واشنطن تضرب في دير الزور: رسائل تخويف إلى من؟
أيهم مرعي
للمرّة الثانية على التوالي، استهدفت الطائرات الأميركية «مستودعات عياش» الواقعة على بُعد 10 كلم غرب مدينة دير الزور، بعدد من الصواريخ، في محاولة للحدّ من قدرة المجموعات المقاوِمة في سوريا على استهداف قواعدها، وذلك بعد نحو عام ونصف عام على استهداف الطيران الإسرائيلي المنطقة نفسها. وكانت المرّة الأولى التي أغارت فيها واشنطن على مواقع الجيش السوري في قرية عياش، قبل نحو خمس سنوات، لتُسهّل على تنظيم «داعش» آنذاك السيطرة على القرية بعد يومَين فقط من الغارات، وإحكام حصاره على دير الزور. وتعتقد كلّ من الولايات المتحدة وإسرائيل أن هذه المنطقة التي تُعدّ ذات طابع عسكري، تمثّل نقطة انطلاق لاستهداف القواعد الأميركية، من خلال تلقّي مجموعات المقاومة تدريباتها في معسكرات داخلها. كما يحظى موقع عياش بهذا الاهتمام نظراً لطبيعته الجغرافية كسلسلة تلال مرتبطة ببعضها البعض، وأهمّها تلّتا الإذاعة والجحيف، وأيضاً لاحتضانه معسكر تدريب (الصاعقة) يستخدمه الجيش السوري منذ سنوات ما قبل الحرب.
ولربّما تعمدت الولايات المتحدة الإقرار بمسؤوليتها عن القصف، من أجل إيصال رسالة بأن التعرّض لمواقعها وقواعدها في سوريا سيقابَل بردّ، مع حديثها صراحة عن أن الضربة جاءت كردٍّ على قصف طاول جنوداً أميركيين في الـ15 من الشهر الجاري. ويأتي ذلك بعدما تصاعَدت عمليات الاستهداف ضدّ قاعدة التنف في منطقة الـ55 كلم، وحقل العمر في ريف دير الزور، منذ مطلع الشهر الحالي، تماماً في أعقاب قمّة طهران الأخيرة بين رؤساء روسيا وتركيا وإيران، والتي شدّدت على ضرورة انسحاب القوات الأميركية من الأراضي السورية. ولعلّ نجاح المقاومة في إيصال صواريخها مرّتَين إلى «التنف»، خلال هذا الشهر، استفز الأميركيين، واستدعى منهم رداً عسكرياً، في محاولة لإرساء قواعد اشتباك جديدة، تمنع تكرار هذه الهجمات مجدداً. وحرصت الولايات المتحدة على تظهير نيتها تلك في البيان الرسمي تعليقاً على الغارة، حيث قال المتحدّث باسم القيادة المركزية للجيش الأميركي (سينتكوم)، الكولونيل جو بوتشينو، إن الضربات في محافظة دير الزور «استهدفت منشآت بنى تحتية تستخدمها مجموعات مرتبطة بالحرس الثوري الإيراني». وأضاف بوتشينو أن هذه «الضربات الدقيقة تهدف إلى حماية القوات الأميركية من هجمات على غرار تلك التي نفّذتها مجموعات مدعومة من إيران في 15 آب ضد عناصر من الولايات المتحدة، من دون أن تتسبب بسقوط ضحايا». وأشار إلى أن «الرئيس جو بايدن أعطى التوجيهات بشن هذه الضربات التي استهدفت تسعة مخابئ ضمن مجمع يُستخدم لتخزين الذخيرة ولأغراض لوجستية».
من جهته، دان المتحدث باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني بشدّة «اعتداء الجيش الأميركي على الشعب والبنية التحتية في سوريا»، عادّاً إيّاه «انتهاكاً لسيادة هذا البلد واستقلاله وسلامة أراضية»، و»عملاً إرهابياً ضد الجماعات الشعبية والمقاتلين ضد الاحتلال». ونفى كنعاني «وجود أي ارتباط بين هذه الجماعات المقاوِمة وإيران».
الأخبار
إضافة تعليق جديد