تنافس حماس وفتح على جمهور المسجد
الجمل: في الوقت الذي كانت تنقل فيه وسائل الإعلام المرئية والمسموعة الأخبار والمعلومات المتعلقة بلقاء دمشق الذي جمع السيد خالد مشعل زعيم حركة حماس، مع السيد محمود عباس رئيس السلطة الفلسطينية، نشر معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ورقة الرصد السياسي رقم 1187 والتي حملت عنوان (حماس في مواجهة فتح: هل المواجهة أصبح من الممكن تفاديها؟).
ضمت ورقة الرصد السياسي رقم 1187، ملخصاً لحديث الدكتور غياث العمري المستشار السياسي السابق للسيد محمود عباس في رام الله، وأيضاً المستشار القانوني لفريق التفاوض الفلسطيني. وضمت الورقة حديث محمد ياغي الكاتب بصحيفة الأيام اليومية، والحائز على زمالة لافر الدولية بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، وثالث المتحدثين كان السفير الأمريكي دينيس روس، المبعوث الأمريكي الخاص السابق للسلام في الشرق الأوسط، ومؤلف كتاب (السلام المفقود: القصة الداخلية للصراع والقتال من أجل سلام الشرق الأوسط).
يقول دينيس روس: إن حركة فتح تعتقد حالياً بأنها قد دخلت في معركة صفرية الناتج مع حركة حماس، والتي تسعى من أجل إكمال سيطرتها وهيمنتها على المجال السياسي الفلسطيني.
أما قيادة فتح، فتماماً على غرار الأطراف المتشددة المتعددة، تدرك وتنظر لحماس باعتبارها كياناً أكثر عناداً وتعنتاً، لا يمكن التواؤم أو التلاؤم أو حل النزاعات والخلافات معه، إضافة إلى كون –حماس- حركة لا تستطيع العمل والتعامل مع أي طرف إلا مع أعضائها.
وإضافة إلى ذلك، فهي تحاول تمديد وتشديد قبضتها إلى داخل الضفة الغربية، الأمر الذي أدى إلى يقظة وانتباه حركة فتح.
إن قرار محمود عباس بالدعوة إلى إجراء انتخابات مبكرة، ينبع من شعوره وإحساسه الشخصي بالإحباط إزاء حماس، وعلى وجه الخصوص بعد أن قامت بتتبعه وملاحقته عن طريق نكث الوعد فيما يتعلق بصفقة الوحدة التي كان يحضّر ويتأهب لتسويقها في المجتمع الدولي.
وفي ظل وجود ما يفهم بأنه حكومة الوحدة الوطنية غير القابلة للتصريف، فإن الموجودين حول محمود عباس أصبحوا يدفعونه الآن باتجاه خيار المواجهة مع حماس، بدلاً من التواؤم والتوافق معها. وقد ظلت فكرة الحرب الأهلية الفلسطينية لعنة محرمة. وعلى أية حال، فإن استراتيجية المنافسة بدلاً من المواجهة العنفية، يمكن أن تبرز وتظهر كوسيلة تصدي ومجابهة لنفوذ وسيطرة حماس دون –حاجة- إلى التصعيد باتجاه الحرب الأهلية.
زعماء فتح بدؤوا يتوصلون إلى أن البقاء والاستمرار السياسي يتطلب التصدي والتنافس مع حماس ومنازلتها في كامل المسرح: سياسياً، اقتصادياً، اجتماعياً، وفي المساجد أيضاً. وقد بذلت حماس جهداً مدروساً منظماً لاحتكار هذه الأخيرة –أي المساجد- وذلك بهدف تنظيم أنصارها والتواصل معهم. ويعترف الناشطون بأن أي نوع من المنافسة مع حماس يجب أن يتضمن استراتيجية من النوع الذي يستخدم المساجد بما يؤدي لنشر وتعميم الرسائل السياسية البديلة. وبالفعل، ظلت المساجد نقطة وبؤرة تركيز لتجميع وتنظيم وتوجيه الإدراكات السياسية الواسعة المدى للفلسطينيين.
الأفكار الهادفة إلى التنافس مع حماس يمكن أن تكون –مجرد أفكار- نظرية، أكثر من كونها عملية في هذه المرحلة، ولكنها تومئ بالإشارة إلى الاتجاه المفضل لزعماء فتح. وبالنسبة لفتح، لكي تنافس بكفاءة وفعالية شبكات الخدمة الاجتماعية التي أنشأتها حماس، فإن الأمر يتطلب المال والموارد اللازمة لتمويل برامجها الذاتية وبناء قوات أمنها وفقاً لنظرة تركز على ردع حماس، وقد توقعت فتح أن تقوم السعودية بتقديم المساعدة المالية ولم يتحقق ذلك. كما أن افتقار فتح إلى الدعم والتأييد السياسي العربي قد أدى على وجه الخصوص إلى تعزيز قوة حماس.
وفي معرض الجهود الهادفة إلى إبعاد ودفع حماس بعيداً عن إيران، فقد بدت الدول العربية أكثر اهتماماً في التوصل إلى تواؤم وتلاؤم سياسي يعطي ويقدم لحركة حماس سلطة وقوة سياسية حسماً من حساب فتح. وعلى أية حال، إن –إجراء- ترتيبات وحدة وطنية قائمة على – الاستجابة- لأفضليات حماس، يمكن فقط أن تقوي وتعزز موقع وموقف الجماعة في السلطة.
استناداً إلى الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، فإن الفلسطينيين يثمنون ويعطون قيمة للمستقبل، ولكنهم أيضاً بعمق، مهتمون ومعنيون بنوعية الحياد اليومية الراهنة. وثمة شيئاً واحداً يمكن أن –يجعلنا- نتحدث عن وجود أفق سياسي بشيء من التجريد، ولكن الفلسطينيين سوف ينظرون إلى أي نقاش من هذا النوع بشكوك أكبر، إلا إذا كان –هذا النقاش- متضمناً تقديم التحسينات الفورية والظاهرة –في حياتهم اليومية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد