عودة سوريا إلى مفتاح النموّ السريع: الزراعة

25-07-2022

عودة سوريا إلى مفتاح النموّ السريع: الزراعة

ليندا م. مطر:

مضت عشر سنوات، وما زالت سوريا في حالة حرب. في خضمّ هذه المأساة، ساهم القطاع الزراعي في التخفيف من الأضرار والحفاظ على الصمود. 

كانت شبكة الأمان الاجتماعي أساسية لصمود العديد من الأسر السورية، بما في ذلك النازحون من الأرياف. وفق البنك الدولي، كان نحو 7.7 ملايين شخص يسكنون المناطق الريفية في 2018. 

هؤلاء كانوا يعتمدون مباشرة أو بشكل غير مباشر، على قطاع الزراعة لتأمين دخل يكفيهم. وبحسب برنامج الغذاء العالمي، فإنه قبل انفجار الأزمة، كان 80% من سكان الريف السوري يعتمدون على الزراعة للتوظيف، أو لاستهلاك الغذاء المنزلي. 

أزعم أنه رغم الانتكاسة الكبيرة للقطاع الزراعي وانعكاسها على الأمن الغذائي، فإنه يمكن وصف الحالة خلال الحرب في سوريا بأنها بلا مجاعة. وباستثناء المناطق المحاصرة سابقاً، والمناطق التي يصعب الوصول إليها والتي احتلّتها الجماعات الجهادية المدعومة من الإمبريالية، لم يشهد السكان السوريّون سوء تغذية كبير. ويرجع ذلك إلى الأساس الزراعي القوي الذي يتمتّع به البلد بما يمثّله من ضمانة لثبات الإنتاج. 

ففي ظل الحرب والتفكّك الجغرافي، كان هناك نقص في الإمدادات الغذائية تفاقم بسبب الحظر الاقتصادي الغربي الذي شلّ حركة سلاسل التوريد الغذائية. لذا، زاد المزارعون أنشطتهم الزراعية لتلبية طلب السوق وتبعا لذلك تعزيز المرونة الوطنية. كما في الماضي، تم تنسيق هذه الجهود من خلال التدخّل الحكومي، وبالتالي التخفيف من الآثار المروّعة للحرب.


نتائج تبنّي النيوليبرالية


كان من الممكن أن تكون المقاومة الغذائيّة في سوريا أكثر قدرة لو لم تسرع سوريا بالإصلاحات النيوليبرالية في السنوات العشر التي سبقت الأزمة، أي بين عامَي 2000 و 2010. وباعتماد استراتيجيّات استقرار الاقتصاد الكلّي، التي يحثّ عليها صندوق النقد الدولي، خفّضت الحكومة دعمها واستثماراتها في الزراعة، وحرّرت الحركة التجاريّة، وبذلك السماح بالاستيراد الرخيص ما أضعف الإنتاج الوطني. فانخفضت حصّة الاستثمار الزراعي من إجمالي الاستثمار بشكل منهجي خلال التسعينيات وخلال العقد الأول من الألفيّة الجديدة. وبسبب تراجع الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، ولا سيّما في أنظمة الريّ ومرافق تخزين البذور، تعرّضت سوريا للصدمات السوقية والبيئية. والأكثر دلالة على هذا الأمر، أنّ الإصلاحات الزراعية النيوليبراليّة في بداية الألفيّة أجبرت الآلاف من المزارعين أصحاب الحيازات الصغيرة على مغادرة أراضيهم التي استولت عليها النخب الحاكمة والبرجوازية التجارية المتحالفة معها، والتي استغلّتها لتحقيق مكاسب تجارية. ومنذ أن تمّ توجيه الجزء الأكبر من أنشطة الاستثمار الحكومية والخاصة إلى المجالات ذات الإنتاجية المنخفضة في قطاع الخدمات، أصبح خلق فرص العمل اللائقة منخفضاً.

أدى تأثير الاستثمار المنخفض الجودة في الزراعة (أو ما يسمى رأس المال المنخفض الإنتاجية) وتقويض العقد الاجتماعي البعثي الذي كان يؤمّن سبل عيش صغار المزارعين في السابق، إلى إضعاف الجبهة الأمنية في سوريا.

وعندما بدأ الجفاف بين عامَي 2006 و2010، واجه قطاع الزراعة صعوبات لأنه كان يفتقر إلى البنية التحتية المناسبة اللازمة لمواجهة التغيير البيئي. 

أضاف الجفاف المزيد من التعقيدات إلى الظروف الصعبة القائمة في الريف السوري. هكذا فُرض على ما بين 40 ألف أسرة و60 ألف أسرة سورية، الهجرة ومواجهة التهميش في المدن. ترتكز الأبعاد الزراعية «للانتفاضة» بشكل مباشر على أكتاف الإصلاحات النيوليبراليّة والتي تأثّرت بالمؤسّسات المالية الدولية، وهي قد أدّت إلى زيادة الهجرة، وتقليل حصّة وجودة تكوين رأس المال في القطاع الزراعي، وسوء إدارة الموارد الطبيعية على المدى الطويل.

زراعة في ظل الصراع

أي نزاع في العالم له عواقب سلبية على الزراعة، لأنه يعطل أنظمة إنتاج الغذاء، ويدمر الأصول، ويقضي على سبل عيش الأسر ومدخولها، ويُنتج انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية. وعليه، كان تأثير الصراع في سوريا حادّاً جدّاً. فبمجرد اندلاع الاضطرابات في عام 2011، لم تدّخر القوات الإقليمية والدولية لحظة لتدويل الصراع السوري، وعرقلت جميع المحاولات الديبلوماسية لحل النزاع. والأسوأ من ذلك، أن الاقتصاد السوري عانى من حصار فرضته الدول الغربية. ويشهد تاريخ الاقتصاد السياسي في سوريا منذ استقلالها عام 1946 كيف كافحت سوريا دائماً لتحقيق قدر ضئيل من الحكم الذاتي.

شهد القطاع الزراعي في سوريا، كغيره من القطاعات، نكسات خطيرة. فقد قدّرت منظمة الغذاء العالميّة، إجمالي الأضرار في القطاع بأكثر من 16 مليار دولار منذ بداية الصراع. وأدّى تدمير قنوات الرّي ومستودعات الحبوب ومرافق تخزين البذور ومحطات الطحن ومعدّات الزراعة إلى إعاقة الإنتاج بشكل كبير. في السنوات الأولى من الصراع، تم تفكيك السلسلة الغذائية بسبب فقدان سيطرة الحكومة على الأراضي والطرق. كما أدى تعطيل مرافق النقل إلى إعاقة نقل المنتجات الزراعية من مناطق الإنتاج إلى الأسواق الأساسية، ما زاد الضغط على مؤشّر أسعار الاستهلاك. 

طُرد المزارعون من أراضيهم وأصبح الوقود اللازم لتشغيل الزراعة ومعدات الري شحيحاً. ولا ننسى أن مصادرة الحقول الزراعية الحيوية في شمال شرق سوريا بدعم من الإمبريالية، لعب دوراً رئيسياً في استنزاف مستوى الإنتاج. قبل بداية النزاع، كانت محافظة الحسكة تنتج نحو 45% من إجمالي حبوب القمح. ولكن مع فقدان الدولة سيطرتها، انخفض إنتاج القمح بشكل كبير. كل هذه العوامل أدّت إلى نقص الغذاء في معظم المحافظات. رغم ذلك ظل تراجع الإنتاج الزراعي أقلّ ما شهدته القطاعات الأخرى (التصنيع والتجارة). وبقيت حصّة الزراعة من الناتج القومي ثابتة، إذ ساهمت في متوسط ​​18% من الناتج المحلي الإجمالي خلال الفترة 2012-2017، وهو ما يعادل متوسط ​​حصّة الإنتاج قبل الصراع (2006-2010). وما ساهم في الحفاظ على هذه الحصّة الثابتة كان التزام القطاع وصموده.


ومنذ أواخر عام 2017، بدأت الحكومة السورية استعادة الأراضي المفقودة (الرقة ودير الزور في الشمال الشرقي، والغوطة الشرقية ودرعا والقنيطرة في الجنوب) من الجماعات المسلحة، ما أعاد فتح طرق تجارية في الممرات الاقتصادية بين الشمال والجنوب، وهو ما سهّل عمليّة النقل الزراعي من مناطق فائض الإنتاج إلى مناطق العجز. وقد شجع التحسّن الأمني ​​وإحياء النقل إلى المناطق التي كانت محاصرة في السابق، السكان النازحين، ومعظمهم من المزارعين، على العودة إلى مواطنهم الأصلية. وفقاً لوزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، عاد نحو 800 ألف مزارع إلى أراضيهم في عام 2018. وفي النصف الأول من عام 2019، قدّر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية عودة 130 ألف شخص إضافي إلى أراضيهم. ورغم عوائق البنية التحتية والنقل، استمرّ المزارعون في الزراعة مع ازدياد الطلب في السوق. فقد تضاعف إنتاج القمح تقريباً من 1.2 مليون طن في 2018 إلى 2.2 مليون طن في 2019، لكنه ظل أقل من مستوى ما قبل الأزمة البالغ معدّله 4.1 مليون طن بين عامَي 2002 و2011.

