أمريكا وإضعاف قوة إيران عبر ملف الأقليات الإيرانية
الجمل: سيناريو إشعال الصراع والعنف السياسي الداخلي، يمثل أحد الخيارات المدرجة على طاولة إدارة بوش، والمتعلقة بإضعاف قوة إيران، وعرقلة نموها المطرد لتصبح قوة كبر إقليمية أو عالمية.
• التركيب الاجتماعي:
تشير الإحصاءات إلى أن نصف عدد سكان إيران (البالغ عددهم حاليا 70 مليون نسمة) لا ينتمون للأصل الفارسي، بل إلى أصول أخرى، الأمر الذي جعل إيران بلداً متوسط التجانس. وعلى أساس الاعتبارات القائلة بأن العنف السياسي، هو حالة هيكلية تتعلق أولاً وأخيراً بالطبيعة التركيبية البنائية للمجتمعات، فإن المجتمع الإيراني ينطوي على قدر من العنف الكامن داخل بنياته وهياكله الاجتماعية، شأنه في ذلك شأن كل مجتمعات البلدان الأخرى متوسطة أو قليلة التجانس الاجتماعي والسكان.
تقول المعلومات بأن نصف سكان إيران (أي 35 مليوناً) هم من أصول فارسية، والنصف الآخر (أي الـ35 مليون أيضاً) هم من الأصول: العربية 3% (جنوب غرب إيران)، الأذربيجانية 24% (شمال إيران)، الكردية 7% (غرب إيران)، الأفغانية (شرق إيران)، الطاجيك 2% (شمال شرق إيران)، التركمان 2% (شمال غرب إيران) البالوش 2% (جنوب شرق إيران)، الغيلاكي- مازانداراني 8% (شمال إيران)، إضافة إلى مجموعات غير فارسية أخرى.
• التناقضات الكامنة:
برغم التعايش الطويل بين القوميات الإيرانية، فإن عملية الاندماج الوطني الإيراني، لم تكتمل بعد إلى المستوى الذي يمكن القول بأنه غير قابل للارتكاس والتراجع.
فالتناقضات المذهبية الطائفية، والاثنية، ماتزال موجودة، إضافة إلى التناقضات الأيديولوجية القائمة بين المطالبين بالطابع العلماني للدولة، وبين أنصار النموذج الإسلامي الحاكم حالياً في إيران.. وقد لعبت الشعبية الواسعة المؤيدة لنموذج الثورة الإسلامية الإيرانية دوراً كبيراً في تحقيق الاستقرار خاصة وأن الحكومات التي توالت على السلطة في إيران بعد قيام الثورة الإسلامية، كانت تستند إلى صيغة متوازنة لإدارة شؤون الدولة والمجتمع في إيران.
• مخطط الاستهداف:
استطاعت أجهزة المخابرات الأمريكية والغربية، التقاط المزيد من عناصر المعارضة الإيرانية، وقامت هذه الأجهزة أيضاً، وبالذات في الولايات المتحدة الأمريكية بإنشاء المزيد من مراكز الدراسات المختصة بالشؤون الإيرانية، وبرز باحثون أمريكيون وغربيون استطاعوا معرفة المجتمع الإيراني بعمق، يأتي في مقدمتهم خبير الشؤون الإيرانية في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى باتريك كلاوسن، الذي ألّف العديد من الكتب والأوراق الاستراتيجية عن إيران.
المفاصل الأساسية لمخطط استهداف إيران من الداخل تركز على الآتي:
- تجميع النخب البارزة في كل جماعة اثنية إيرانية.
- تنظيم الجمعيات والأحزاب والتجمعات ذات الطابع الاثني الاجتماعي.
- إثارة موضوع الأقليات الإيرانية.
- تسييس الخلافات الإيرانية- الإيرانية حول:
* حقوق الأقليات.
* قضايا اقتسام السلطة والثروة.
* التوجهات الشيعية للدولة الإيرانية.
* إعادة النظر في نظام المرجعيات الدينية.
- قضايا الحكم الداخلي، والمطالبة بتنظيم الدولة داخلياً من نظام المحافظات إلى نظام الفيدراليات ومناطق الحكم الذاتي الإقليمي العالي الاستقلالية، كأن يطالب الأكراد الإيرانيون بالحق في إقامة كردستان الإيرانية الذاتية الحكم على غرار كردستان العراقية.
التحركات الداخلية، ترتب الإدارة الأمريكية وفرنسا وبريطانيا على مساندتها ودعمها عن طريق المنظمات الدولية مثل مجلس الأمن الدولي ومنظمات الأقليات وحقوق الإنسان الدولية والتابعة للأمم المتحدة.
تهدف أمريكا إلى تزامن تحركات الأقليات الإيرانية مع عملية فرض العقوبات الدولية الشاملة ضد إيران.. إضافة إلى افتراض الإدارة الأمريكية بأن تشديد العقوبات الاقتصادية والحصار الاقتصادي ضد إيران سوف يؤدي إلى تدهور الأوضاع الداخلية على النحو الذي يوفر مجالاً خصباً لنمو المعارضة الداخلية وسخط الأقليات الإيرانية.
وعموماً، تتسم الدولة الإيرانية مثل غيرها بوجود ظاهرة المركز والأطراف، وحالياً يسيطر على (مركز) الدولة في إيران ذوو الأصول الفارسية بينما توجد الأقليات في (الأطراف) الإيرانية، بحيث يسيطر العرب على المنطقة الجنوبية الغربية (إقليم عربستان- خوزستان)، والبلوش على المنطقة الجنوبية الشرقية (إقليم بلوشستان)، والأكراد على المنطقة الشمالية الغربية (إقليم كردستان الإيرانية)، والأذر على المنطقة الشمالية (أذربيجان الإيرانية).
وحتى الآن، حدثت بعض المناوشات والاضطرابات في هذه المناطق، ففي منطقة عربستان- خوزستان، قامت الأقلية العربية السنية ببعض التحركات المعارضة، ونفس الشيء في منطقة أذربيجان الإيرانية، وكانت تتميز بطابعها السياسي السلمي المعارض، أما في إقليمي كردستان الإيرانية، وبلوشستان، فقد تميزت التحركات المعارضة بالطابع العنيف الذي يستخدم الوسائل العسكرية.
تشير كل التوقعات إلى أن القوى والأطراف الأجنبية بقيادة أمريكا وإسرائيل وحلفاءهما الغربيين نجاحهما محدود، وذلك بسبب حركة التطوير والتحديث التي استطاعت الدولة الإيرانية إنجازها على النحو الذي رفع من مستوى معيشة الأقليات الإيرانية التي كانت تتعرض للكثير من الظلم والكبت والتهميش خلال فترة حكم الشاهنشاه السابق رضا بهلوي الموالي لأمريكا والغرب وإسرائيل.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد