تركيا للإئتلاف: انتهت اللعبة
علاء حلبي:
مع قُرْب جولة الإعادة في الانتخابات التركية، المرتقبة الأسبوع المقبل، والتي يُرجَّح إلى الآن فوز الرئيس رجب طيب إردوغان فيها، عاد الملفّ السوري إلى واجهة الخطاب الانتخابي. عودةٌ دفعت دمشق، من جديد، إلى تأكيد مبادئها المعلَنة والقاضية بخروج القوات التركية من الأراضي السورية، كنتيجة حتمية لأيّ تعاون بين البلدَين. في هذا الوقت، تتابع اللجان الأمنية والعسكرية التي تمّ تشكيلها في أعقاب اجتماع وزراء خارجية «الرباعية» (سوريا وروسيا وإيران وتركيا) العمل على إعداد خريطة طريق واضحة لحلّ المشكلات العالقة، تمهيداً لخطوات أوسع من شأنها أن تشرّع الأبواب المغلقة بين الجارتَين
فيما تواصل حكومة الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، الحديث عن المباشرة بخطوات واسعة على طريق تطبيع العلاقات مع الحكومة السورية، لحلّ جملة مشكلات، في مقدّمها قضيّة اللاجئين السوريين، أعاد وزير الخارجية ، فيصل المقداد، تأكيد موقف سورية الرافض لأيّ تطبيع في ظلّ وجود عسكري غير شرعي على الأراضي السورية.
تصريحات المقداد التي تمثّل تمسُّكاً بالمبادئ المعلَنة من الجانب السوري منذ انطلاق الوساطة الروسية – الإيرانية بين البلدَين، جاءت بعد أيام قليلة من مشاركة الرئيس بشار الأسد في القمّة العربية التي استضافتها جدة، ومهاجمته من على منبرها السياسة التركية.
إذ حذّر الأسد ممّا قال إنه «خطر الفكر العثماني التوسّعي المطعّم بنكهة إخوانية منحرفة»، في إشارةٍ إلى المشاريع التي حاولت تركيا تمريرها عبر سوريا طيلة السنوات الماضية، بدءاً من فتح الحدود أمام الفصائل المسلّحة ومدّها بالمال والسلاح، وليس انتهاءً بسياسة التتريك في الشمال السوري، ومحاولة خلْق حزام سكاني على طول الشريط الحدودي يضمن لأنقرة موطئ قدم دائماً في الأراضي السورية.
تصريحات الأسد والمقداد، فضلاً عن كونها جاءت لتذكّر بـ«المبادئ السورية»، فهي تزامنت أيضاً مع التحضير لجولة الإعادة في الانتخابات التركية، والتي استبقها إردوغان بالتركيز مجدّداً على الملفّ السوري، مكرّراً الحديث عن ضرورة التعاون لإعادة اللاجئين إلى بلدهم، في موازاة محاولته الالتفاف على مسألة الوجود العسكري التركي في الشمال السوري، والذي يربطه دائماً بـ«المخاطر الأمنية» المتمثّلة بنفوذ الأكراد المدعومين من الأميركيين. وعلى المنوال نفسه، أعلن وزير الخارجية التركي، مولود تشاويش أوغلو، عن خطّة يتمّ إعدادها لإعادة اللاجئين بالتعاون مع الحكومة السورية، مشيراً إلى اللجان التي جرى الاتّفاق على تشكيلها خلال اجتماع وزراء خارجية «الرباعية» في موسكو قبل نحو أسبوعين.
بالتوازي مع ذلك، كشفت مصادر سورية معارضة أن أنقرة «أَبلغت المعارضة السورية المتمثّلة بـ»الائتلاف» بشكل صريح، أنها ماضية في خطوات الانفتاح على دمشق، ضمن الخطّة التي يتمّ الاتفاق عليها وفق المسار الروسي- الإيراني»، والتي تتضمّن، وفق ما تسرّب في وقت سابق، سلسلة خطوات على الأرض ستُنفّذها الأولى تباعاً، بدءاً من فتح الطرق الرئيسة المغلقة، وعلى رأسها طريق حلب – اللاذقية (M4)، إضافة إلى فتح المعابر الشرعية بين البلدين، ومنها معبر «باب الهوى» الحدودي في إدلب، والذي تسيطر عليه «هيئة تحرير الشام».
وأشارت المصادر، إلى محاولات حثيثة يجريها «الائتلاف» لرفع وتيرة التنسيق مع الولايات المتحدة، ودول في الاتحاد الأوروبي، لزيادة الضغوط على دمشق ومحاولة عرقلة المصالحة التركية – السورية.
كما ذكرت أن المعارضة بكافة أطيافها باتت على قناعة تامّة بأن الانفتاح بين دمشق وأنقرة آتٍ لا محالة، ممّا دفعها إلى البحث في الخطوات التي يمكن المضيّ فيها في ظلّ هذا الانفتاح، ومن بينها محاولة الانسحاب الجزئي من تركيا، إلى قطر التي تشكّل الواجهة الرئيسة للمعارضة السورية في الوقت الحالي.
والجدير ذكره، هنا، أن «الائتلاف» الذي انبثقت منه «حكومة مؤقتة» تحاول إدارة بعض المناطق في الشمال السوري، لا يملك على أرض الواقع أيّ سلطة حقيقية، في ظلّ حالة الفوضى الفصائلية، معطوفة على السطوة المتزايدة لـ«هيئة تحرير الشام» («جبهة النصرة» سابقاً) التي تدير مناطق سيطرتها عبر «حكومة الإنقاذ»، وتُظهر هي الأخرى تبعيّة واضحة لتركيا.
وفي وقت تخوض تركيا المرحلة الثانية من الانتخابات، وسط ترجيحات بفوز إردوغان بولاية رئاسية ثالثة، تؤكد المصادر أن المعارضة السورية باتت أمام مرحلة جديدة أيّاً كان اسم الفائز، خصوصاً في ظلّ سعي جميع الأطراف إلى التواصل مع دمشق، على رغم وعورة الطريق التي يسير عليها هذا التعاون. وتتمثّل هذه الوعورة في تعقيدات كبيرة ميدانية وسياسية ناتجة من التورّط التركي الكبير في الحرب السورية، ومحاولة أنقرة أيضاً عزل مسألة وجودها العسكري في الشمال عن المسائل الأخرى العالقة، وهو ما ترفضه دمشق بشكل قاطع، من دون أن تغلق الباب أمام تعاون يفضي بالنتيجة إلى خروج القوات التركية وفق جدول زمني محدَّد.
الأخبار اللبنانية
إضافة تعليق جديد