مؤتمر فيينا عن "التمييز العنصري العداء للأجانب و الإعلام"
الجمل- فيينا: اجتمع مائة صحفي و باحث و ناشط في مجال مكافحة التمييز العنصري و العداء للآخر ، في فيينا لمناقشة سبل تضييق الهوة الواسعة بين هذه الأفكار و العمل الإعلامي القائم اساسا في الغرب على "حرية التعبير المطلقة " ،و التي قد تعني في كثير من الحالات ، كما في قصة الرسوم الدنماركية ، الإساءة للآخر . الانطباعات العامة كانت أن الرسوم التي حركت الجهد الفكري باتجاه إيجاد سبل تفاديها في المستقبل ، كانت هي ذاتها نتيجة و ليست محركا بالمطلق لما تلاها . و هكذا يسود الانطباع العام بأن أحداث الحادي عشر من ايلول كانت العقدة الرئيسية في كشف الشرق و الغرب عن وجهة اصابع الاتهام لدى كليهما ، و التي يحمل كل منهما الآخر مسؤولية واقعه الراهن .
و يمكن القول أن أبرز النتائج العملية للاجتماعات التي دامت يومين، و انتهت إلى جملة أفكار تحولت اقتراحات ، كانت فيما أعلنته إحدى الجهات المنظمة للمؤتمر حين قالت بأن اتفاقا قد تم التوصل إليه بين الاتحاد الأوربي و منظمة "الفيفا" الدولية لكرة القدم ، لإعلان يومين في نهاية شهر حزيران و بداية تموز كيومين لنبذ العنصرية ، حيث ستعلن رسالة جامعة على لسان قادة المنتخبات الدولية ، و توزع على الإعلام ، كوسيلة لإشاعة روح التسامح بين بلدان العالم.
أما الاقتراحات فهي بحاجة لاختبار عملي شديد التعقيد ، يتمثل في "هبة"وسائل الإعلام في الشرق و الغرب لتبنيها ، و تطبيقها ، إضافة إلى تأمين المال اللازم لتحقيق ما يحتاج إلى ميزانيات مناسبة. و فكرة المقترحات الأساسية تقوم على فكرة "الشراكة " بين وسائل الإعلام الغربية و الشرقية ، و العمل على تأسيس تفاهم إخلاقي و مهني يحترم خصوصيات كل فئة اجتماعية ، و لا يتعدى على حرية التعبير في ذات الوقت .
و ثمة مقترحات لدورات تدريبية ، و للتعارف بين ممثلي الإعلام في المتوسط ، إضافة إلى التشدد في ضرورة إتاحة الفرصة لكتاب المجتمعات الشرقية في شغل مساحة في الإعلام الغربي ، فيما العكس مطبق دون حدود ، و ايضا تشجيع ممثلي الجاليات المختلفة و الأقليات للعمل في وسائل الإعلام المحلية ، و ذلك انطلاقا من الفكرة العامة بأن أهم سبب وراء الشعور بالرفض للآخر نابع من جهله ، إضافة إلى فكرة مكافحة الصور النمطية لدى كل من المجتمعات الشرقية و الغربية عن بعضها البعض .
و إذ كان لافتا قلة العنصر الإسرائيلي في المؤتمر ، فإن مصادر إعلامية تشير إلى أن ذلك مرده أمرين ، الأول هو رفض الجهات المنظمة للمؤتمر(هنا الاتحاد الأوربي ، و الذي ترأسه النمسا حاليا ) إضافة محور معاداة السامية على جدول أعماله ، و الثاني هو حالة الرفض الساخنة لدى مختلف المنظمات الحقوقية ذات الحضور الطاغي في المؤتمر اتجاه قرار المحكمة العليا الإسرائيلية، بمنع لم شمل العائلات الفلسطينية الذي صدر مؤخرا .
و كانت تجربة قامت بها مؤسسة "كوبيام " التابعة لتلفزيون " الراي " الإيطالي الرسمي تستحق التوقف عندها ، و التي تمكنت من إعداد ميثاق شرف وقعت عليه عشرون دولة أغلبها من دول المتوسط ، و لكن دون أي تواجد للبنان أو سورية أو إسرائيل أو تركيا ، و لأسباب غير واضحة . و يقوم الميثاق على "الحرص على عدم بث أي معلومات و صور قد تضر بالكبرياء الإنساني " و " منع ، مع كل احترام لحرية التعبير، كل أشكال التمييز و التحريض على العنف ، أو عدم القبول إو الكراهية الدينية و العرقية " و ضرورة " تجنب أي نشر للممعلومات قد يؤدي إلى تنامي سوء الفهم أو الإبهام أو الاستغلال " و " احترام تعدد الآراء " و " التشجيع على النقاش الجدلي و المواجهة بين الآراء في القضايا الجدلية " .
و بالطبع ، كان لا بد من التنويه، بأن اي ميثاق مهني لن يكون بالضرورة قسريا و بالتالي ، فإن اي ضمانات بالتطبيق غير ممكنة ، خصوصا حين تندلع الأزمات ،و تصبح وسائل الإعلام مطالبة بموقف ، قد تقع الوسيلة تحت ضغطه ، سواء انسجم مع ما وقعته من مواثيق أم لا ، و هو ما يأتي منسجما مع صعود التيارات اليمينية المعادية للأجانب بشكل عام في أوربا ، و تنامي الأصولية الدينية في الشرق أيضا.
الجمل
إضافة تعليق جديد