مفتاح النموّ السريع

كما في الماضي، تم تنسيق هذه الجهود من قبل الحكومة. بدايةً من عام 2011، عادت الحكومة لاستعادة العديد من إجراءات تدخّل الدولة السابقة لدعم استمرار القطاع الزراعي. وقد أولت عناية خاصة لخطة الإنتاج الزراعي من خلال مراجعتها مرّتين كلّ عام، والتحقّق من حالة إنتاج المحاصيل، وتصميم خطط طوارئ عند الحاجة لضمان تنفيذ الخطة الوطنية. وبحدود قدرتها، أعادت أيضاً تطبيق الحدود القصوى لأسعار السلع الأساسيّة، وأعادت تقديم الدعم للاستهلاك الأساسي، وأعادت تسهيل الائتمانات. تمّت حماية المحاصيل الإستراتيجية مثل القمح والشعير والشمندر السكري والقطن. وفقاً للسيد هيثم الأشقر، من وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، نظّمت الحكومة المحاصيل الإستراتيجية والصناعية من عمليات الإنتاج إلى التخزين والتسويق والتوزيع، بما في ذلك نقل المحاصيل عبر البلد عن طريق الخدمات العامة.


واشترت الدولة محاصيل إستراتيجية بأسعار مغرية، وأسمدة مدعومة، وباعت مدخلات إنتاج أخرى للمزارعين من خلال البنك الزراعي التعاوني. قدّم البنك قروضاً قصيرة وطويلة الأجل للمزارعين، وكان مرناً فيما يتعلق بسداد الديون المتأخّرة، من أجل تشجيع المزارعين على مواصلة الإنتاج. طوال الوقت، كانت أولوية الحكومة هي تلبية مستويات الإنتاج السنوية التي حدّدتها الخطة الوطنية.
لتسهيل ذلك، زاد إجمالي القروض الممنوحة من البنك الأهلي التجاري للقطاع العام بأكثر من 100% خلال السنوات القليلة الماضية، إذ ارتفع من 92.074 مليون ليرة سورية في عام 2012 إلى 191.815 مليون ليرة سورية في عام 2016 بسبب لوائح القروض الخاصة التي أعطت الأولوية للقطاع العام ومؤسساته. بالإضافة إلى ذلك، زادت «الهيئة العامة لإكثار البذار» من إنتاج البذور التي تمّ بيعها للمزارعين بأسعار مدعومة، تمّت تغطية الفرق بين الكلفة وسعر الشراء من قبل صندوق دعم الإنتاج الزراعي.

بناءً على نظرة التنمية المتوازنة لميشال كاليكي، يمكن القول إنّ الزراعة يجب أن تشكل نقطة البداية لخطة التنمية الوطنية وإعادة الإعمار. إنّ الأكلاف المنخفضة لإعادة الاستثمار في قطاع الزراعة والدرجة العالية من استيعاب العمالة التي يؤمّنها القطاع هي التي تخدم في نفس الوقت الانتعاش الاقتصادي والاستقرار الاجتماعي. بحسب كاليكي، إنّ «مفتاح تمويل النمو السريع، يكمن في إزالة العقبات التي تحول دون توسّع الزراعة، مثل ملكية الأراضي الإقطاعية وسيطرة المرابين والتجار على الفلاحين». بعبارة أخرى، شدّد كاليكي على الإجراءات التي من شأنها تحسين الإنتاجية في الزراعة. وقبل أن تغّيّر النيوليبرالية رؤية الاقتصاد الكلي في سوريا، عزّزت الحكومة الإنتاج الزراعي من أجل ضمان الاكتفاء الذاتي من الضروريات الأساسية. كرست الحكومة الجزء الأكبر من استثماراتها العامة للزراعة خلال تجربة التنمية التي تعتمد على تدخّل الدولة. ومع ذلك، فقد تم تخفيف الاهتمام بالزراعة والتنمية الريفية في العقد السابق للحرب. أي خلال تجربة سوريا في التحوّل النيوليبرالي.


