هل الاجتماع بين الرئيس الأسد وأردوغان ممكن.. وما نتائجه؟
تقارب محتمل بين سوريا وتركيا ، بالمقارنة مع الدول العربية التي طبعت مع الحكومة السورية ، ووفقاً ترى بأن لهذا التقارب “الثقل الأكبر” في تحديد مستقبل سورية وتقييد تأثير الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مستقبل المنطقة.
فمن وجهة النظر التركية، قد يخدم التطبيع مع الأسد المصالح التركية بطريقتين: الأولى عبر التعاون في القتال ضد “وحدات حماية الشعب”، التي تصنفها تركيا “إرهابية”، والثانية عبر التعاون في ملف إعادة اللاجئين السوريين المقيمين في تركيا، والبالغ عددهم 3.5 مليون.
فوفقاً لمقال نشرته ديلي صباح فإن الدور المحوري الذي تلعبه تركيا في مستقبل سورية، نظراً لتاريخهما ومصالحهما المشتركة، يجعل تطبيع العلاقات أمراً ملحاً في كلا البلدين ،وأضاف المقال أن الأسد بدد فكرة عقد لقاء مع الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، في ظل المناخ الحالي.
إذ قال الأسد في لقاء مع قناة “سكاي نيوز عربية” الشهر الماضي، إنه لن يلتقي أردوغان دون شروط، وأبرزها انسحاب القوات التركية من سورية ،لكن أردوغان يتبع سياسة “الباب المفتوح أمام الأسد”، وفق تصريح سابق له، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن مسألة الانسحاب “غير واردة”.
وبحسب “ديلي صباح” فإن المشكلة هي أن الطرفين المعنيين لديهما تفسيرات مختلفة حول الجهة التي تشكل “الإرهاب”، وبعبارة أخرى “فإن أولويات تركيا هي جماعة وحدات حماية الشعب في الشمال، وأولويات الأسد هي المعارضة المدعومة من تركيا في الشمال الغربي”، وأضافت أن هناك عائق آخر أمام التوصل إلى اتفاق مرضٍ للطرفين، وهو اتهام الأسد لتركيا بأنها “وصية” على جيب إدلب الخارج عن سيطرة الحكومة.
وأشارت الصحيفة إلى أن “الدافع الرئيسي وراء سيطرة تركيا على إدلب شمال غرب سورية هو منع اللاجئين السوريين من التدفق إلى تركيا، خاصة عشية الانتخابات البلدية، التي ستعقد عام 2024 وسط المشاعر التركية السلبية تجاه اللاجئين السوريين”، واعتبرت الصحيفة أن البيئة الداخلية في تركيا تلعب دوراً مؤثراً في تغيير السياسة تجاه دمشق، إذ “أدركت أنقرة أن الوقت قد فات للإصرار على تغيير القيادة السورية، وتسعى الآن إلى إيجاد طرق للتفاوض مع الأسد”.
وإذا تم تهيئة الظروف المناسبة، “تأمل أنقرة أن يعود اللاجئون السوريون في تركيا إلى سورية وأن يتم الترحيب بهم بمستويات معيشية إنسانية”.
وهذا من شأنه أيضاً أن يعزز يد أنقرة ضد “حزب العمال الكردستاني” و”وحدات حماية الشعب”، المدعومين من الولايات المتحدة في شمال سورية، وفق الصحيفة.
إذ إن الاقتصاد السوري يزداد سوءاً “وليس أمام دمشق خيار سوى التصالح مع تركيا في عهد أردوغان” ،مضيفة أن “الرئيس التركي لديه القدرة الأكبر على الحفاظ على علاقات ودية مع كل من واشنطن وموسكو لتسهيل الاستقرار في المنطقة. وبالتالي، فمن مصلحة الأسد أن يبحث عن مصالحة مع أردوغان”.
يشير المشهد السياسي الأخير، وما تضمّنه من تصريحات ومواقف، إلى أن مسار المحادثات بين تركيا وسوريا يواجه عراقيل عدة، رغم الحديث الروسي عن التنسيق لعقد لقاء يجمع أردوغان والأسد.
فمن جهة يؤكد الأسد أن أي ليونة سيقدمها للجانب التركي من أجل عودة العلاقات، ترتبط بشكل رئيسي بالانسحاب الفوري والعاجل للقوات التركية من الأراضي السورية.
ومن جهة أخرى، تعتبر تركيا أن هذا الشرط “لا معنى له”، مؤكدة عدم وجود نية لديها للانسحاب في المستقبل القريب، إلا في حال اختفاء “التهديد الإرهابي” من حدودها مع سورية.
وأشارت أن تركيا “هي الدولة المجاورة الوحيدة التي تضررت أكثر من غيرها بسبب الحرب السورية منذ عام 2011”.
وبالمقارنة مع “الحلفاء” الآخرين لدمشق، أي إيران وروسيا، فإن تركيا “لديها الحق في السيطرة على المنطقة العازلة على طول حدودها مع سورية” بحسب الصحيفة.
وترى الصحيفة أنه “من حق تركيا السيطرة على المنطقة العازلة لتوطين العديد من اللاجئين السوريين الذين تدفقوا بالقرب من حدودها، بينما تؤوي في الوقت نفسه 3.7 مليون لاجئ سوري داخل الأراضي التركية”.
وختمت بقولها: “إن تطبيع تركيا مع سورية ليس ممكناً فحسب، بل هو ملح أيضاً لكل من السوريين في سورية والمهاجرين السوريين الذين يعيشون كضيوف في الأراضي التركية”.
وفي تقرير له، الثلاثاء، قال موقع “فويس أوف أمريكا” إن روسيا ستكون المفتاح لـ “كسر الجمود” في العلاقات بين تركيا والرئيس السوري.
إذ تدير روسيا منذ ثمانية أشهر عملية “بناء الحوار” بين تركيا والأسد، عبر عقد لقاءات بين الطرفين، آخرها في مايو/ أيار الماضي، والذي جمع وزراء الخارجية.
وفي ظل تمسك الأسد بشرط الانسحاب الذي ترفضه تركيا، لاتزال روسيا تتحدث عن إمكانية عقد لقاء بين الأسد وأردوغان.
إذ تحاول روسيا إيجاد صيغة للاتفاق بين الطرفين، تسمح ببقاء القوات التركية في سورية ضمن “اتفاق”.
وقال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الأسبوع الماضي، إن بلاده اقترحت على القيادة السورية وتركيا عقد اتفاق، يسمح ببقاء القوات التركية على الأراضي السورية بشكل “شرعي”.
وأضاف: “خلال اتصالات غير رسمية، اقترحنا العودة إلى فلسفة عام 1998، عندما تم التوقيع على اتفاق أضنة“.
مردفاً: “هذا الاتفاق افترض وجود تهديد إرهابي، ومن أجل وقف هذا التهديد الإرهابي، سيكون لتركيا الحق بالوجود” في سورية، عبر إرسال أجهزة مكافحة الإرهاب التابعة لها إلى عمق معين من الأراضي السورية.
واعتبر الوزير الروسي أن جميع وثائق ومخرجات محادثات “أستانة” تحث على “احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها”.
لافتاً إلى أن “الدول الضامنة” بما فيها تركيا توقع دائماً على هذه الوثائق.
وكالات
إضافة تعليق جديد