موسكو تحذر واشنطن من «اللعب» بالنار في سوريا
«حذار اللعب الخطر»، هكذا ردت موسكو على المعلومات التي حصَّلتها عن تفكير يدور بين صنَّاع القرار في الأروقة الأميركية باستهداف المطارات العسكرية السورية، ولفتت إلى أن تصرفات واشنطن الأخيرة باتت تهدد الأمن القومي لروسيا. وجاء ذلك فيما أسقط الـ «فيتو» الروسي مشروع فرنسا الأممي الذي يستهدف حماية «الإرهابيين» في حلب كما تراه موسكو.
صحيفة «واشنطن بوست» نقلت عن مسؤول أميركي قوله إن إدارة الرئيس باراك اوباما لا تملك إجماعاً على قرار منع سيطرة الجيش السوري على حلب، في ظل سعي البيت الأبيض «لشراء الوقت».
وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قال أمس، خلال حديث للقناة الأولى الروسية، إن هناك تسريبات مفادها أنه يمكن استعمال صواريخ مجنحة لضرب المطارات العسكرية السورية لمنع إقلاع الطائرات منها، مشيراً إلى أن ذلك يعدّ «لعبة خطيرة بما أن روسيا موجودة في سوريا بطلب من الحكومة الشرعية ولها قاعدتان في هذا البلد، حيث توجد منظومة دفاع جوي لحماية منشآتنا».
وتابع «ندرك جيداً أن العسكريين الأميركيين يفهمون ذلك، وأنه يجب التعقل وعدم الاحتكام إلى العواطف وشرارات الغضب الآنية»، معرباً عن أمله ألا يوافق الرئيس الأميركي باراك أوباما على مثل هجمات كهذه.
إلى ذلك، ألقى لافروف باللوم على إدارة اوباما في ما وصفه بالتدهور الحادّ في علاقات البلدين، قائلاً: «سجلنا تغيراً جذرياً للظروف في ما يخص الروسوفوبيا العدائية التي تستند إليها حالياً السياسة الأميركية. والحديث لا يدور عن تصريحات معادية لروسيا فقط، بل عن خطوات عدائية تمسّ بمصالحنا وتعرض أمننا القومي للخطر».
وأوضح أنه يقصد بـ«الخطوات العدائية» اقتراب حلف الـ «ناتو» من الحدود الروسية، فضلاً عن العقوبات المفروضة على موسكو، معتبراً أن عهد هيمنة الولايات المتحدة قد وصل إلى النهاية.
وغداة الـ «فيتو» الروسي أمس الأول، ضد مشروع القرار الفرنسي الذي طالب بنهاية فورية للضربات الجوية وطلعات الطائرات الحربية فوق مدينة حلب السورية، اعتبر وزير الدفاع البريطاني مايكل فالون أن روسيا اختارت التحوّل إلى منافس للدول الغربية.
وقال لقناة «بي بي سي» إن روسيا أصبحت «أكثر عدوانية» تجاه الغرب، مضيفاً «مع ذلك نودّ أن تكون روسيا شريكاً بالنسبة للغرب، لكنها اختارت كما يبدو التنافس بدلاً من التعاون».
وكان مجلس الأمن الدولي فشل أمس الأول، في تبني مشروعي قرار أحدهما فرنسي والآخر روسي، يدعوان إلى هدنة والسماح بوصول المساعدات الإنسانية إلى مختلف أنحاء سوريا.
واستخدمت روسيا حق النقض الـ «فيتو» ضد مشروع القرار الفرنسي، معتبرة أنه «محاولة صريحة بحظر الطلعات الجوية في منطقة حلب لتوفير غطاء لإرهابيي جبهة النصرة والمتشددين المرتبطين بها».
وأوضحت وزارة الخارجية الروسية أن مشروع القرار الفرنسي «يشوه بشكل صارخ الوضع الحقيقي (في حلب) ويحمل طابعاً مسيساً وغير متوازن وأحادي الجانب»، معتبرة أن واضعي نص مشروع القرار هذا حاولوا «بشكل سافر تغطية إرهابيي تنظيم جبهة النصرة والمسلحين الذين اندمجوا معه، من خلال فرض منطقة حظر الطيران فوق حلب ومحيطها، وذلك رغم التزامات الدول الأعضاء في مجلس الأمن الدولي مكافحة الإرهاب عن طريق استخدام جميع الوسائل المتاحة».
أما مشروع القرار الروسي فلم يحصل على موافقة تسعة أعضاء في مجلس الأمن، وهو الحد الأدنى اللازم لإقراره، وهو كان يدعو إلى الاسترشاد بالاتفاق الأميركي الروسي لإيصال المساعدات إلى المناطق المحاصرة، ويحث الأطراف على وقف الأعمال العدائية فوراً، والتأكيد على التحقق من فصل قوات «المعارضة المعتدلة» عن «جبهة فتح الشام» (النصرة سابقاً) كأولوية رئيسة.
بدوره، رأى مندوب سوريا الدائم لدى الامم المتحدة بشارالجعفري أن إفشال مشروع القرار الروسي يؤكد غياب الإرادة السياسية لدى معارضي مشروع محاربة الإرهاب والتوصل الى حل سياسي للأزمة في سوريا. وأشار الى أن «مشروع القرار الفرنسي يعكس حنين فرنسا إلى ماضيها الاستعماري الأسود، حين ظنت أن الأزمة في سوريا ستعيد لها نفوذاً استعمارياً»، داعياً الساسة الفرنسيين إلى «الخجل مما فعلوه بليبيا والشعب الليبي».
إلى ذلك، ذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأميركية أنه «لا يوجد إجماع داخل الإدارة الأميركية على ما يمكن للولايات المتحدة القيام به لوضع حد لأعمال القتال أو وقف ما يبدو أنه السقوط الحتمي لمدينة حلب» بيد الجيش السوري.
وأشارت إلى أن عدداً من القادة العسكريين والمسؤولين في الإدارة الأميركية ناقشوا نهاية الشهر الماضي «شن ضربات بصواريخ كروز ضد الأنشطة العسكرية السورية التي تشارك مباشرة في عمليات قصف حلب»، موضحة أن وزارة الخارجية ودوائر أميركية أخرى عدلت عن هذه الفكرة.
ونقلت الصحيفة عن مسؤول اميركي قوله إن «كلاً من المعارضة السورية وحلفاء أميركا ضغطوا باتجاه مواصلة المفاوضات وتثبيط الحديث عن التدخل العسكري»، مشيراً إلى أن «موقف أوباما لا يزال ثابتاً في الاعتقاد بعدم وجود حل عسكري للصراع في سوريا».
ولفتت إلى أن «البعض في إدارة أوباما يعتقد أن البيت الأبيض يحاول شراء الوقت بشأن حلب، من أجل ترك الخيارات للإدارة الأميركية المقبلة».
ميدانياً، تتواصل المعارك والغارات الكثيفة على مواقع المسلحين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب، حيث يتابع الجيش السوري تقدمه في منطقة العامرية وحي الشيخ سعيد بعد سيطرته على منطقة العويجة. فيما استمر قصف المسلحين المدنيين في أحياء الحمدانية والأعظمية وسيف الدولة في الجهة الغربية.
وأوضح «المرصد السوري لحقوق الإنسان» أن المعارك تركزت على محور حي بستان الباشا في وسط حلب ومحور حي الشيخ سعيد في جنوبها، موضحاً أن «الغارات الجوية الكثيفة تركزت على حي الشيخ سعيد، حيث تمكنت قوات النظام من التقدم في نقاط عديدة».
المصدر: السفير+ وكالات
إضافة تعليق جديد