ما بين الإعلام «الرسمي» و«الخاص»: طريق الألف ميل ... يبدأ بخطوة
نضال حيدر: تبرز على الساحة الإعلامية السورية جملة من الأسئلة المتعلقة بكيفية النهوض بالإعلام السوري؛ والارتقاء به إلى حالة أفضل، هذه التساؤلات بمجملها تبدو مشروعة؛ لكنها على ما يبدو غير خاضعة حتى اليوم للنقاش المستفيض؛ بحثاً عن مكامن الخلل لتلافيها، أو مكامن التقصير لتجاوزها؛ والانطلاق منها للتأسيس على قاعدة أصلب وأفضل تؤهل للارتقاء.
لعل السؤال الأكثر مشروعية هو ذلك الذي يطرح «مواربة» وبشكل عمومي دون أدنى محاولة للدخول في التفاصيل، ربما لأن «الشيطان يكمن في التفاصيل».
والسؤال هو : «ما الفارق بين الإعلام «الرسمي» والإعلام «الخاص»؟!...، والإجابة ليست بمستحيلة، فالإعلام «الرسمي» هو ذلك المملوك والممول بالكامل من خزينة الدولة؛ أي بعبارة أدق؛ من «جيوب المواطنين» الذين يحق لهم دون أدنى ارتياب؛ أن يحلموا بإعلام يحكي عنهم ويتلمس معاناتهم، ويكون ناقلاً أميناً لها إلى أصحاب القرار، أي أن يكون هذا الإعلام قناة «نقل واتصال» بالاتجاهين «الصاعد والهابط»، ولكن هل يمارس الإعلام «الرسمي» هذا الدور؟!...، وما هي حدود ممارسته هذه؟!...، أي بشكل أكثر تخصيصاً: ما هي خطوطه الحمراء؟!....
وبالانتقال إلى المصطلح الثاني: «الإعلام الخاص» نتساءل: كيف يمارس هذا الإعلام دوره وعبر أية آليات؟!...، ولماذا وصِمْ بهذه التسمية دون وجه حق، وهو إعلام وطني؛ كوادره من أبناء هذا الوطن، وخبراته الأساسية قادمة من «كواليس» الإعلام «الرسمي»، إذا ًهو إعلام «هجين» لم يستطع أن يؤسس منذ انطلاقته وحتى اليوم «هويته الخاصة»!!...، ولذلك أسباب كثيرة أهمها التجاهل التام لكوادره غير الداخلة في «جنة الإعلام الرسمي»...، أولئك الذين يعملون دون غطاء أو تنظيم؛ يعمل على تأمين متطلباتهم والدفاع عن حقوقهم، والمسألة ليست سراً يذاع للمرة الأولى، فالعاملون في هذا الإعلام؛ أقصى حدود (حلمهم) أن يكونوا «أعضاء مشاركين» في اتحاد الصحافيين، الأمر الذي يعني وجوب دفعهم لمستحقات مالية دون أن يكون لهم حق التقاعد أو الضمان أو السفر مع الوفود الرسمية خارج القطر، والأمر المؤسف؛ امتداد ذلك إلى مشاركتهم في تغطية الفعاليات والمؤتمرات والنشاطات التي يدعون إليها« دعوة رسمية» من باب «البريستيج» فقط، ففي حين يحظى الإعلاميون الرسميون و العرب والأجانب؛ بالجانب الأكبر من الاهتمام والرعاية والتكريم، نجد أن كوادر الإعلام «الخاص» يبقون في معظم الحالات «فائضاً عن الحاجة»...، فالكراسي في بعض المؤتمرات الصحافية واللقاءات الإعلامية متاحة للجميع ما عداهم!!...
إذاً؛ المسألة بشكل مبسط هي أكبر من تسمية «إعلام رسمي» وآخر«خاص»...، هي مسألة تتعلق بجوهرها بإعلام «موجود .... وغير موجود»...، أي مغيَّب!!...، وهنا نسأل: لمصلحة من تغييب هذا الإعلام؟!...، وهل السبيل الوحيد المتاح لتطوير الإعلام السوري هو «الإجهاز» على ما تبقى من صبر وطموحات وآمال العاملين في الإعلام الخاص؟!...
الإعلام السوري اليوم على مفترق طرق، والحاجة باتت أكثر من ضرورية، وأكثر من ملحة لوضع النقاط على الحروف، واعتماد التسميات الدقيقة، فإما أن يكون الإعلام الخاص ركناً أساسياً في عملية التطوير والتحديث، ورافعة أساسية من روافعها؛ عبر اعتماد هيكلية واضحة تضم كوادره؛ وتسعى لتأمين حاضرهم ومستقبلهم (وهذا من أبسط حقوقهم)....، ولنا في تجارب دول شقيقة وصديقة المثال الأنسب لاتباعه وانتهاج سبيله؛ أو التبرؤ تماماً من هذا الجانب الهام والحيوي؛ من جوانب الإعلام السوري، الذي يحتاج قبل كل شيء للانفتاح على كوادره جميعها، دون أن يكون هناك «أبناء ست» و«أبناء جارية»...، وإلى غدٍ نأمل أن يكون قريباً، نأمل أن نصحوا ذات يوم، لنجد أن هناك من يسمع أصواتنا؛ لنطمئن أننا قد بدأنا طريق «الألف ميل» .... ولو بخطوة!!......
الجمل من مساهمات القراء
إضافة تعليق جديد