في زمن الطوابير.. ماهو الطابور الخامس؟
“إنت من وين ..أنا من بلد الطوابير”، ليست سوى جملة تعد تصرفا سوريا أطلقه رواد “الفيس بوك”، واستخدمته وسائل الإعلام، من المسرحية الغنائية الخالدة ” سهرة حب” للسيدة فيروز والقدير وديع الصافي.
فبدل “الشبابيك المجروحة بالحب المفتوحة عالصدفة”، تحولت “نقطة العلام” في تدوينات السوريين الفيسبوكية إلى “الطوابير المجروحة بالنطرة المفتوحة ع الأزمة”، وذلك منذ مطلع صيف 2020، وما رافقه من طوابير اصطفت حتى على الأدوية والسجائر.
من طابور الخبز، إلى طابور المؤسسة السورية للتجارة، وصولا إلى طابور البنزين، الذي بات يضرب أرقاما قياسية تؤهله لموسوعة غينيس، يقضي السوري معظم وقته، واقفا، منتظرا، و “متأملا”.
ولأن السوريين جربوا أنواع عدة من الطوابير خلال سنوات الحرب وما رافقها، كان لا بد من أن تلفت أسماعهم كلمة طابور، اينما حلت في الكلام، ليتعرفوا على ذلك الطابور، “وهل فيه دور حر أم لا؟”.
من المصطلحات التي يقترن معها ذكر الطابور، مصطلح “الطابور الخامس”، الذي يشير عموما إلى مجموعة من الأشخاص الذين يثيرون البلبلة في البلاد، لغايات مرتبطة بقوى معادية، يعملون لصالحها.
ويقترن ذكر تلك المجموعة، خاصة بفترات الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كدلالة على أن “ثلة من الناس استغلت تلك الأزمات، وانخرطت فيها، لضرب البلاد من الداخل”.
ويعود أصل المصطلح إلى الحرب الأهلية الإسبانية، في ثلاثينيات القرن الماضي، وأول من أطلق هذا التعبير هو الجنرال “اميليو مولا”، أحد قادة القوات الوطنية الزاحفة على مدريد.
وكانت القوات تتكون من أربعة طوابير فقط، فقال “مولا” حينها: “إن هنالك طابورًا خامساً يعمل معنا نحن الوطنيين في جيش الجنرال “فرانكو” ضد الحكومة الجمهورية التي كانت ذات ميول ماركسية”.
وبحسب المؤرخ الإنجليزي “هيو توماس”، فإن “مولا” قال هذا الكلام، حين سُئل عن أي من الطوابير الأربعة التي يتكوّن منها جيشه سيفتح مدريد، في إشارة ضمنية إلى الجماعات الفرانكية الموالية للملكية التي كانت تعمل في الخفاء داخل العاصمة.
واستعمل المصطلح، لوصف كل من يُبدي نزعة إلى الحياد أو إلى عدم إدانة تصرفات ألمانيا النازية، ورسخ أكثر مع استسلام فرنسا في صيف 1940، إذ كثر الحديث عن وجود طابور خامس سلَّم البلاد للنازية.
ويستخدم المصطلح أيضا في اليابان، كوصف للكوريين الشماليين فيها، والتابعين لمنظمة “كونجراين” الموالية لحكومة كوريا الشمالية.
في سوريا، ربما أكثر ما يخيف السوريين عند ذكر الطابور الخامس، هو أن يكون مجرد إشارة لمادة جديدة، سيضطرون للوقوف ارتالا بانتظارها، وقد يأتيك جواب ” بعد البنزين، والرز، والخبز، والسكر، شو المادة الخامسة اللي رح ينعملا هاد الطابور ؟”.
الخبر
إضافة تعليق جديد