الجيل المسلوب
غدا الهاربون من حدّة التوتر و المعارك السياسية منها أو العسكرية في عالمنا كثر و ليسوا بقلة ، و ذاتهم كأفراد يمتلكون طموحاً معدوماًيشترك مع الحروب بأنه منهك كأرضنا و ماتقبى منها من (( الثوابت)) لهذا العقد المنصرم بكل دماره الذي حل على المنطقة بوجه الخصوص. ماذنب من ولد ليجد الحرب العراقية الكويتية و يليها الحرب الإيرانية العراقية و من ثم الغزو الأمريكي للعراق لتمرير ديموقراطية (( بوش)) بشيّ وجوه الأطفال الذين كبر من بقي منهم حيّاً اليوم و باتوا رجالاً يفرون من إجرام (( داعش )) الأسود من الموصل و غيرها من المحافظات العراقية و السورية ... ترى ماهذه اللعنة من الشقاء المميت من تواتر للحروب و أسى لا يكاد ينقطع، ماهذه الوقاحة التي يمتلكها العالم بأسره ليجتمع بلا جدوى و يقف عاجزاً أمام صراخ الأطفال و جوعهم و قتلهم في وعورة هذه الحروب الدموية المرسومة بدقة !!
ماهذا الذي تقرأه عندما تطالع الأدب الروسي و ثقافة الحرب و الدفاع و ترى أن استنهاض الهمم كان باستصراخ الضمائر الحيّة للدفاع عن إرث تولستوي و دستويوفسكي و الكثير من أدباء روسيا الذين هم سبب حقيقي للدفاع و الذود عن الأرض و سقايتها بدم القراء الذي منذ ذاك الحين لم يرضي تطلع عصبة الغزو في هذا العالم و لم يشبع غرائز المستعمرين الجدد ( تجار سلاح الأرض و رقيقه) ، بينما في الجانب المعاكس للصورة يقف المسلوبون في حيرة تأييد المقاومات الشعبية في سوريا و العراق و لبنان ضد الغازي الدمر المحتلّ !؟
نعم ياسادتي إن الوقوف اليوم في صف المقاومة للبعض بات خياراً لهم بآلاف إشارات العجب و التهجن من جيل مسحوق مسلوب الرؤى و التطلع و الطموح مسطح العقل و مادي ضيع هويته و هو من كان مسؤلاااا... لإن العقل يومها كان نائماً في حظيرة تحمل كل مسميات البشاعة .
فالأمة النائمة لا نتاج لها و هي فريسة سهلة للأمم الأقوى في هذه الأرض التي لا تعرف الرحمة و الهدوء و لن تعرفها مادام هناك بشريّ يطمع في زاد أخيه الجائع في ظل عالم ميزان عدله قلوب بلا دماء .
لقد حقق العدو الأوحد على مدى آلاف السنين مبتغاه الحقيقي ألا وهو برأيي سلب إرادة الحياة للأجيال القادمة في وحدة الدفاع عن الأرض و استعادتها لتغدو في نظر كثر خطاباً تقريرياً كلاسيكياً نمطياً كما يراه البعض و يسميه الطلبة في سوريا بحسب وروده في المنهاج التربوي (( القومية)) حضرتك جاي تعطينا درس قومية!!!!!
و مندرس القومية ذاك إلى تعقيد المشهد العربي و الخارطة و تشوهاتها و اتفاقاتها التي تظهر المنهج الثابت أن اتفق العرب أن لايتفقوا و هم دوماً بغالبيتهم مع الأمريكي ضد ابن جلدتهم أو ابن عمومتهم التي أشك فيها مذ كنت طفلاً.
و يبدو أن رسم ملامح المرحلة القادمة التي ستكون حالكة كأمها التاريخ العربي المعاصر لكن هذه الكرّة بلا منابر بخطابات و خطباء بل بجمهور غائب في البحث عن لقمة عيش لا يجدها و إن عفاه الزمن بمنحة الغنى عن هذه المرارة في البحث فلابد من أن يصاب بداء الرفاه و التفكير بالمستقبل الذي يدفعه أن يهجر وطنه بحثاً عن راحةٍ لن يجدها -من ألمه برأسه لا أرض تشفيه - في أوروبا، كانت تجارة الرقيق تسلب الكثير حياتهم لإيصال أقل من نصف عدد الحمولة لسفينة ((رقيق)) ما إلى وجهتها في هذا العالم الوحشي الذي لا تزال منذ وقتها تحكمه القسوة
و الوحشية و ليس عشتار الحياة و الحب و الخلود . و نرى اليوم ذات المشهد إماقوافل للغزاة الإرهابيين أو بقوارب الموت أو المفخخات بنت الجنة المزعومة و الفكر الشيطاني .
ما أشد وقاحة هذا العالم الذي يدفعك لتفقد كل مالديك و هو ذاته يقول لك : مرحباً سأساعدك بعدما يكون قد أعدك طبعاً لذلك لتكون عبداً جديداً من الأجيال المسلوبة.
لقد نامت الناس و عيون النهضة خرقت بمسامير الدم و لم يبق من إرث هذه الأزمان التي تعصف بنا سوى من يقاوم و لا يساوم على الأرض ، من تقف معه و يقف معها ابتداء من الجيش السوري البطل أو الجيش العراقي و حشده الشعبي من الأجيال التي بقيت حرة دون أن تسلب.
جوهر السلب أن تسلب ذاتك حقك المشروع في مقاومة غزاتك و أن تعتمد في ذلك الفكر و المنطق لتعرف من هم غزاتك و من هو المستفيد من كونك مسلوباً بهذا الشكل
محمود محمد حسن
إضافة تعليق جديد