المرأة تدفع ثمن أي نجاح أضعاف الرجل
أن تكون المنافسة قوية بين أقران المجتمع بشكل عام والعمل بشكل خاص, فهذا أمر إيجابي من شأنه أن يحفز الناس على تقديم أفضل ما لديها في كل شيء, أما أن تصل المسألة إلى الحرب المعلنة والاساءة الشخصية للفرد الناجح, فهذه الكارثة بعينها, وهنا لا تقتصر هذه الحروب على مجتمع معين بل تقاس على كل المجتمعات النامية بحسب دكتور علم الاجتماع أديب عقيل الذي يرى أن أعداء النجاح أو عداوة النجاح بشكل عام, صفة التصقت بالمجتمعات النامية حصرا بالرغم من وجودها في كل المجتمعات ولكن بنسب أقل بكثير وبطرق أسسل مما يحدث في المجتمعات النامية
ويرجح د. عقيل أن السبب برأيه يعود لعدم وجود مقاييس محددة للنجاح تنطبق على المهنية وانجاز العمل والالتزام بالوقت والمسؤولية تجاهه , وهذا يتطابق مع رأي فنان الكاريكاتور حسام وهب الذي يرى أن مقاييس النجاح في مجتمعنا اقتصرت على النجاح المالي اذ اننا نعتبر أن الناجح هو صاحب الدخل الاعلى او الذي استطاع أن يحقق مردودا ماليا أعلى وليس هذا المال نظيفا بالضرورة, لذلك فُقدت المقاييس الصحيحة للنجاح والتي تتركز على المهنية والاخلاص بالعمل والطرق السليمة للكسب ومن هنا يرى وهب أن الناس تصاب بحالة من اللهاث خلف المال, وبسبب قلة فرص العمل وارتباطها بالقرب من المتنفذين واصحاب الامر على المستوى السياسي والاجتماعي وحتى الديني تصبح المنافسة بين الافراد حربا للتقرب من أصحاب الامر وبالتالي كسب ثقتهم والنجاح المزعوم الذي يطمحون له, فالمعايير هنا لا علاقة لها بالمعايير الاخلاقية على الاطلاق.
ويأتي رأي الطبيب النفسي الدكتور تيسير حسون مكملا لما ذُكر وليوضح القضية من بابها النفسي فيرى أن الأمر مرتبط بالمجتمعات المتخلفة إذ تنفقد معايير النجاح ويختلط الحابل بالنابل وتصبح الموهبة والاخلاص في العمل ميزتين مرفوضتين تجعل ممن يمتلكهما عرضة لشتى أنواع التسفيه والمحاربة أما الذي يلجأ لأقصر الطرق فهم الناجحون والفائزون وتبدأ هذه العداوة بالحسد الذي أساسا من العدوانية الكامنة عند الحاسد- عدو النجاح- وعندما تتراكم, تصرف نحو الخارج باسقاطها على الغير الذي يتهم بأنه سبب المصيبة, وفي هذه المجتمعات نفسها تبرز الانا على أنها المركز الذي يدور حوله الكون ويبرز التقوقع حول الذات او الجماعة الصغيرة ( الشلة) في مقابل فك الارتباط العاطفي مع الاخر فتنهار روابط الالفة أو المحبة أو التعاطف أو الاحترام وهذا على المستوى الفردي وتنهار روابط المواطنية أو التشارك في المصير أو كل ما عداها من مشاعر الغربة والعداء والاضطهاد, والانوية - أي تضخم الانا - هي عجز عن أخذ مسألة ما بالاعتبار الا من خلال وجهة النظرة الذاتية والوجه الاخر لها هي عدم اخذ الاخرين بالاعتبار فتتمركز وتتقوقع على الذات وتصبح التعاملات المصلحية موجهة نحو الداخل بعد أن كانت موزعة بينها وبين الخارج أو الجماعة المرجعية بعد أن كانت موزعة بينها وبين بقية الجماعات ويرافق فك الارتباط العاطفي مع الاخر سحب كل التوظيف العاطفي منهم وارجاعه الى الذات فتتضخم اهميتها على حساب الخارج الذي تتبخر قيمته فيطغى البرود العاطفي لدرجة قد تصل احيانا الى انعدام الحساسية كليا تجاه الاخر( الناجح) الذي يجعل معادي النجاح يقدم على أفعال تصل الى درجة انهاء حياة الناجح ان لم يكن ماديا, فمعنويا من خلال التشهير به واختلاق الشائعات والاقاويل التي تنال من سمعته.
