إقرار المحكمة الدولية وافتتاح الصراع مع المقاومة اللبنانية وسورية
الجمل: بعد مرور فترة العشرة أيام ودخول القرار الدولي بإنشاء المحكمة الجنائية الدولية الخاص باغتيال الحريري مرحلة الإلزام والتنفيذ، بدأت الإدارة الأمريكية الشروع في خطوة جديدة، تهدف لفتح جبهة صراع جديدة ضد المقاومة الوطنية اللبنانية وضد سوريا.. وذلك على النحو الذي يتيح لإدارة بوش، ومن ورائه إسرائيل المزيد من استغلال الفرص وتوظيف الأزمة اللبنانية بما يخدم مشروع إعادة تشكيل وصياغة منطقة الشرق الأوسط.
• التطورات الجديدة في ملف المحكمة الدولية:
يقول الصحفي الأمريكي باتريك وورسينب، بأن الأمم المتحدة بدأت يوم أمس الاثنين بمباشرة العمل في ملف المحكمة الجنائية الدولية الخاصة بالنظر في قضية اغتيال الحريري، وذلك برغم حالة الانقسام اللبنانية بشأن موضوع الموافقة على المحكمة.
كذلك وبعد مرور مهلة العشرة أيام التي قدمها قرار مجلس الأمن للأطراف اللبنانية المنقسمة لكي توحد موافقتها، فإن التوافق اللبناني حول المحكمة لم يحدث، بل واندلعت الاشتباكات المسلحة في شمال لبنان.
أصدر مجلس الأمن بالأمس بياناً يقول بأن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون قد بدأ عملياً في اتخاذ الخطوات الضرورية اللازمة لإنشاء وتكوين المحكمة الجنائية الدولية الخاصة.. وتقول توقعات كبار مسؤولي الأمم المتحدة بأن خطوات تشكيل المحكمة سوف تأخذ عاماً كاملاً.. وأن أبرز هذه الخطوات يتمثل في تحديد مكان انعقاد المحكمة، وتقديرات ميزانيتها الأولية، ومصادر التمويل المالي لهذه الميزانية، وتعيين القضاة، وتعيين هيئة الادعاء، وإعداد الترتيبات الأمنية الخاصة بالمحكمة.
أشار باتريك وورسينب إلى أن السلطات اللبنانية ماتزال تحتجز ثمانية أشخاص منهم أربعة من كبار ضباط الأمن والمخابرات، وأربعة من إحدى الجماعات الموالية لسورية.
كذلك أشار إلى أن الأمين العام بان كي مون سوف يقوم بتمديد مهمة المحقق الدولي البلجيكي سيرجي براميتز إلى ستة أشهر إضافية أخرى، لتقديم تقريره النهائي.
وذكر باتريك وورسينب بأن أحد المسؤولين في الأمم المتحدة قد صرح له بأن العام الأول لما يتوقع أن يكون عملية سوف تستغرق ثلاثة أعوام، سوف تبلغ تكاليفه حوالي 30 مليون دولار، يتوجب أن يساهم لبنان بحوالي 49% من إجمالي المبلغ، ويقوم المانحون بدفع الـ51% المتبقية.
• التطورات الجديدة في ملف الحدود السورية- اللبنانية:
كتب اليوم ايفيلين ليوبولد المراسل الصحفي بالأمم المتحدة، تقريراً اخبارياً حمل عنوان (الأمم المتحدة تساند بيروت، وتعبر عن قلقها إزاء نقل الأسلحة).
يقول التقرير: أعلن مجلس الأمن الدولي مساندته يوم أمس الاثنين للحكومة اللبنانية في معركتها ضد المسلحين الفلسطينيين، وعبر المجلس عن اهتمامه العميق بالمعلومات المتزايدة حول عمليات عبور السلاح غير المشروعة العابرة من سورية.
يقول ايفيلين ليوبولد بأن البيان السياسي الذي تمت قراءته على جلسة اجتماع مجلس الأمن بأعضائه الـ(15) وردت فيه عبارة إدانة المجلس لـ(الأعمال الإجرامية والإرهابية الجارية حالياً في لبنان..). كذلك وردت عبارة أخرى تقول بأن المجلس يعبر أيضاً عن الاهتمام العميق بالمعلومات المقدمة بواسطة إسرائيل والدول الأخرى حول عمليات نقل السلاح غير المشروعة إلى داخل لبنان، وبالذات عبر الحدود اللبنانية- السورية).
كذلك وردت في البيان عبارة أن المجلس سوف ينظر لما يمكن القيام به مستقبلاً على ضوء استنتاجات فريق الأمم المتحدة الذي يقوم حالياً بعمليات مسح الرصد والأمن على طول الحدود اللبنانية- السورية.
كذلك عبّر مجلس الأمن للمرة الثانية في البيان عن دعمه وتأييده للحكومة اللبنانية وأدان أي جهد أو نشاط يهدف لتقويض استقرار لبنان.
وأشار إيفيلين ليوبولد إلى أن المجلس قد أصدر بيانه بعد استماعه لتقرير رود لارسن مبعوث الأمم المتحدة للبنان، والذي أخبر الصحفيين بعد ذلك، بأنه قدم صورة تحذيرية ومزعجة لمجلس الأمن حول تدفقات الأسلحة المستمرة والعناصر المسلحة عبر الحدود من سوريا إلى لبنان.
كذلك أشار بيان المجلس إلى أن عملية نزع سلاح وتسريح الميليشيات اللبنانية وغير اللبنانية لم يتم القيام بتنفيذها، وأشار بوضوح إلى جماعة حزب الله والمقاتلين الفلسطينيين.
التطورات الجديدة وإن كانت في جزء منها تشبه التطورات الماضية، فهي في الجزء الآخر لا تشبهها، وذلك لأنها تعبر بوضوح عن النوايا المستقبلية، والخطوط البارزة التي سوف يتحرك على مساراتها مجلس الأمن الدولي، باعتباره الواجهة والغطاء للتحركات الأمريكية- الإسرائيلية في منطقة شرق المتوسط. واستناداً إلى ذلك نلاحظ الآتي:
- نقلت الصحف خبراً يقول بان رئيس الوزراء الإسرائيلي قد طلب من الرئيس بوش تقديم المساعدة لحكومة السنيورة بما يعزز قدرتها في الحد من عمليات إدخال الأسلحة وتسلل المقاتلين إلى لبنان.
- صرحت كوندوليزا رايس بأن الإدارة الأمريكية سوف تقدم المساعدة إلى لبنان في مجال حفظ الأمن والاستقرار لو طلبت منها الحكومة اللبنانية ذلك.
- جاء تقرير لارسن، على النحو الذي يحذر مجلس الأمن من خطورة عمليات تهريب السلام من سورية إلى لبنان.
وتبقى الجزء قبل الأخير من السيناريو، والذي سوف يتضمن الآتي:
- أن يرفع فريق الأمم المتحدة الحالي تقريره الذي سوف يتضمن التأكيد على عمليات تهريب السلاح من سورية إلى لبنان، وبأن الحكومة اللبنانية تعاني من هذه العملية، ويتوجب على المجتمع الدولي مساعدتها.. وغير ذلك.
- أن يقوم فؤاد السينورة مرة أخرى بتخطي السيادة اللبنانية، والدستور اللبناني برفع رسالة إلى الأمين العام بان كي مون، تطلب تقديم المساعدة للبنان من أجل القيام بضبط حدوده مع سورية.
- أن يصدر مجلس الأمن قراراً يقضي بتوسيع النطاق الجغرافي والنوعي لصلاحيات القوات الدولية الموجودة حالياً في جنوب لبنان.
المشاورات الدائرة حالياً تهدف إلى الضغط على المقاومة اللبنانية وحزب الله من أجل القبول بالتشويه السياسي والانخراط في حكومة السنيورة ضمن تحالف جديد، أو سوف يكون أمام المقاومة مواجهة القوات الدولية هذه المرة.
أما بالنسبة للحدود السورية، فهناك معلومات تقول بأن هناك مشاورات سرية تقوم بها حكومة السنيورة والحكومة الأردنية وإسرائيل وأمريكا، تهدف إلى توفير المنفذ البديل للبنان إذا تمت عملية إغلاق الحدود السورية- اللبنانية، وهناك اقتراح بأن توافق إسرائيل على إيجاد ممر يبدأ من مزارع شبعا ويسير عبر الجانب الآخر من خط المواجهة السورية- الإسرائيلية في الجولان وصولاً إلى الأراضي الأردنية، وحتى الآن لم تظهر النتائج النهائية لهذه المشاورات، وتتخوف إسرائيل من أن يستغل حزب الله اللبناني هذا الممر ويتسلل إلى داخل إسرائيل، طالما أن مسار هذا الممر سوف يمر بالضرورة عبر جنوب لبنان الذي يسيطر عليه حزب الله.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد