تشيني- رايس: 18 شهراً من الأعمال القذرة
الجمل: تبقّى لديك تشيني نائب الرئيس الأمريكي، ولكوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية، في منصبهما فترة 18 شهراً، وهي كل الفترة المتبقية من عمر ولاية الرئيس جورج دبليو بوش في الإدارة الأمريكية، وحالياً ينشط كل منهما في تحقيق إنجاز سياسي يرتبط باسمه في التاريخ السياسي الأمريكي.
• مواجهة النوايا:
ينوي ديك تشيكي دفع الإدارة الأمريكية في اتجاه الهروب إلى الأمام عن طريق استخدام القوى العسكرية الأمريكية المفرطة ضد الدول والكيانات الشرق أوسطية المارقة على برنامج الهيمنة الأمريكية ومشروع القرن الأمريكي الجديد.. حتى لو كلف الأمر (هيروشيما جديدة).
أما كوندوليزا رايس، فتركز جهودها على استخدام القوى الدبلوماسية الأمريكية المفرطة التي تتضمن العقوبات والعزل السياسي وغير ذلك من أجل الحصول على (كامب ديفيد جديدة) يتم بموجبها إخضاع الجميع عن طريق الاتفاقيات والمعاهدات.
• الرهان:
ظل ديك تشيني يراهن على صقور الإدارة الأمريكية، والكونغرس، ولكن رهانه أصبح ضعيفاً بعض الشيء بعد خسارة الجمهوريين للكونغرس وخروج رامسفيلد من البنتاغون، وبرغم ذلك مازال ديك تشيني يجد المساندة من صقور الإدارة الأمريكية المسيطرين على البيت الأبيض وبالذات مجلس الأمن القومي الأمريكي الذي يسيطر عليه نائب رئيسه ايليوت ابراهام.
أما كوندوليزا رايس فكانت تجد مساندة بوش، وفي الوقت نفسه كانت تتحاشى الصدام مع ديك تشيني وصقور الإدارة الأمريكية، ولكنها بعد خسارة الجهوريين للكونغرس أصبحت أكثر إدراكاً لهامش المناورة الذي أصبح متاحاً أمامها على النحو الذي أكسبها المزيد من تأييد بوش لتحركاتها الدبلوماسية في السياسة الخارجية الأمريكية خاصة بعد نجاحها في التخلص من روبرت زوليك (نائب وزيرة الخارجية الأمريكية الذي استقال مباشرة بعد خسارة الجمهوريين للكونغرس).. و(لجنة عمل إيران- سوريا) التي كانت توصيلاتها تقيد توجهات وزارة الخارجية الأمريكية إزاء الشرق الأوسط، ويقال بأن هذه اللجنة كانت تمثل قبضة ديك تشيني على وزارة الخارجية الأمريكية.
• هل بدأت المعركة النهائية:
خلال فترة سيطرة الجمهوريين على الكونغرس والبيت الأبيض كان ديك تشيني يكتفي بالبقاء في البيت الأبيض وإدارة الأمور من مكتبه.. وكانت كوندوليزا رايس تركز على الجولات الميدانية في مناطق الشرق الأوسط الساخنة.
وعندما انهزم الجمهوريين في الكونغرس، أدرك تشيني خطر الانكشاف التشريعي للإدارة الأمريكية وتأثيره السلبي على توجهاته الصقورية، وبدأ سلسلة من الجولات الشرق أوسطية في محاولة لتحريك ملفاته من العمق.
وبينما كانت جولات ديك تشيني تركز على الخليج والعراق والأردن ومصر، كانت جولات كوندوليزا رايس تركز على غزة وتل أبيب وبيروت والقاهرة.
وعموماً، مايزال الوقت مبكراً للتكهن بما سوف يحدث، ولكن ما هو واضح حالياً أن كوندوليزا رايس استطاعت أن تمتلك بالكامل ملف عملية سلام الشرق الأوسط وبالذات الملف الفلسطيني، الذي مكنها بدوره من بناء (تحالف استراتيجي) هام مع تسيبي ليفني وزيرة الخارجية الإسرائيلية ذات الدور المؤثر جداً في حكومة أولمرت وفي الشارع الإسرائيلي.. وإذا كان ديك تشيني المسؤول عن موقف الإدارة الأمريكية الرافض للمفاوضات مع سوريا، فإن سفر الجنرال موفاز قد جاء بناء على ضغوط تسيبي ليفني على حكومة أولمرت بضرورة إجراء المفاوضات.. وتجدر الإشارة إلى أن تسيبي ليفني قد بادرت منذ فترة طويلة بإكمال استعدادات وزارتها لخوض عملية المفاوضات وقامت بتعيين مساعد لشؤون المفاوضات.. ويقول العارفون بأن كوندوليزا رايس تركز في مواجهتها لديك تشيني باستخدام الوسائل غير المباشرة، وفي هذه المرة لن تتحدث أو تطالب رايس بضرورة استئناف المفاوضات، وإنما سوف يتحدث الإسرائيليون بأنفسهم، طالما أن تسيبي ليفني تعمل وفق ما هو مطلوب ومرغوب بواسطة رايس. ومن ثم، فإذا نجحت المفاوضات فإن النجاح سوف يكون بالمقابل في صالح رايس داخل الحزب الجمهوري، على النحو الذي يبقي رصيدها في الحصول على المزيد من المناصب في الإدارات الجمهورية القادمة.. وأيضاً سوف يكون في صالح تسيبي ليفني التي مازالت تخطط من أجل الجلوس على كرسي رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود اولمرت.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد