شيراك «غريب في الأليزيه»
بعد 40 سنة من العمل السياسي، تحدث الرئيس الفرنسي جاك شيراك، للمرة الاولى، عن شؤونه الخاصة والعامة بصراحة، كاشفاً أن أكبر مأساة واجهته في حياته كانت إصابة ابنته بفقدان الشهية المرضي.
وأجرى الزعيم البالغ من العمر 74 سنة عددا من المقابلات التي تميزت بالصراحة الكبيرة وستنشر في كتاب يحمل عنوان "غريب في الاليزيه" الاسبوع المقبل.
وأوردت مجلة "ماريان" الاسبوعية امس مقتطفات من الكتاب، نال فيها شيراك من بعض خصومه السياسيين في الداخل، وشرح بعض مشاكله مع الولايات المتحدة ولعن الليبرالية الاقتصادية.
وتحدث الزعيم المعروف بتحفظه وحرصه على إخفاء ما يتعلق بأسرته، عن مشكلة ابنته الكبرى لورانس، وقال: "لا مجال للإنكار. كانت هذه مأساة حياتي. لدي ابنة كانت ذكية ورائعة وأصابها فقدان الشهية المرضي عندما كانت في الـ15 من العمر". وأضاف ان ابنته التي تبلغ الآن 48 عاماً، لم تتعاف بعد وتحتاج الى رعاية ومراقبة على مدار الساعة.
وسئل هل يلوم نفسه أو يعتبر أنه مسؤول بأي شكل عن مرضها، فأجاب بأنه "ربما لم يُعمل ما يكفي في البداية، لا أعلم... ربما كان علي عمل المزيد، لا أدري. وأنا اتحدث عن الجانب النفسي".
وتطرق الرئيس إلى حياته العاطفية، نافياً ما ورد في كتاب صدر حديثاً عن أنه كان يعتزم ترك زوجته بسبب إحدى عشيقاته، لكنه أقر بماضيه في الحب، قائلا من غير ان يخوض في التفاصيل: "المغامرات العاطفية لم يكن لها دور حاسم في حياتي. كانت هناك نساء، وأحببت كثيرات بتعقل قدر الامكان. لم اكره النساء، لكني لم أسئ إليهن قط".
وقد أسند شيراك إلى الكاتب بيار بان مهمة تدوين كتابه، وهو الذي كسب ثقة الرئيس الاشتراكي السابق فرنسوا ميتران وكتب سيرته. وامتدح الرئيس سلفه ووصفه بأنه "رجل حاد الذكاء ومثقف".
وقد يجد قارئ بعض المقتطفات من الكتاب ما يجعله يعتقد ان الرئيس الفرنسي في أعماقه اشتراكي أكثر من كونه محافظاً. فمعظم التعليقات السياسية السلبية الواردة فيه تتناول سياسيين من يمين الوسط بمن فيهم الرئيس سابقا فاليري جيسكار - ديستان الذي صوره بأنه "قاس اجتماعياً" ورئيس الوزراء سابقا ادوار بالادور "المغرور".
وانتقد شيراك اقتصاد السوق الحرة وقارنه بالاشتراكية، فـ"كلاهما انحراف للفكر الانساني ذاته"، معتبراً أن العولمة لايمكن ان تستمر طويلاً. وانتقد شركات الولايات المتحدة وايديولوجيتها، وقال عن ذلك: "صحيح أني أجد من الصعب قبول هيمنة شركات مثل كوكاكولا، وأنه كانت لدي مشاكل دائمة مع الولايات المتحدة التي تريد دائماً فرض وجهة نظرها". كذلك انتقد الحرب الاميريكية على العراق، قائلا: "نبهت الرئيس الاميركي (جورج بوش) 36 مرة الى أنه يرتكب خطأ تاريخياً".
وتحدث ايضا عن مسيرته العملية التي ميزتها أحياناً سلسلة صعود وهبوط محيرة، فأكد أنه يرغب في ان يعتبره الناس شخصاً دافع عن التسامح في فرنسا. وكشف تقديمه مساعدات مالية سرية لحزب المؤتمر الوطني الافريقي في جنوب افريقيا خلال حقبة التمييز العنصري، لأنه كان يشعر بالغثيان حيال العنصرية ومعاداة السامية.
وفي ما بدا إقراراً بأنه ربما كان يستطيع القيام بأكثر مما حقق خلال وجوده في السلطة، قال: "لا يمكن ان نقول إن شيئا لم يتحقق. ولكن يمكن المرء القول إننا لم نحقق كل ما كنا نطمح إليه".
المصدر: رويترز
إضافة تعليق جديد