ويميز الدكتور حسون بين نوعين من أعداء من النجاح الأول لا يمتلك المزايا التي تؤهله للنجاح والثاني يمتلك كل الامكانيات التي تؤهله للنجاح لكن طبيعة العلاقات الاجتماعية والشخصية السائدة في المجتمع تمنعه من تحقيق نجاحه.
في النوع الاول يبرر العداء لديه لأن طبيعة العلاقات التي تجعل من أمثاله غير الكفوئين في مواقع مؤثرة في الحل والربط وبالتالي يتساءل لماذا لايكون مثلهم.
أما النوع الثاني فهم الذين لحق بهم الغبن فيضخمون ما لحق بهم ويحاولون رفع هذا الغبن فيشعرون أن من واجبهم الدفاع عن انفسهم التي امتهنت, وعن حقوقهم التي اغتصبت, ويعظمون من شأن الخسارة الفعلية أو الوهمية التي وقعت عليهم, هذه التطورات الذاتية يرافقها تغير متصاعد في ادراك الاخر من خلال مجموعة من الاساطير التحقيرية, فالاتجاه نحو انصاف الذات لا يقوى الا من خلال التحقير للضحية وهي هنا من حصل على النجاح.
ولا يعطي الدكتور حسون حلولا لهذه الحالة العدائية التي توقع علميا أن تصل الى حدود التصفية الجسدية أو الماجية أو المعنوية لإنهاء الاخر لكن الدكتور اديب عقيل الذي يرى أن الادارات ومراكز القرار هي المسؤولة في مجالات العمل عن هذه العداوات فانه يطرح حلوله مباشرة ودون تطويل بالشروحات ليحدد الاسس التي يجب أن تتبع كي نباشر بالحل السريع لهذه الامراض الملتصقة بالمجتمعات النامية ونحن منهم, فيقول : (( لا بد من عدم الخجل من اقالة من هو غير مناسب لمكانه والبحث على الاشخاص المناسبين للمكان المناسب والتأكيد على أهمية الدور المؤسساتي في الاختيار على أساس الكفاءة والابتعاد عن العلاقات الشخصية والاقليمية والعشائرية عند اختيار أي منصب أو مكان وظيفي مهما كان صغيرا ام كبيرا))
ويربط حسام وهب الحل بسبب المشكلة فان كانت المشكلة قد نشأت بسبب ضآلة الفرص المتاحة للعمل والنجاح فلا بد من العمل على تأمين فرص عمل جديدة وايجاد معايير واضحة للنجاح لا تترك مجالا للضبابية بينها وبين الفشل.
الدكتورة مريم الدرع المديرة السابقة لأكثر من موقع في وزارة الثقافة منها مكتبة الاسد ومديرية ثقافة الطفل ومديرية احياء التراث وغيرها من الادارات والتي كان لها طريق طويل من النجاح ومن التجارب الشخصية بسبب هذا النجاح حاولت أن تضع لقضية أعداء النجاح منهجا تحليلا وارتأت أن تبدأ بتعريف محدد للنجاح لتصل في النهاية الى معرفة أعدائه فوجدت أن النجاح ببساطة هو التمكن من بلوغ الهدف وتحقيقه نتيجة لتوفيرعوامل ايجابية ذاتية وأخرى خارجة عن نطاق الذات مع الاخذ بعين الاعتبار ان يكون الهدف ساميا لضمان مردوده الايجابي أما الفشل فهو الاخفاق في بلوغ الهدف نتيجة لوجود عوامل سلبية.
وهنا تصل الدرع الى أعداء النجاح الذين تراهم كثيراً وليسوا حكرا على زمان معين أو مكان بعينه وتصفهم بأنهم سلبيون, انهزاميون, وفاشلون, وعدائيون لعدم قدرتهم على النجاح والتجدد وتطوير الذات وهم ضارون لأنفسهم ومجتمعهم فلا يعملون ولا يتركون غيرهم يعمل.
