عباس للإسرائيليين: حماس تتغير فلا تضيعوا الفرصة
دعا الرئيس محمود عباس (أبو مازن) الإسرائيليين إلى التأثير على حكومتهم لمنح الفرصة للحكومة الفلسطينية الجديدة، مشيراً إلى ما وصفه بـ «الاعتدال الحاصل» في مواقف قادة حركة «حماس» السياسية، ومعرباً عن ثقته بأن مفاوضات حقيقية وجدية بين السلطة وإسرائيل ستقود إلى حل كل القضايا، بما فيها قضية اللاجئين الفلسطينيين. واستهجن الموقف الإسرائيلي الذي يرهن أي تقدم في العملية السياسية بالإفراج عن الجندي المخطوف في قطاع غزة غلعاد شاليت فيما أكثر من عشرة آلاف فلسطيني يقبعون في سجون الاحتلال.
ووردت تصريحات عباس في مقابلة خص بها صحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية وحرص فيها المحاوران ناحوم بارنياع وروني شكيد على تأكيد مواقف عباس المعتدلة والبراغماتية، لكنهما أضافا ان حكومة ايهود اولمرت «عافت عمليا أبو مازن وثمة شعور بأن هذا الشخص اللطيف والأكثر وداً لإسرائيل من سائر زعماء المنطقة، باع نفسه للشيطان، فانبطح أمام كل مواجهة وتنازل وساوم وخنع، وفي نهاية المطاف اتخذ قرارا استراتيجياً بتفضيل الشراكة مع حركة حماس على التزاماته للولايات المتحدة وإسرائيل... وبلغ الذروة باستسلامه في قضية شاليت».
عن ذلك يقول عباس إنه اتخذ فعلاً قراراً استراتيجياً بالتعاون مع «حماس» لكنه لم يغير مواقفه، مضيفاً انه حاول فعلا أن يكون موضوع شاليت شرطا لموافقته على حكومة الوحدة «لكن حماس ولأسفي لم تتجاوب معي». وأضاف مخاطبا الإسرائيليين كما فعل ردا على الأسئلة المختلفة: «لكنني أريد أن أسألكم هل حقاً يعنيكم الجندي شاليت أكثر من أي موضوع آخر؟ هناك في السجون الإسرائيلية عشرة آلاف فلسطيني وعندنا واحد فقط... إننا نعمل ليل نهار بالتعاون مع المصريين من أجل الإفراج عنه. ليس أنا فقط إنما (رئيس المكتب السياسي لحماس) خالد مشعل أيضا».
وعن سياسة الحكومة الفلسطينية الجديدة، قال عباس ان لا أحد يدعي ان «حماس» قبلت بشروط الرباعية الدولية، «لكننا توصلنا إلى تسوية، ومن يقول إن هذه التسوية ليست خطوة ايجابية، فإنه لا يعي الواقع. فحماس أعلنت انها ستحترم المبادرة السعودية للسلام والاتفاقات التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية». وتابع ان الإسرائيليين يقيمون ضجة كبيرة في شأن الفارق بين احترام الاتفاقات والالتزام بها، «وأنا أقول ان الاحترام الطوعي والحر أفضل من الالتزام القسري». وزاد ان الاختلاف بينه وبين «حماس» هو في ان الأخيرة لا تزال لا تعترف بمبدأ الدولتين، «لكنها مع هذا قبلت بكتاب التعيين الذي صغته شخصياً ويشمل السعي لإقامة دولة فلسطينية في حدود العام 1967... ورئيس الحكومة اسماعيل هنية كرر ذلك في خطابه». وأضاف ان ثمة أمراً آخر تنازلت عنه «حماس» هو المشاركة في مفاوضات سياسية، «وهذه من مسؤولياتي ومسؤولية منظمة التحرير».
وطلب عباس من الإسرائيليين قراءة الخطوط العريضة للحكومة ليتيقنوا انها مستعدة لوقف متبادل للنار «ورئيسها هنية فعلاً يريد ذلك، وأعتقد ان هنية ومشعل سيتجهان نحو الاعتدال إزاء الحاجة لمواجهة الواقع».
وردا على سؤال عما إذا كان تشكيل الحكومة الحالية يعني «حمسنة» الشارع الفلسطيني، قال عباس إن «حماس» اضطرت إلى التنازل عن حكومة خاصة بها بعد أن فشلت في تصريف الأمور: «الشعب رفض هذه الحكومة... الشعب يفهم الواقع... ماذا كانت نتائج المواجهات العنيفة بيننا... حكومة وحدة استبدلت حكومة حماس، والمناصب الأهم ليست في أيدي الحركة... حماس حكومة للشؤون الداخلية، فيما الشؤون الخارجية بأيدينا... أنا لم أغير مواقفي. حماس هي الآخذة في التغير... ولنساعدها في مواصلة التغير».
ويكتب المحاوران ان عباس بات على قناعة بأن مشعل يسلّم، خلافاً للماضي، بالمبادرة العربية للسلام، لكنه مع ذلك يعارض بشدة التعديلات التي تطالب إسرائيل بإدخالها على المبادرة. ويقول عباس إن بند اللاجئين يتحدث عن حل متفق عليه على أساس القرار الدولي الرقم 191، اي حل بالاتفاق، مضيفا ان حل هذه المسألة ممكن من خلال الحوار والتفاوض.
وتوجه إلى الإسرائيليين بمنح الحكومة الجديدة الفرصة لأنهم إذا اقتنعوا بها، فإن حكومتهم ستقتنع هي أيضا، وبالتالي ستقنع واشنطن. وأضاف: «عليكم أن تفهموا الواقع... حماس هي التي انتصرت في الانتخابات للمجلس التشريعي، وكان ينبغي أن تكون الحكومة كلها تحت سيطرتها... والحكومة الجديدة ليست تحت سيطرة حماس... لماذا لا تستوعبون الأمر... تقولون إنكم موافقون على دولة فلسطينية، أين هذه الدولة؟... علينا أن نجلس لنجدها... إننا نتقاتل على الهواء... كفوا عن البحث عن ذرائع، أمامكم شريك فلسطيني... ونحن مستعدون... لا تضيعوا الفرصة». وزاد: «إننا مستعدون الآن لمفاوضات حول الحل الدائم... أرجوكم كفوا عن القول إن لا شريك فلسطينياً».
وأكد عباس تأييده استئناف المسار التفاوضي بين إسرائيل وسورية، وقال إنه يؤيد تفاوض إسرائيل و57 دولة إسلامية: «ننصحكم بالتوصل إلى سلام مع كل دول العالم الإسلامي، وهكذا لن تعيشوا أكثر في جزيرة نائية. جميع هذه الدول يدعم المبادرة السعودية بصفتها أكثر مبادرة سلام جدية منذ 1948».
وينقل الكاتبان عن عباس انه لن يرشح نفسه مجددا للرئاسة، وأنه يعدّ الأيام المتبقية على انتهاء ولايته (21 شهرا). وعندما سئل ماذا ينوي أن يفعل بعد تنحيه، قال: «أن أزور مسقط رأسي، صفد». وسئل عن هوية من سيخلفه، فقال: «الشعب هو الذي سيختار». وختم المحاوران بسؤاله هل سيختار الشعب مروان البرغوثي؟: «أجاب، ربما، لكننا لم نلمس أي حماسة في جوابه».
أسعد تلحمي
المصدر: الحياة
إضافة تعليق جديد