هل تستطيع أنقرة فرض مشروعها في إدلب على النصرة؟
فرضت “جبهة النصرة” (جبهة فتح الشام)، واجهة “هيئة تحرير الشام وعمودها الفقري، نفسها لاعباً وحيداً في إدلب بعد طرد ميليشيا “حركة أحرار الشام الإسلامية” من أهم معاقلها في المحافظة، وسيطرتها على معظم مساحتها، واستطاعت تحييد الحكومة التركية التي راحت تهرول لطرح مشاريع واسترضاء الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة في الملف السوري لإيجاد موطأ قدم لها في ادلب من جديد لانعكاس ذلك على الحياة السياسية للرئيس رجب طيب أردوغان وحزب “العدالة والتنمية” الحاكم.
والسؤال الذي يطرح نفسه: هل ما زال بمقدور أنقرة لعب الدور ذاته الذي كان متاحاً لها قبل هيمنة “النصرة” على ادلب أو فرض مشروعها وأجندتها فيها بحضور فرع تنظيم القاعدة في سورية لتجنيب المحافظة ضربات “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن التي تحدثت تسريباتها الأخيرة عن وجود 10 آلاف مقاتل من أهم مقاتلي “القاعدة” بعد الإفصاح عن وجهة نظرها بأن ادلب “أهم تجمع للتنظيم في العالم” على لسان المبعوث الأمريكي إلى سورية مايكل راتني.
مصادر معارضة مقربة من ميليشيات مسلحة في ادلب، أكدت أن استعادة أنقرة لدورها في ادلب بات ضربا من المستحيل بعد ارتكابها أخطاء جسيمة بمحاولة تبييض صفحة “النصرة” في ادلب وبذلها مساعي لتعويمها ثم انقلاب الأخيرة عليها بشكل نهائي ورفضها أي مشروع تركي لحل الأزمة ومنعها من التفاقم ومنها المشروع الذي سربته جريدة “يني شفق” التركية المقربة من دوائر صنع القرار في العاصمة أنقرة عن خطة تركية مؤلفة من ثلاث نقاط تقضي بتشكيل هيئة إدارة مدنية محلية في مدينة ادلب تحل محل مجلس ادلب المحلي التابع لما يسمى “الحكومة المؤقتة” بهدف إدارة المدينة إضافة إلى إبعاد الميليشيات المسلحة عن إدارة المدينة وحل “النصرة” ومظلتها “تحرير الشام”.
وأكدت المصادر أن أنقرة لا تملك الوسائل لتنفيذ مشروعها وأن الهدف منه صرف واشنطن عن التفكير بإدخال ادلب ضمن قائمة أهدافها بعد أن استبعدتها لفترة بعد هيمنة “النصرة” عليها ثم إعادة تسليط الضوء عليها مجدداً على لسان مسؤولين فيها.
وترى المصادر أنه ليس بمقدور الحكومة التركية ولا الميليشيات الموالية لها، وخصوصاً “احرار الشام” التي منيت بهزيمة قاسية، تقليم أظافر “النصرة” التي استشرت وباتت عصية على التطويع سيما مع طرح مشروعها لتأليف إدارتين مدنية وعسكرية لإدارة شؤون المحافظة وسعيها لاستقطاب هيئات وميليشيات صغيرة وشخصيات سياسية معارضة للمشاركة في مشروعها هذا الذي رفضته أنقرة وطرحت مشروعها البديل غير القادر على الحياة قبل ولادته.
ولذلك سعت أنقرة نحو استرضاء طهران وتفعيل التعاون العسكري معها خلال زيارة رئيس الأركان الإيراني إليها ولقائه بنظيره التركي وتقارب وجهات النظر بما يخص الملف السوري عدا عن سعي الساسة الأتراك على نيل رضا موسكو لما يخص الجولة السادسة من مؤتمر “استانا” والعمل على إفشال الجهود السعودية للخروج بنتائج في مؤتمر “الرياض 2” الذي حضرته منصتي موسكو والقاهرة لإفساح الطريق أمام تفاهمات تركية روسية حول ادلب في “الأستانة” ستتضح نتائجها على الأرض ربما قبل عقد الجولة المقبلة في أيلول المقبل وبمقاربة واقعية تقدم خلالها أنقرة التنازلات المطلوب تقديمها.
إدلب – الوطن أون لاين
إضافة تعليق جديد