وهنا تلخص الدرع الممارسات التي يتبعها هؤلاء في حربهم على الناجحين وتقسمها الى نوعين من الممارسات الأول على الصعيد الشخصي بين الفرد ونفسه وتتجلى بسلوكيات خاصة نذكر منها عدم وجود اهداف سامية تطويرية وحصر بلوغ النجاح باتجاه الحصول على المادة والمنفعة الشخصية إضافة الى الجهل وقلة الخبرة في مجال العمل ونواحي الحياة والتقاعس عن طلب النجاح وتحمل طريقه الصعب وبذلك يختارون العمل المريح ويبحثون عن الراحة, وبالتالي اتباع الطرق الملتوية والقفز فوق القيم لتحقيق الهدف المادي المطلوب كأقصر طريق لبلوغ الهدف ويصل هؤلاء الى مرحلة يلقون معها تبعية الفشل وأسبابه على الاخرين وعدم توفر القدرة على تحمل المسؤولية وعدم السعي للعمل على تطوير الذات والارتقاء بها وبالتالي العمل نحو الافضل ولا شك بأنه عند توفر تلك الصفات لدى بعض الاشخاص تجعلهم غير قادرين على تحقيق النجاح مما يدفعهم الى ممارسة سلوكيات الفساد والافساد للتعويض عن الفشل الذي يحصدونه نتيجة لذلك دون التفكير وبغض النظر لما يسببه هذا الفساد والافساد من تأثير سلبي على الوطن وعدم تمكين المجتمع من النجاح والتقدم والارتقاء والتطور.
أما الممارسات الفردية في اطار المجتمع والتي تبرز ضمن نطاق العمل فانها تتجلى بصور عديدة نذكر منها عدم الالتزام بوضع الشخص المناسب في المكان المناسب وبالتالي وصول اشخاص الى ادارات لا يستحقونها وغير قادرين على تسيير امورها لعدم توفر الكفاءة اللازمة للعمل ما يولد الاحباط عند من تتوفر لديهم المهارات والكفاءة المطلوبة, ومنها إهمال محاسبة المقصرين والمفسدين في مجال العمل من قبل مدرائهم مما يشجع على ممارسة سلوكهم من قبل الاخرين ممن يتوفر لديهم الاستعداد نفسه والقيم اللا أخلاقية ذاتها ولا يقتصر الدور السلبي لهؤلاء المدراء على الاهمال في محاسبة المفسدين بل يمتد أيضا الى التقصير والاهمال في تشجيع ومكافأة الناجحين والمبرزين من ذوي الكفاءات بل ويسعون ايضا الى تهميشهم والى اقصائهم القسري مما دفع بالكثيرين من اصحاب الخبرة والعقول المفكرة بالسفر الى الخارج وبالتالي عدم استفادة الوطن من كفاءاتهم وخبراتهم, وتتنامى ثقافة المصلحة الشخصية على ثقافة المصلحة العامة والسعي لتحقيق المكاسب الشخصية بكافة الوسائل والطرق غير المشروعة وانتشار صور المحسوبية والشللية تبعا لذلك في دوائر العمل مما يؤثر سلبا على اداء العمل وترديه وايضا تنامي القيم المادية في المجتمع على حساب القيم الاخلاقية وهنا يأخذ الفاسدون موقف المتفرج منها لطالما انها لا تمسه مباشرة بل هناك من يعتبر ذلك شطارة ويوجد لها المبررات.
الأمر الاخر الذي ارادت الدكتورة الدرع أن تركز عليه في سياق معاداة النجاح تلك الحرب التي تتعرض لها المرأة في ظل تأثير مجتمع ذكوري في التعامل معها خلال العمل خاصة اذا كانت في موقع قيادي فهناك البعض من الرجال - سطحيون - لا يتقبلون اخذ تعليمات للعمل من امرأة ولو كانت تفوقهم خبرة وكفاءة.
في هذا السياق توافقها السيدة آمنة محمود - موظفة - التي ترى أن الحرب ضد المرأة الناجحة أكبر بكثير منها ضد الرجل لأن المجتمع الذكوري المحيط بها لا يقدر حجم الجهد الذي بذلته من أجل الوصول الى أهدافها وتبقى نظرته لها قاصرة مقتصرة على مقولات مقولبة حول المرأة من وجهة نظر المجتمع الذكوري وترى أن القائمين على شؤون الدولة والمجتمع لا بد من تحديد مقاييس للتميز واسناد المسؤوليات لأي شخص يثبت جدارته وكفاءته بغض النظر رجلا كان أم امرأة لأن المرأة تدفع ثمن أي نجاح أضعافا مضاعفة عن الرجل .
أيمن قاسم متخصص في علم الاجتماع يقول إن الشخص الناجح بجهده يمتلك شخصية قوية ومتوازنه بحيث تمكنه من النظر الى الحياة وقضاياها ومشاكلها من زاوية النقطة التي يقف عليها فهذا الشخص من غير المألوف أن يعادي الناجحين أمثاله بل على العكس يرغب ويتمنى ان يرى الجميع من حوله ناجحين لاسباب كثيرة أهمها إمكانية الاستفادة من تجاربهم الناجحة وبالتالي العمل على تطوير الذات في سبيل المزيد من النجاح في مجاله وفي المقابل فإن من يمتلك الشخصية الغير المتوازنة والذي لا يثق بنفسه والذي يشعر من داخله حقيقة انه فاشل يدفعه هذا الاحساس الى النظر الى الاخرين الناجحين في حياتهم واعمالهم بحسد وغيرة وكيد حيث يحاول دائما أن يقلل من شأن نجاحهم ويعتبر أنهم محظوظون في هذا النجاح لا أكثر ولا أقل, وهذه الشخصية تمتاز بكونها غير قادرة على رؤية الجوانب الايجابية من الحياة فمعظم العلاقات التي ينشئها هؤلاء مع محيطهم هي علاقات آنية وتمتاز بعدم الثبات فمكنوناته الانسانية غير قادرة على إقامة علاقات ايجابية مع الاخرين ويذهب بشكل دوري إلى عملية الهروب من الاستحقاقات الفعلية المطلوبة منه, إنها شخصية تمتاز بالسلبية ولا تقف الامور عند هذا الحد فتضاف لديه رغبة تدمير منجزات الاخرين بوعي وادراك أحيانا, ودون إدراك أحيانا أخرى ! وهذه النوعية من الاشخاص تفعل هذا الفعل انطلاقا من منظومتها القيمية الخاصة لكن بالتأكيد ليس لها علاقة ببيئته وأسرته بشكل مباشر وواضح.
وأما ريم فريجات -موظفة- تنظر إلى مسألة النجاح باعتبار أن هذه المسألة مرتبطة إلى حد بعيد بالجهد المبذول من قبل الشخص الناجح فالنجاح لا يقدم على طبق من فضة بل هو عملية ليست سهلة وتحتاج الى اجتهاد متواصل أما عن رأيها بوجود اعداء للنجاح فتقول انهم كثر لكنها تضيف ايضا أن بعض الناجحين يصابون بالغرور وحب الذات وحب الظهور أكثر من وضعهم الحقيقي أما أسباب وجود الظاهرة تجدها نتيجة عوامل كثيرة تساعد على ولادة اشخاص يكرهون ويعادون نجاح الاخرين وتتلخص هذه العوامل بالفشل والاحباط عند الاشخاص غير الناجحين مما يولد لديهم احساسا بالغيرة والكيد والحسد فالمسألة بالدرجة الاولى هي مسألة إحساس قبل أن تكون فعلا ممارسة على أرض الواقع من قبل الاشخاص الذين يعادون النجاح إنها ظاهرة سلبية ومتجذرة وعلاجها لا يصح إلا بالتقاط أبعادها النفسية والاجتماعية و التربوية.
المهندسة سلوى تحلل القضية من وجهة نظر مختلفة تعتمد على البعد الروحي المتخذ في العلوم الشرقية التي تعتمد في ثقافاتها على تكسير الانا ( الايغو) والزهد بكل النجاحات الدنيوية في محاولة للوصول الى الصفاء المنشود وهنا تجد سلوى أن هدف الناس من النجاح هدف خارجي وينصب على المظاهر الخارجية عند البعض وبالتالي لا يدخل الى عمق المنظومة المشاعرية للنفس, عند المراقب الخارجي للناجح, لذلك يكون مبررا لهم مقارنة الناجح مع أنفسهم - خارجيا - وهذا طبعا المنظور العام لدى الاخرين وهنا يكون الناجح ضمن منظومة العداء لا المنافسة , يذكرهم بتقصيرهم الشخصي وفشلهم, وكسلهم لذلك يسعون لافشال أي نجاح دون أدنى احساس بتأنيب الضمير, وهؤلاء يكون في سعيهم للنجاح ليس سعيا لتطوير الذات من الداخل لتكون دواخلهم بحالة أفضل وليخلقوا التوازن الداخلي كي يصبحوا راضين عن أنفسهم أكثر, وليس حالة فيها تحد مع الذات لهدف استخراج افضل ما لديها وتفجير طاقاتها الكامنة, بل يكون هدفهم هو أن يصبحوا ناجحين خارجيا من أجل أن يقول عنهم الاخرون أنهم ناجحون, وضمن هذا النمط لا مجال للمقارنة الا بالتنافس والغيرة والحرب على الناجح لأن أي نجاح للآخر سيجده هؤلاء انتقاصاً من نجاحهم الخاص لأنه يخضع للمقارنة مع ما وصل اليه الاخرون, ولو كان كل انسان يعيش تجربته الخاصة ويدرك تماما ما هي المرحلة التي وصل اليها في الحياة ويدرك طبيعة وحقيقة رغباته واهتماماته الخاصة تتغير النظرة لتخرج من بوتقة اللحاق بالاخرين الى النظرة التي تقول(( أبذل ما بوسعي الان ضمن ما أرغب و بما أهتم, وأقدم ما علي من مسؤولية لأكون أفضل مع ذاتي أولا وأشعر بالرضى على النفس, دون النظر الى الاخرين ومراقبة نجاحهم وأين أصبحوا, ودون مسابقات أو تحديات أو حروب) وبهذه الطريقة تعتقد سلوى أن الامور ستتغير ليصبح أي نجاح للفرد هو نجاحاً للمجموعة وممكن أن يكون نجاحا للبلد وبالتالي يسعى الجميع لتشجيعه لا لاحباطه
ويتساءل القاص والصحفي فرحان مطر إن كان هذا المرض موجود فعلا أم أنه مجرد وهم نتخيله جميعنا, ويبرر ذلك بأننا جميعا نعزو عدم نجاحنا أحيانا وعدم قدرتنا للوصول الى أهدافنا على أسباب خارجية لا علاقة لها بكفاءتنا أو مهنيتنا وبالتالي تكون حجتنا الحاضرة أن ثمة أعداء يحاربون نجاحنا ويقفون له بالمرصاد, ولكن من جهة أخرى قد يكون شيء من هذه الحرب موجودة بالفعل وأعوزها الى عدم وضوح الاسس التي تحدد النجاح فما أعتبره أنا نجاحا قد لا يراه آخرون شيئا يذكر وبالعكس, ويؤكد مطر على أن الانسان بطبيعته لا يحب الفشل وبالتالي يجد الاعذار لفقدان شهيته على العمل أو الفشل بشكل أو بآخر فيه وبالتالي لا بد لنا بداية من وضع مقاييس تحدد النجاح على قيمة العطاء وليس النجاح بشهرة ما أو كسب مادي, وعندها نستطيع أن ننصف الناجحين ونبعد عنهم أي حروب قد تطالهم وبالتالي نحفز الاخرين على العمل من اجل النجاح, ويترافق مع ذلك عدم الخجل من الاعتراف بعدم جدوى وجود بعض الاشخاص بأمكنة غير مناسبة لهم والحفاظ على مبدأ مكافأة الصح وعقاب الخطأ.
حساب وهب الذي حاول أن يجد أساس مشكلة عداوة النجاح اختلف مع مطر بقضية الوهم وأكد على أن المرض موجود ومتجذر في مجتمعاتنا لأن الحروب تقوم من أجل الاهمية فنحن نربي أولادنا ونربي المجتمع بأسره على أن الفرد فيه غير مهم وأن الوصول الى درجة من الاهمية هي الغاية وهي الاستثناء نبدأ بالسير باتجاه الحلول دون أي تأخير وأول هذه الحلول يجب أن يكون بالتربية الجمعية وخلق روح الجماعة وروح الفريق والنجاح الجماعي ولا بد من ترسيخ قاعدة جديدة في المجتمع نبدأ بتكريسها منذ الطفولة تقول بأن جميع أفراد المجتمع مهمون في مواقعهم وعدم الاهمية هي الاستثناء بدءا من عامل النظافة وانتهاء بأعظم المهن الكل مهمون بحسب حاجة مجتمعهم لهم وبحجم الخدمة التي يقدمونها للمجتمع.
مزن مرشد
المصدر: الثورة
إضافة تعليق جديد