حقيقة الأحداث والاشتبكات المسلحة في السويداء
اشتدت منذ عدة أيام حدة التوترات الأمنية في محافظة السويداء جنوبي سوريا، إذ وقعت اشتبكات عنيفة بين مجموعات مسلحة، بعضها وصفت بأنها موالية للحكومة السورية من جهة ومجموعات أخرى وصفت بالمعارضة، راح ضحيتها عدد كبير من الجرحى وعمليات أسر بين الطرفين.
وقعت الاشتباكات بين مجموعة فصائل محلية يتزعمها راجي فلحوط ومتهمة بعمليات الخطف والقتل كما ادعى الفصيل المسلح الثاني المكون لقوات “حركة رجال الكرامة”، والذي أكد قادته أسر قائد مجموعة الفلحوط والحصول على وثائق تثبت الأعمال المتهم فيها هو ومجموعته، رافق ذلك دعوات شعبية لإعدامه في ساحة المشنقة في المدينة.
و قال سفير سوريا السابق في تركيا الدكتور نضال قبلان: ” يمكن مقاربة ما حدث في محافظة السويداء في الأيام الأخيرة على أكثر من مستوى مع التأكيد على خطورة هذه التطورات بالنسبة للسلم الأهلي، وبالنسبة لتاريخ جبل العرب النضالي المشّرف. من الناحية الإنسانية، ماحدث يدعو للأسف والحزن على أرواح الذين سقطوا في هذه المواجهات المسلّحة، لأن دماء كل سوري يستشهد في هذه مثل الظروف سواء في السويداء أوفي أي محافظة سورية هو خسارة لأهاليهم وللوطن.
ما حدث في السويداء خلال الأيام الأخيرة هو نتيجة تراكمات حدثت في السنوات الأخيرة، و لايجوز منطقيا أن ننحي أو نلقي باللائمة على فريق واحد سواء على الدولة أو الأشخاص أو المرجعيات الاجتماعية أوالدينية، فالجميع يتحمل المسؤولية عن ما حصل ويحصل في جبل العرب”.
وتابع السفير قبلان: “هناك نوع من التراخي في التعاطي مع الظواهر غير القانوية من انتشار الجماعات المسلحة مختلفة الولاءات والانتماءات العقائدية أو على نحو أدق هي عبارة عن جماعات غير نظامية وغير مشروعة وخارجة على القانون إلى حد كبير، وهناك بعص الأشخاص الذين ربما حملوا السلاح اعتقاداً منهم أنهم يفعلون عين الصواب في ظل ما يعتبرونه هم على الأقل نوعا من الفلتان الأمني والتراخي من جانب الجهات الرسمية في التعاطي مع مثل هذه الظواهر.
الجميع يتحمل المسؤولية، المرجعيات الاجتماعية، الوجهاء والأجهزة والدولة والمرجعيات الدينية. إلى حد ما الكل يتحمل المسؤولية، وربما لم يتوقع أحد أن يحدث هذا في جبل العرب ذي التاريخ الوطني المشرّف والمواقف الوطنية الراسخة في الذاكرة السورية، فهذا الجبل الذي أنجب سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى وعشرات بل مئات الأبطال على مرّ العصور والحروب ضد المحتل العثماني والفرنسي والإسرائيلي والتركي مجدداً”.
وأشار السفير قبلان إلى أن “هذا الجبل الذي أنجب أمثال عصام زهر الدين مع “حفظ الألقاب” وعشرات الأبطال في حروب تشرين والحرب الأخيرة الممتدة خلال 11 عاماً هناك عشرات الأشخاص من أبناء السويداء سجلوا بطولات مشرّفة في ميادين الوغى، وأبطال الجمهورية في حرب تشرين التحريرية من طيارين وقادة ميدانيين وهناك عشرات الشخصيات الوطنية المعروفة، التي واكبت الثورة السورية الكبرى ونشوء الدولة السورية، وبالتالي هذه الظاهرة الشاذة هي إساءة للتاريخ، وهناك شعور عام في المحافظة لمسته أنا خلال السنوات العشر الماضية من إنتشار هذه الظواهر، التي بدأت محدودة في مناطق معينة وكان من الممكن التعاطي معها بسهولة أكبر ووأد مثل هذه المظاهر أو الظواهر الشاذة في مهدها، وبالتالي التراخي والتردد والتساهل بغض النظر سواء كان مقصوداً أم غير مقصود تسبب بالوصول إلى هنا. وهذا مجرد رأي أو تحليل ول ايعلم إلا الله بالنوايا وما في الصدور”.
وختم السفير قبلان بالقول: “بغض النظر عن الأسباب الموجبة لهذا التراخي والتردد والترهل في التعاطي مع المظاهر الشاذة والظواهر المسلحة في المحافظة، الذي أوصل الأمور إلى ماهي عليه، طبعاً إضافة إلى الضغوط الاجتماعية والاقتصادية والمعيشية، التي لا يمكن تجاهلها، وأنا هنا أريد أن أثني على ما قاله الصديق والأخ العزيز سماحة الشيخ حكمت الهجري شيخ العقل الأول فيما يتصل بالإيمان والثقة بالأصل الصالح لهذا الشعب وللتاريخ الوطني المشرف لأبناء هذه المحافظة والذي سيمّكن أبناء السويداء وأبناء سوريا من التغلّب على أي ظواهر شاذة تسيء إلى تاريخ المحافظة وتاريخ الوطن وتغلّيب لغة العقل والسلم الأهلي والعيش المشترك على مشاريع الفتنة التي تهدد بنسف الجبل وتقويض ركن وصفه السيد الرئيس بشار الأسد بأنه صمام الأمان لسورية والصخرة الأقوى في قلعة سوريا”.
“سبوتنيك”
إضافة تعليق جديد