تكديس أسلحة الحرب الأمريكية بالأموال الخليجية: المسببات والنتائج
الجمل: نشرت صحيفة التليغراف البريطانية، اليوم 11 شباط 2007، تقريراً اخبارياً أعده الصحفي غيتين شامبرلاين، حمل عنوان (الدول الخليجية تحمل عناء تكديس أسلحة الحرب).
يقول التقرير: يعمل زعماء الدول العربية الخليجية السنية بنشاط أكبر من أجل تنفيذ حملة إنفاق عسكري كبيرة تهدف إلى شراء المزيد من الأسلحة المتطورة بهدف احتواء (الخطر الإيراني) المتزايد.
تقول صحيفة التليغراف البريطانية بأن شعور القادة الخليجيين بالحذر من تطور البرنامج النووي الإيراني واحتمالات نشوب النزاع بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، قد أدت مجتمعة إلى دفع الزعماء الخليجيين إلى اعتماد مليارات الدولارات من عائدات النفط، من أجل شراء العتاد العسكري.
وتضيف الصحيفة بأن عدداً كبيراً من الصفقات سوف يتم الفراغ منه وتنفيذه في معرض الأسلحة الكبير، الذي سوف يتم افتتاحه في مدينة دبي يوم الأحد القادم.
السعودية وحدها أعدت قائمة مشتريات عسكرية تبلغ جملتها حوالي 60 مليار دولار، وتضم القائمة: السعودية، الطائرات المقاتلة، صواريخ كروز، الهيلوكبترات الهجومية، وأكثر من 300 دبابة حديثة.
الإمارات العربية المتحدة حددت 2 مليار دولار من أجل تجهيز لواء الرد العسكري السريع المتقدم، ومن المتوقع أن يضطلع هذا اللواء بدور قيادي في قوة الحماية الإقليمية.
كذلك، فهنا 6 مليارات دولار سوف يتم دفعها مقابل بطاريات الدفاع الصاروخي، وأنظمة التحذير الجوي المبكر، والطائرات.
السعودية والإمارات يرتبطان بعضوية مجلس التعاون الخليجي، الذي تم إنشاؤه في عام 1984م، ومن مهامه تحقيق وتعزيز الأمن في مواجهة الخطر الإيراني، والأعضاء الآخرين في هذا المجلس هم: الكويت، البحرين، وقطر. وهناك توقعات بأن تنفق هذه البلدان الثلاثة الكثير من المليارات في شراء العتاد العسكري من هذا المعرض.
تزايد اهتمام الزعماء الخليجيون بالنظام السياسي الإيراني الشيعي وقيامه حالياً بفرد عضلاته العسكرية: استطاعت إيران أن تملأ فراغ القوة الاستراتيجي في العراق، وأن تعزز نفوذها في المناطق الفلسطينية ولبنان، وأن ترفض التراجع عن البرنامج النووي. واستناداً إلى ذلك برأي غيتين شامبرلين، فقد أصبح العديد في الخليج يعتقدون أن السبيل الوحيد لتجنب الانجرار في الحرب المتوقعة بين إيران والولايات المتحدة، أو الوقوع في مصيدة التداعيات التي سوف تعقب ذلك، هو سبيل يتمثل في تعزيز قدرة الدفاعات الخليجية الذاتية.
أجرت إيران في الأسبوع الماضي تدريبات عسكرية في الخليج، تضمنت اختبار نظام دفاعها الصاروخي الروسي الجديد، وحذرت من أن أية محاولات لإيقاف برنامجها النووي سوف تؤدي إلى هجمات ضد المصالح الأمريكية في سائر أنحاء العالم.
يقول الكاتب: إن الخطط الأمريكية لهجوم عدواني محتمل ضد المواقع النووية الإيرانية، هي خطط أصبحت في مرحلة متقدمة جداً، برغم عملية النكران والنفي العلني بواسطة مسؤولي الإدارة الأمريكية. وحالياً هناك مخاوف متزايدة تتملك الخليجيين من احتمال أن يقعوا في مصيدة ردود أفعال الضربات العسكرية.
وذكر مصدر دبلوماسي سعودي رفيع المستوى وجود اهتمام كبير في الخليج حول نوايا ومقاصد أمريكا والشكوك حول وجود تهديد حقيقي من جانب إيران.
وقد تحدّث هذا الدبلوماسي السعودي قائلاً: (هناك بعض الناس الذي ينتابهم القلق والخوف إزاء إيران، وقد قام الأمريكيون بإجراء حملة علاقات عامة ناجحة ضد طهران. وهناك جزء كبير من مخاوف السعوديين يقول: إن الولايات المتحدة سوف تأتي وتسيء التصرف وتبث الأذى ثم تمضي بعيداً إلى أدراجها، أما نحن –الخليجيون- فسوف نظل نعيش في هذا المكان بعد ذلك).
بعض المحللين يقولون بأن العديد من دول الخليج قد تحاول تفضيل انتهاج موقف الحياد المدعوم بقوة السلاح.