في مواجهة ظروف الحرب والحصار، ومنذ بداية الحرب، عادت الحكومة جزئياً إلى إجراءات التوجيه السابقة، أي إجراءات ما قبل التحوّل النيوليبرالي. كان التركيز على القطاع الزراعي ردّ فعل طبيعي لضمان توافر الغذاء أثناء الحرب. إلى حدّ ما، تمكّنت الحكومة من إمداد المزارعين بمدخلات الإنتاج والدعم المالي. وعلى غرار تجربتها السابقة في سياسة تدخل الدولة، دعمت الحكومة الإنتاج الزراعي، من الزراعة إلى تجهيز المحاصيل. وكما هو الحال في أي مكان آخر، تفرض الحرب العسكريّة والاقتصادية تخطيط الدولة للموارد وتقنين الدولة للمواد الاستهلاكية. ففي سوريا، دفعت الحرب الاقتصادية، الدولة، إلى دور تدخّلي أكبر، ونحو إعادة النظر في سياسة الاعتماد الكامل على القطاع الخاص، وإعادة رسملة استثمارات الدّولة في القطاع.

حظّرت العقوبات الاقتصادية استيراد العديد من مدخلات الإنتاج، وخاصة الأسمدة، لأنها مصنّفة دولياً على أنها ذات استخدام مزدوج. فأدّت القيود التجارية إلى نقص الإمدادات في المدخلات الزراعية، مثل الأسمدة والبذور عالية الجودة والمبيدات الحشرية وتحصين الماشية. وقد أثّرت هذه الإجراءات على الزراعة. هدفهم كان التسبّب في انهيار اقتصادي كامل يؤدي إلى زيادة الضغط الاجتماعي من أجل الدفع إلى تغيير سياسي. لكنّ المزارعين المحليّين قاوموا، معتمدين على مدخلات الإنتاج المتاحة محلياً، وعادوا إلى الأشكال التقليدية للزراعة. إجراءات التدخل الحكومية تأمنت مع مقاومة المزارعين. ففي سياق إعادة الإعمار، أصلحت الحكومة الآلات الزراعية المتضررة ودفعت المؤسسات العامة لضمان توافر متطلبات الإنتاج - البذور والأسمدة والوقود - قدر الإمكان.


استهلاك معزول عن تقلبات العملة

أدّت الحرب والإنفاق الذي حتّمته إلى استنزاف العملات الأجنبية اللازمة للدفاع عن الليرة السورية. في نهاية المطاف، لم تستطع الدولة صدّ هجوم المضاربة على عملتها، والذي شهد تصاعداً حتى نهاية عام 2017. ولا شكّ بأن أسعار المواد الغذائية تأثّرت بانخفاض قيمة العملة الوطنية، الأمر الذي غذّى التضخّم قبل أن يتمكّن الاقتصاد من فرض بعض الاستقرار بفعل موارده الذاتية، في ظل الحرب والعقوبات.


في المرحلة الأولى من الصراع، أدّت الطرق التجارية المعطلة، وزيادة أكلاف الإنتاج (أي الوقود)، ومحدودية الوصول إلى الأراضي والمدخلات، إلى نقص الإمدادات، ما زاد الضغط بشكل متقطّع على أسعار المواد الغذائية قبل عام 2017. ومع ذلك، عندما حقّقت الحكومة السورية تقدماً عسكرياً كبيراً منذ منتصف عام 2017 واستعادت سيطرتها على الأراضي المحتلّة، أعادت فتح العديد من طرق الإمداد، ما أدى إلى تحرير الضغط الذي كان يعاني منه الاقتصاد. نتج من تحسّن الوضع الأمني ​​وزيادة الاستقرار السياسي، انتعاشاً للتجارة الداخلية في جميع أنحاء البلاد. بالإضافة إلى اعتماد الحكومة السورية بشكل أكبر على الإنتاج الغذائي الداخلي وتكاليف المدخلات المدعومة، وبالتالي استطاعت أن تحافظ على انخفاض أسعار السلع الأساسية.


كان لافتاً أنه رغم انخفاض قيمة الليرة السورية، إلى 517.42 ليرة للدولار الواحد في عام 2017، إلّا أن هذا التدهور لم ينتقل إلى أسعار المواد الغذائية. فقد انخفض تضخّم مؤشر أسعار الاستهلاك للمواد الغذائية من 57.6% في عام 2016 إلى 17% في عام 2017. يمثّل هذا الأمر عودة إلى الطريقة التي تعاملت بها سوريا مع سوق صرف عملتها في ظل فترة سياسات التدخّل الحكومي في السابق، إذ كانت سلّة استهلاك الطبقة العاملة معزولة عن تقلّبات سوق العملات الدولية. هذا الأمر يعني فعلياً أن سوريا لديها نظام أسعار صرف مزدوج للعملة، أحدهما لاستيراد السلع غير الأساسية، والآخر لدعم السلع الأساسية. طيلة الأزمة، قيّدت الحكومة تعزيز جبهتها الوطنية من خلال الجبهة الداخلية. ومع تحرير الأراضي المحتلة واستعادة سيادتها، فقد عزّزت الحكومة القطاع الزراعي، وضمنت وصول الحبوب والأغذية الأساسية إلى غالبية الناس بأسعار معقولة. وفرة الطعام دعمت الجبهة الداخلية ووقت سوريا ضد الهجوم الإمبريالي عليها. لذا فإن العلاقة بين الإنتاج الثابت للغذاء، وانخفاض التضخم، واستقرار سعر الصرف تؤكّدها الحقائق حتى أوائل عام 2019. ورغم أنّ سوريا شهدت زيادات في مؤشر أسعار الاستهلاك، إلا أنّها لم تعاني من التضخم المفرط طيلة هذا الوقت.
بشكل عام، تدهور الإنتاج الغذائي ومستويات الاستهلاك الفردي بشكل كبير بسبب الحرب، ولكن لم يحدث هذا لدرجة تفشّي الجوع. ولولا المساعدة الكبيرة من حلفاء سوريا وتدفّق اللاجئين إلى الخارج، يمكن القول إنّ ظروف الأمن الغذائي لسوريا كانت ستكون أسوأ بكثير.

السيّئ لا الأسوأ

هناك دروس يمكن استخلاصها من الحالة السورية. الحرب هي بتعريفها كارثة، ولا تحدث حرب من دون انتشار انعدام الأمن، بما في ذلك انعدام الأمن الغذائي. في حالة سوريا، كان من الممكن أن تكون الحرب أسوأ بكثير في غياب الأسس القوية للزراعة في البلد. تخبرنا هذه الحقيقة أن هناك دوراً أساسياً تلعبه الزراعة في الاقتصاد.

في السنوات العشر الماضية، فرضت العقوبات على الدولة السوريّة، إجراءات تمكّنت من خلالها زيادة قدراتها المحليّة. عادت سوريا إلى سياسات تدخّل الدولة في الاقتصاد، مثل سياسة استبدال الاستيراد، ودعم مدخلات الإنتاج، ووضع سقف لأسعار سلّة السلع الأساسيّة. ومع استعادة سوريا المزيد من الحكم الذاتي على أراضيها، هي تستعيد المزيد من الحكم الذاتي على السياسة وإعادة الإعمار. يتم إعادة بناء المدن والبنية التحتية بوسائل وطنية تحرّر سوريا من أعباء الديون التي قد تكبّلها مستقبلاً.

* مقتطف من ورقة بحثية أعدتها الكاتبة بعنوان: «صمود الزراعة في سوريا»

** باحثة في التنمية الاقتصادية وأستاذة جامعية في جامعة صن يات سن ــ الصين
ومؤلفة كتاب «الاقتصاد السياسي للإستثمار في سوريا»


13%
هي حصّة الزراعة من الاستثمارات في سوريا عامي 2017 و2018، مقارنةً مع 6%

في عام 2012 

 16%
هي نسبة الإنتاج الزراعي من الناتج المحلّي الإجمالي في سوريا 2010، أي بإنخفاض هائل مقارنة مع 32% في السبعينيات وجاء هذا الإنخفاض نتيجة السياسات المدفوعة من صندوق النقد الدولي التي اتبعتها سوريا بعد عام 2000

80%
هي نسبة سكان المناطق الريفيّة الذين يعتمدون على الزراعة كمصدر دخل أو مصدر لتأمين الغذاء مباشرةً

 

الأخبار

إضافة تعليق جديد

لا يسمح باستخدام الأحرف الانكليزية في اسم المستخدم. استخدم اسم مستخدم بالعربية

محتويات هذا الحقل سرية ولن تظهر للآخرين.

نص عادي

  • لا يسمح بوسوم HTML.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
  • يتم تحويل عناوين الإنترنت إلى روابط تلقائيا

تخضع التعليقات لإشراف المحرر لحمايتنا وحمايتكم من خطر محاكم الجرائم الإلكترونية. المزيد...