لحظات مرعبة عاشها طلبة السكن الجامعي بدمشق ليلة الزلزال
لم تشفع المسافة البعيدة عن مركز كارثة الزلزال لبعض السوريين.. ولم تحمِ جدران المسكن الذي لم يجد العديد من طلبة المحافظات غيره حتى من اختار لاحتضانهم. لتكون حادثة الزلزال كابوساً مرعباً للقريبين من مركز حدوثها، بيد أنها كانت فيلم رعبٍ عاشه أولئك المغتربين دراسياً عن أهاليهم.
إعادة شريط الحياة
إحدى القصص كان أبطالها طلاب الوحدة السكنية الأولى في المدينة الجامعية بدمشق، الذين استفاقوا لحظة الزلزال على تأرجح البناء، بالتزامن مع عويلٍ من جميع الاتجاهات.
يقول حسان، أحد الطلاب الذين عاشوا الحدث لـ “هاشتاغ”: “كانت دقيقةً كافية ليعيد الإنسان النظر بكل تفاصيل حياته، وإعادة التفكير مئة مرة قبل أيّ تصرّف”.
ويضيف: “أحسست المسافة التي ستوصلني لبر الأمان خارج المبنى مشوار سنة كاملة، رغم أنها لا تتعدى بضع ثوانٍ أقطعها من الطابق الثاني وصولاً للخارج”.
ويشير أحمد، أحد الطلاب المستجدين في الجامعة والذي يقطن في أحد الطوابق المرتفعة في حديثه لـ “هاشتاغ”، إلى أنه أحس بالعجز للحظاتٍ حينها.
ويقول أحمد: “عندما وصلت للأرض كانت الهزة قد انتهت، لكني أراهن على أني رأيت الوحدة السكنية تتأرجح، كانت تتمايل وكأن شيئاً ما يحركها من الأسفل”.
بشار، أحد الطلاب الذين تأثروا بشدة مما حصل في الوحدة السكنية بدمشق، كشف عن أنه لا يذكر أبداً تفاصيل ما جرى معه تلك الليلة.
وقال بشار لـ “هاشتاغ”: “أذكر أني استيقظت على أصوات صراخٍ مرعب، ولم أجد نفسي سوى خارج المبنى ومعي جميع أغراضي الشخصية، لم أستوعب كيف أحضرتها”.
انهيار نفسي
المشهد الذي تحدث عنه الطلاب كان أشبه بلقطاتٍ تصوّر فيلم رعبٍ “هوليوودي”. المئات خارج المبنى السكني، والعشرات يتزاحمون على السلالم، وآخرون أصابهم انهيارٌ نفسي.
العشرات من هؤلاء قرروا اللجوء عند معارفهم في الوحدات السكنية الأخرى، وآخرون أصرّوا على البقاء خارجاً حتى الصباح. في حين عاد أصحاب القلوب القوية لغرفهم.
التفاصيل المرسومة على وجوه هؤلاء كانت كفيلةً بشرح هول ما عاشوه، ليلةٌ تساوي ألف ليلة من ليالي الحرب، بحسب تعبير ليث، أحد أولئك الطلاب.
يذكر ليث أن الآثار النفسية المترتبة على لحظات الرهاب تلك، تعادل عند بعض الطلاب الدمار الذي خلّفه الزلزال في مركز حدوثه.
وقال: “الرعب والخوف دخل نفوسنا، الخوف من المجهول، في وقت الحرب كنا نعرف مصدر الخوف واتجاهه، أما اليوم فالأمر بات غامضاً وبيد الله وحده”.
هجرة السكن
صحيح أن الزلزال لم يحدِث أضراراً بشرية في تلك الوحدة السكنية، لكنه شكّل شرخاً في هيكل المبنى فصل شرقه عن غربه، ناهيك عن بعض التصدعات.
أضرار المبنى زادت المعاناة النفسية عند بعض الطلاب، الأمر الذي دفعهم في اليوم التالي للقيام بهجرةٍ جماعية وإفراغ الوحدة، قبل قدوم لجنة كشف الأبنية المتصدعة.
اللجنة قيّمت الأضرار ورفعت تقريرها للجهات المعنية ممثلةً برئاسة الجامعة، التي بدورها طمأنت الطلاب مشيرةً إلى أنه لا خوف على المبنى حتى بوجود تلك التصدعات.
ورغم تكرار التطمينات، الكثير من الطلاب فضلوا البقاء بعيداً عما أسموه بـ “القلق والرعب النفسي” الذي خلقه الزلزال في نفوسهم، وزادته تصدعات المبنى السكني.
هاشتاغ
إضافة تعليق جديد