المؤيدون والمناهضون لزيارة بيلوسي إلى سوريا:
الجمل: انتقادات بوش والإدارة الأمريكية لنانسي بيلوزي، بسبب زيارتها لسوريا، أعقبتها موجة هجوم إعلامي كبير قامت بها أجهزة الإعلام ومراكز الدراسات التابعة لجماعة المحافظين الجدد، والمؤيدة لتوجهات صقور الإدارة الأمريكية.
الانتقادات لرئيسة مجلس النواب الأمريكية، تركزت في النقاط الآتية:
- التحرك بشكل يستهدف عرقلة توجهات الإدارة الأمريكية في الشرق الأوسط.
- الإضرار بخطط وزارة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط.
- التعامل مع أعداء أمريكا، الداعمين للإرهاب والحركات الإرهابية التي تهدد أمن أمريكا وحليفتها الاستراتيجية إسرائيل.
- عدم الالتزام بمبدأ وحدة التحرك السياسي الأمريكي الرسمي.
دافعت السيدة نانسي بيلوزي رئيس مجلس النواب الأمريكي عن نفسها، على أساس اعتبارات أن السياسة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط قد أضرب كثيراً بالمصالح الأمريكية، وبسمعة أمريكا، وذلك من جراء عملية الامتناع عن التفاوض والتفاهم مع أطراف الصراع في الشرق الأوسط.
وأضافت نانسي بيلوزي بأنها استطاعت في لقائها مع القيادة السورية تبادل وجهات النظر ونقل وجهات نظر الأطراف الأخرى. وأضافت بأنها لم تكن أول عضو كونغرس يقوم بزيارة سوريا، بل سبقها عدد من أعضاء الكونغرس، ومن الحزبين الديمقراطي والجمهوري في ذلك.. وقالت أيضاً بأنها تتمسك بحقها الرسمي كعضو في الكونغرس في القيام بالجولات الميدانية لتفقد الأوضاع داخل وخارج الولايات المتحدة.
وقد اتسع نطاق المعركة السياسية والإعلامية الدائرة في أمريكا حول زيارة رئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى سوريا، فبالإضافة لانتقادات بوش، قام ديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي بتوجيه المزيد من الانتقادات لها.
على الجانب الآخر المؤيد لنانسي بيلوزي، قامت بعض الشخصيات والجهات الأمريكية، بإعلان تأييدها ومساندتها لنانسي بيلوزي، ومن أبرزهم:
• هيلاري كلنتون (عضو الكونغرس الأمريكي)
في لقاء مع محطة راديو سيراكيوز، أعلنت تأييدها القوى لزيارة نانسي بيلوزي إلى سوريا، وقالت بالحرف الواحد: (لا أتفق مع وجهة نظر الرئيس –بوش- القائلة لأن لا تتحدث –مع الآخرين- الذين تخاصمهم الإدارة الأمريكية).. وأضافت هيلاري كلنتون واصفة أسلوب الرئيس بوش بأنه أسلوب غير ذكي.
وعلقت إحدى الصحف الأمريكية قائلة بأن هيلاري كلنتون صائبة في حديثها، وذلك لأن إعطاء الفرصة لسوريا هو حصراً السبيل الوحيد الذي يؤدي لجعل سوريا جزءاً من الحل.. لأنه بخلاف ذلك سوف تكون سوريا جزءاً من المشكلة.
• توم لانتوس (عضو الكونغرس الأمريكي)
يتولى النائب توم لانتوس رئاسة لجنة العلاقات الخارجية التابعة لمجلس النواب، وتصدى في مؤتمر صحفي رافضاً الانتقادات الموجهة ضد نانسي بيلوزي بسبب زيارة دمشق، وقال لانتوس: (لا أعرف إذا ما كان الأمر محزناً، أم متعلقاً بالنفاق والرياء المتزايد).. وأضاف قائلاً: (لقد أفزعتني محاولة الإدارة –الأمريكية- التقليل من شأن طبيعة المهمة التي قامت بها نانسي بيلوزي).
• لي هاميلتون (الرئيس المشارك لجيمس بيكر في مجموعة دراسة العراق، وعضو الكونغرس سابقاً)
تحدث في لقاء صحفي مع موقع أونلاين نيوزهاور الالكتروني الأمريكي، قائلاً بوجود التأثير السوري والإيراني على العراق.
وأضاف قائلاً: إننا نعتبر سوريا وإيران جزءا من المشكلة في العراق، وانطلاقاً من هذا الاعتبار كان رأي لجنة مجموعة دراسة العراق هو العمل من أجل جعل سوريا وإيران جزءاْ من حل المشكلة..
وأضاف معلقاً على رفض الإدارة الأمريكية للتعامل مع سوريا وإيران، قائلاً بأن نهاية العالم لن تحدث إذا بدأنا التفاهم والتفاوض مع سوريا وإيران.. وأكد لي هاميلتون بأن التفاوض والتفاهم مع سوريا وإيران سوف يعزز فرص أمريكا الهادفة لتحقيق استقرار العراق.. ووصف عدم قيام الإدارة الأمريكية بالتفاهم والتفاوض مع سوريا وإيران بأنه يعود إلى افتقار الدبلوماسية الأمريكية للثقة والمصداقية.
وعموماً فإن خارطة الصراع السياسي الدائر حالياً حول الملف السوري، هي خارطة يمكن رسمها على النحو الآتي:
• أطراف الصراع:
- الديمقراطيون، وبعض الجمهوريين المعتدلين: ويمثلون معسكر المتفائلين بإمكانية حل القضايا والمشاكل الشرق أوسطية عن طريق التفاهم والحوار مع سوريا.
- البيت الأبيض وصقور الإدارة الأمريكية، والجمهوريون المتشددون: ويمثلون معسكر المتشائمين الرافضين الحوار والتفاهم مع سوريا.
• قضايا الصراع، وتتمثل في الآتي:
- الملف العراقي.
- الملف اللبناني.
- الملف الفلسطيني.
- ملف الجولان المحتل.
- الملف الإيراني.
- الملف الإسرائيلي.
• الأطروحات، والأطروحات المضادة:
- أطروحة معسكر المتفائلين: ويقولون بضرورة التفاهم والحوار مع سوريا، وذلك من أجل تبادل وجهات النظر، إضافة إلى أن الحوار والتفاهم يمكن أن يؤدي إلى جعل سوريا جزء من الحل، وذلك لأن عدم الحوار والتفاهم سبق أن أدى لجعل سوريا تمثل جزء من المشكلة.
- أطروحة معسكر المتشائمين: ويقولون بضرورة إضعاف سوريا عن طريق عزلها والضغط عليها، حتى تقبل شروط الإدارة الأمريكية المتمثلة في: عدم دعم وإيواء الإرهاب، وتنفيذ القرارات الدولية المتعلقة بلبنان، وعدم السماح بالدعم لحزب الله.. والحركات الفلسطينية، ويرى هذا المعسكر بأن عدم التفاهم أو الحوار مع سوريا يشكل أحد الأدوات والوسائل الرئيسية في إنجاز مخطط عزل سوريا تمهيداً لإضعافها عن طريق العقوبات والوسائل الأخرى.
• مسار الصراع:
كانت الوقائع قبل انتخابات الكونغرس في 7تشرين الثاني 2006م تشير إلى هيمنة أطروحة معسكر المتشائمين على توجهات السياسة الخارجية الأمريكية تجاه سوريا، ولكن بعد هزيمة الجمهوريين وفوز الديمقراطيين، وخروج رامسفيلد من البنتاغون، وزوليك من وزارة الخارجية الأمريكية، أصبحت التوازنات في غير صالح الجمهوريين والمحافظين الجدد وجماعة الإدارة الأمريكية.
وقد حاولت الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض السيطرة على الأوضاع عن طريق الإبقاء على خيار: لا تفاوض، لا تفاهم، ولا تواصل مع سوريا.. وذلك عن طريق سيطرتهم على وزارة الخارجية الأمريكية، وإبقاء الكونغرس الأمريكي تحت رحمة تقارير الإدارة الأمريكية.
ولكن لاحقاً أدت جولات أعضاء الكونغرس الأمريكي ورئيسة مجلس النواب الأمريكي إلى سوريا إلى بلورة نموذج (الدبلوماسية العامة)، الذي أدى إلى كسر احتكار وزارة الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض إلى سياسة الشرق الأوسط عن طريق (الدبلوماسية الرسمية).
وعموماً فإن الجولات القادمة من المعركة الأمريكية حول الملف السوري، سوف تتصاعد إلى مواجهة أكبر بين معسكر المتفائلين ومعسكر المتشائمين، وذلك على النحو الذي قد يؤدي على إفقاد الإدارة الأمريكية كامل مصداقيتها إزاء كامل سياستها الخارجية في الشرق الأوسط، وحالياً يحاول الرئيس بوش الالتفاف والمناورة على معسكر المتفائلين، عن طريق دعوته للديمقراطيين للاجتماع معه لمناقشة موضوع العراق.. وكما هو معلوم فإن موضوع العراق، سوف يتطرق بالضرورة للملف الإيراني والملف السوري، وتقول التوقعات بأن الرئيس بوش سوف يتحدث للديمقراطيين عن أهمية منطقة الشرق الأوسط بالنسبة لأمن أمريكا، ويستعرض لهم المشاكل التي تواجه الإدارة الأمريكية في هذه المنطقة، ويطلب منهم المساندة عن طريق دعم سياسات الإدارة الأمريكية الهادفة إلى حماية مصالح أمريكا وحلفائها من خطر الإرهاب، والتمرد، والتحالف الإيراني السوري، وأيضاً البرنامج النووي الإيراني.
أما عن رد فعل الديمقراطيين، فسوف يركزون على فشل السياسة الأمريكية إزاء العراق وبقية الشرق الأوسط ويطالبون الرئيس بوش بتحديد جدول زمني واضح للانسحاب، وبضرورة التفاهم والتفاوض مع الأطراف المعنية بالملفات الشرق أوسطية.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد