ترميم حمام النحاسين في حلب
عادت الثريات النحاسية والفوانيس المضيئة لتنير أروقة حمام النحاسين في مدينة حلب مع عمليات الترميم، بعد أن كان روّاده يمرون من أمامه كالغرباء، يشيرون بأصابعهم ويضربون كفاً بكف ويديرون وجوههم ليمنعوا أنفسهم من البكاء.
وأجهزت الحرب التي عصفت بالمدينة العريقة على أحد أبرز معالم المدينة لتحول معلماً أثرياً عمره 950 عاماً إلى ركام وأنقاض.
وبني “حمام النحاسين”، أحد أقدم وأكبر الحمامات العامة في حلب، في القرن الثاني عشر على يد عائشة بنت صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية التي ولدت في كنف العصر العباسي ووحدت بلاد الشام ومصر والحجاز وتهامة واليمن، ليتم ترميمه عدة مرات خلال عصر المماليك، قبل أن يتم تدميره في العصر العثماني، وليعاد ترميمه مجددًا.
ويعتبر الحمام الذي يقع خلف الجامع الأموي بجانب سوق العطارين وأمام خان النحاسين، الأكثر فرادة في العالم وليس فقط في سوريا، فهو يضم حمامين، حمام الست (بمعنى السيدة- إشارة إلى صاحبته)، وحمام النحاسين، وبحسب صاحب الحمام، إبراهيم قطان، الذي يقول في حديثه لـ “سبوتنيك”: “تعرض حمام الست لخراب منذ 500 سنة خلال العهد العثماني، لكننا قمنا بترميمه وضممناه لحمام النحاسين، ليمتد حمام النحاسين بشكله النهائي على رقعة واسعة ويصبح أحد أبرز معالم المدينة”.
وكانت عمليات الترميم الشامل لحمام النحاسين قد بدأت هذا العام بعد تعرضه لدمار وأضرار بالغة إثر الاشتباكات المندلعة في المنطقة على مدار عقد من الزمن، بالإضافة لتعرض الحمام للسلب بدءاً من الصنابير إلى الأجران والوقود وجميع قطع الأثاث والديكورات.
وكان الحمام الضخم يمتاز بقبته المزينة وبوجود الفتحات الزجاجية للإنارة وزخرفة قاعة “البراني” فيه، وهو يتألف من 3 أقسام، “الجواني” للاستحمام، “الوسطاني” للتكييس والتلييف، “البراني” وهو باحة مرصعة بالرخام الملون ومساطب مفروشة تحوي خزائن لحفظ الثياب ويتمكن الزائر من الاستراحة فيها بعد الحمام.
وما يميز حمام النحاسين بشكل خاص، وحمامات مدينة حلب بشكل عام، أنها تجمع سكان المدينة بأفراحهم، حيث لا يزال بعض سكان المدينة يحافظون على تقاليد الاحتفال بالعريس والعروس في حفل “الحنّة” بحمام السوق قبل حفل الزفاف.
ولا تقتصر احتفالات الحمام بحسب تقاليد مدينة حلب على احتفال “الحنّة” الذي يسبق الزفاف، بل تمتد لتشمل مناسبات عديدة أخرى، كاستقبال مولود جديد، واحتفالات ما قبل الأعياد.
ويزفر إبريق الشاي منذ مئات السنين، على النار المتقدة في الرواق “البراني” في حمام النحاسين الحلبي، ويختلط صوته بأصوات الزغاريد المبشرة باحتفالات سكان المدينة الذين لطالما ألفوا أجواء البهجة والفرح.
سبوتنيك
إضافة تعليق جديد