ويقول بول بيافير، المحلل في الشؤون الدفاعية (إنهم يهتمون حقيقة بإيران، ليس لأن الإيرانيين ليسوا عرباً، ولكن لأنهم شيعة. وبالنسبة للسعوديين، على وجه الخصوص، فهم يمثلون خصومهم اللدودين، ولكنهم –أي السعوديين- يتقاسمون عدواً مشتركاً مع طهران –يتمثل في الغرب وأسلوب وطريقة حياته. وهم –أي السعوديين- لا يريدون حقيقة أن يدخلوا في تبعية الأمريكيين).
بسبب ارتفاع أسعار برميل النفط إلى 60 دولاراً، فإن القوى الإنفاقية للدول السنية انتعشت بقدر كبير، فحكومة الإمارات العربية المتحدة وحدها، تتوقع أن تحصل على دخل إضافي يبلغ 100 مليار دولار خلال العامين أو الثلاثة أعوام القادمة، إذا ظلت أسعار برميل النفط في حدود مستوياتها الحالية. وما يصل إلى 20% من هذا العائد الإضافي سوف يتم استخدامه واستغلاله في تحديث الدفاعات العسكرية الإماراتية.
يقول تيم ريبلي، محلل شؤون الشرق الأوسط في جانيز ديفينس وكيلي: (لدول الخليج قائمة مشتريات من الأسلحة والعتاد العسكري سوف تبلغ جملتها أكثر من 60 مليار دولار إذا تم إنجاز وإتمام كل الصفقات الجاري النقاش حولها الآن).
الصفقة الأكبر من بين الصفقات الخليجية العسكرية، سوف تتمثل في شراء السعودية العربية لـ: 72 طائرة مقاتلة نفاثة (ايروفايتر) طراز تايفون التي تعمل بنظام بي.إيه.إم، وهي صفقة يجري وضع لمساتها الأخيرة الآن، ويتوقع اكتمالها وإنهاءها إذا تم إلغاء التحقيق حول فضائح تورط الزعماء السعوديين في عمولات ورشاوى صفقات الأسلحة السعودية- البريطانية السابقة.
بعد حرب الخليج في عام 1991م، أنفقت السعودية وبعض الدول الخليجية الأخرى حوالي 10 مليارات دولار، والآن تهرع هذه الدول مهرولة مرة أخرى إلى بازارات الأسلحة والعتاد العسكري التي سوف تقام بدبي ويشترك فيها أكثر من 900 عارض لـ(السلع والبضائع)، ومن بين هؤلاء العارضين والباعة نجد الشركات البريطانية ممثلة بـ: ريمبلوي، لاندروفر، كوينتيك، رولزروليس، وبي.إيه.إي، وتشير التوقعات إلى أن المنافسة في معرض دبي الدولي للأسلحة سوف تكون أكثر احتداماً.
يقول مارك لي، منظّم المؤتمر الصحفي الذي سوف يتم إجراؤه يوم السبت الذي سوف يسبق افتتاح معرض دبي: (الناس يهتمون بأنه إذا انهار وتفتت العراق بشكل كامل، فإن ذلك يمكن أن يطفح ويصل إليهم.. وهم واعون لمخاطر التهديد الموجودة في الجانب الآخر من الخليج- المتمثلة في الخطر الإيراني..).
الرقم القياسي في آخر جولات معرض دبي للأسلحة والعتاد العسكري الذي تم إجراؤه في عام 2005م، كان 2 مليار دولار، وكان عبارة عن الصفقات التي تم تنفيذها خلال فترة فخمسة أيام، ولكن في هذا العام هناك توقعات –باتت شبه مؤكدة- بأن الرقم الجديد سوف يكسر الرقم القياسي السابق.. كذلك سوف يأتي للمعرض حوالي 45 ألف ضيف ومندوب.
وعموماً نقول: هل باتت إيران تشكل خطراً بهذا المستوى على أمن الخليج، وفقاً لما هو معلن حالياً، أم أن (غير المعلن) الذي يقول بأن الهدف الأمريكي الحقيقي من إثارة الضجة حول الخطر الإيراني، هو القيام بعملية امتصاص شاملة لفوائض عائدات النفط الخليجي عن طريق بيع الأسلحة المتطورة بأسعار باهظة للخليجيين بعد إجبارهم قسراً ورغم أنفهم على قبول وتصديق (أطروحة) الخطر الإيراني، الأمريكية، بما يجعلهم مرغمين على دفع ما حصلوا عليه من أموال للشركات الأمريكية والبريطانية، على النحو الذي يجعل الاقتصاد الأمريكي والبريطاني يسترد الأموال التي دفعها ثمناً للنفط..
وثمة ملاحظة في غاية الأهمية تقول: إن الخليجيين سوف يتم بيعهم أسلحة تصلح للدفاع عن العدوان الخارجي.. والذي قد لا يحدث أبداً.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد