتهما إلى الأمين العام للأمم المتحدة ورئيس مجلس الأمن، «الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى التدخل الفوري لإدانة عقد مثل هذا الاجتماع اللامسؤول، وللمطالبة بعدم تكرار هذا العمل الأهوج، وخاصة أنه يعقد على أرض سورية محتلة».
وأضافت ان «الجمهورية العربية السورية إذ تؤكد إصرار شعب سوريا على مكافحة الإرهاب والنضال في سبيل دحره عن الأرض السورية، ودحر الجماعات الإرهابية المسلحة، المدعومة خارجياً، وخاصة من قبل إسرائيل وتركيا والسعودية، فإنها لن تنسى أو تتوانى في إصرارها على الاستمرار في بذل الغالي والنفيس من أجل تحرير الجولان السوري الصامد من دنس الاحتلال الإسرائيلي، وعلى الاستمرار في مقاومته وسياساته وممارساته غير الشرعية المتمثلة في فرض إجراءاته وقوانينه الباطلة على الأراضي السورية والعربية المحتلة».
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد