هل بدأت واشنطن بتحريك أوراقها في سوريا؟
رغم انشغالها بانتخابات مجلس النواب الذي فشل للمرة الرابعة في انتخاب رئيس له، وهو سيناريو لم تشهده الولايات_المتحدة منذ حوالي قرن، تبقى عين الرقيب الأمريكية على المنطقة بغرض تحريك أدواتها في الوقت الذي يخدم مصالح واشنطن، فهل مصالح الأخيرة تتوافق مع مساعي التقارب التركي- السوري التي ترعاها روسيا؟
تبدو واشنطن، بعد قوات سورية الديمقراطية “قسد” المتواجدة في شمالي سوريا، ثاني أكبر الخاسرين من تطبيع العلاقات بين تركيا وسوريا، وهي التي تسيطر مع “قسد” على أهم حقول النفط والغاز في الشمال السوري منذ العام 2017.
المصالحة السورية مع تركيا سوف تؤدي إلى القضاء على الجماعات الإرهـ.ـابية في الشمال السوري ومن بينها “قسد”، حسب ما صرحت وزارة الدفاع التركية، وتبعا لذلك استعادة الحكومة السورية حقول ثرواتها من النفط في تلك المنطقة، وإمساك الجيش السوري زمام الأمور هناك.
واشنطن قد تجد نفسها محشورة في زاوية التقاء مصالح الدول الثلاث تركيا وروسيا وسوريا، والتي تقتضي خروجها وحلفائها من سوريا، أو على الأقل اضمحلال نفوذهما، لصالح روسيا.
أيادي أمريكا بدأت بالتحرك لوضع مطبّات أمام عملية التطبيع المرتقبة، من خلال تحريك بعض الأوراق التي تملكها.
ليس مصادفة ظهور أبو محمد الجولاني، وهو القائد الأعلى لـ “هيئـ.ـة تحرير الشام” السورية المسلحة، والذي كان سابقاً أمير جبهة النصرة، ليهدّد ويتوعد الدولة السورية والتركية ومن يقترب من أماكن تواجد “جماعته”.
تصعيد أبو محمد الجولاني، جاء بعد اللقاء الذي جمع وزير الدفاع ورئيس الاستخبارات التركيين مع نظيريهما السوريين، في موسكو، والذي وصفه في خطابه بأنه “انحراف خطير يمس أهداف الثورة”، وتحدٍ جديد أمامها.
سبق الجولاني إلى مهاجمة اللقاء السوري التركي، قيادي بارز ضمن “هيئـ.ـة تحـ.ـرير الشام” يدعى أبو ماريا القحطاني الذي قال: “المصالحة خيانة وحاشا لله أن يخذل من ينصر أهله فمن لم يكترث لدمائنا لن يقرر مصيرنا”.
اللافت، أنه لا الجولاني ولا القحطاني ولا أحد أي من قياديي “هيئة تحرير الشام” ظهر سابقاً ليندد باللقاء القصير الذي جمع مولود جاويش أوغلو مع وزير الخارجية السوري في آب 2022، كما أن “الهيئة” لم تستنكر دعوات أوغلو لإجراء مصالحة بين المعارضة والسلطات السورية آنذاك.
ورقة أخرى قد تحركها واشنطن خلال الأيام المقبلة، هي “قسد” والتي تعيش هي الأخرى حالة من التوتر والقلق من التقارب التركي السوري.
الباحث والخبير بالشأن الكردي فريد سعدون أكد أن: “هناك قناعة سائدة في أوساط “قسد” بأن التقارب التركي – السوري سيكون ضدّها، ما قد يدفعها إلى تصعيد وتيرة عملياتها العسكرية ضد القوات التركية الموجودة في الشمال السوري”
وتابع سعدون أن “قسد” لن تتوانى في الدفاع عن نفسها، وستحاول بما تمتلك من أدوات لتعطيل التقارب بين أنقرة ودمشق.
رسائل واشنطن باتت واضحة فيما يخص التقارب التركي- السوري، إيجاد موطئ قدم في التسوية (المصالحة) القادمة، وتسخير شروط هذه التسوية لصالحها، قدر الإمكان.
إضافة تعليق جديد