الإعلام الأمريكي في رمال اللغز السوري
ليس لدى وزارة الإعلام السورية ما تخشاه حتى تفتح بوابةَ إذونات الدخول لأخطر وسائل الإعلام العالمية بالنسبة لها، وأكثرها دهاءاً وعداءاً للحكومة والسلطة السورية. ثمة إقبال غير مسبوق من الميديا الأمريكية نحو دمشق، تقابله السلطات السورية على الرحب والسِّعة.
يتجول مراسلو صحيفة النيويورك تايمز حالياً في الغوطة الشرقية، في حرستا، في حلب وفي محافظة اللاذقية أيضاً. فيما يحزم كبير مراسلي صحيفة الواشنطن بوست “كيفين سوليفان” حقائبه للتوجه إلى دمشق على جناح السرعة، وكذلك سيفعل فريق من قناة الـ CNN الشهيرة.
يُجري مراسلو النيويورك تايمز لقاءات مع أكثر الفئات الشعبية تشدداً في تأييد الرئيس السوري بشار الأسد، يبحثون عن إجابة لسؤال يحيرهم: لماذا يؤيد هؤلاء الأسدَ بهذه الطريقة وبتلك الشدة؟، حتماً سيقرأ كبار القادة في البيت الأبيض الإجابة على هذا السؤال عبر صفحات النيويورك تايمز، وأيضاً يجوب مراسلو الصحيفة ذاتها بلدات الغوطة الشرقية دون أية موانع أو سواتر سياسية أو رقابية.
ستكون بعض الرسائل الإعلامية القادمة من أرض الرمال والموت ـ كما وصفها ترامب ـ مزعجةً للبيت الأبيض. وفي أدنى درجات الحياد الإعلامي سينقل المراسلون الأمريكيون عبر تقاريرهم أخباراً لا تُفرح سيّد البيت البيضاوي، هؤلاء سيشاهدون بأم عينهم كيف يُمسك الأسدُ بالأرض ومعظم الجغرافيا السورية، سيشاهدون انضباطاً أمنياً يماثل ما كان عليه الحال قبل العام 2011.
سيكتشف هؤلاء أن الإيرانيين لا يحتلون دمشق أو أية مدينة سورية، ولن يكون حتى بوسعهم ملاحظة أي وجود إيراني في سورية. هل تبخّر الإيرانيون؟، لا لم يتبخروا، وليس مهماً هذا السؤال أصلاً، ثمة ما هو أكثر أهمية للصحفيين الأمريكيين لاستكشاف عمق العلاقة التحالفية بين الثورة الإسلامية الإيرانية والقيادة السورية، تلك العلاقة التي ستتمسك بها دمشق الآن أكثر من أي وقت مضى بعد الندية التي ظهرت مؤخراً في الاشتباك المحدود الذي حصل بين طهران وواشنطن وتجلى بإسقاط الحرس الثوري لطائرة إمريكية.
الإعلاميون الأمريكيون التواقون لسبر خفايا “النظام السوري” سيلاحظون انعدام المظاهر العسكرية داخل المدن والبلدات المأهولة رغم أن الحرب لم تنتهِ بعد، وتوّاقون لمعرفة طريقة التكيف الغريبة والعجيبة التي تُدير بها دمشق شؤونها رغم العقوبات الأمريكية، لكن تلك واحدة ألغاز العاصمة العصية على السقوط.
كامل صقر
إضافة تعليق جديد