توظيف ورقة النووي السوري في أجندة المحافظين الجدد
الجمل: نشرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، الصادرة اليوم الأحد 27 تشرين الأول 2007م، صورة فضائية جديدة لأحد المباني في سوريا، وعلقت الصحيفة في صدر تقريرها قائلة بأن اللغز المحيط بتشييد ما يمكن أن يكون مفاعلاً نووياً في سوريا قد أصبح أكثر عمقاً بالأمس، عندما نشرت إحدى الشركات صورة فضائية توضح أن المبنى –موضوع الصورة الجديدة- كان العمل فيه جارياً في أيلول 2003م، أي قبل أربعة سنوات من الغارة التي شنتها الطائرات الإسرائيلية.
* مضمون تقرير صحيفة نيويورك تايمز:
عرضت الصحيفة الصورة الفضائية الجديدة، وأرفقتها بتحليل إخباري، ركز على النقاط الآتية:
• إن ما تعكسه الصورة (أي وجود جهد قديم لبناء مفاعل نووي في سوريا) هو فكرة تثير العديد من التساؤلات حول ما إذا كانت إدارة بوش ترى تهديداً نووياً ما في سوريا، وذلك بعد قيام هذه الإدارة بتخطيط وتنفيذ الحرب على العراق والذي تبين –فيما بعد- عدم امتلاكه لأي برنامج نووي فاعل أو نشط.
• أكد مسئول استخباري أمريكي رفيع المستوى بأن المحللين الأمريكيين قد نظروا باهتمام للموقع منذ أيامه الأولى، ولكنهم لم يكونوا متأكدين حينها حول إمكانية أن يكون مشكِّلاً للتهديد أو الخطر.
• خلال الفترة التي سبقت الحرب على العراق، تحدث الرئيس بوش وكبار مستشاريه بالكثير من الحذر حول قيام بغداد بإعادة إنشاء برنامجها النووي. ولكنهم لم يتحدثوا مطلقاً حول ما وصفه المحللون بأنه نشاط نووي جاري العمل فيه عبر الباب المجاور.
• بالأمس تفحص محللون مستقلون الصورة الفضائية الجديدة، وأفادوا بأن العمل في الموقع من الممكن أن يكون قد بدأ في حدود عام 2001م، وقد اتفق المسئول الاستخباري الرفيع المستوى مع ذلك التحليل.
• إن التاريخ المبكر لبدء العمل، يمكن أن يكون هاماً من حيث المغزى والدلالة، وذلك على أساس اعتبارات مساعدات كوريا الشمالية لسوريا، لجهة أن الأمر يشير إلى أن كوريا من الممكن أن تكون قد بدأت مساعدتها لسوريا في نهاية حقبة تسعينات القرن الماضي.
• التقدم الذي حدث عام 2003م، في الموقع، يطرح بعض التساؤلات الجديدة، حول عدم الاتفاق الذي حدث في ذلك الوقت، بين محللي الاستخبارات وجون بولتون، الذي كان حينها المسئول عن ضبط التسلح في وزارة الخارجية الأمريكية.
• في صيف عام 2003م، تم تأجيل شهادة كان يتوجب أن يقدمها جون بولتون أمام الكونغرس، وذلك بعد الخلاف الذي نشب، وكان جزء منه يتعلق فيما إذا كانت سوريا تقوم بنشاط ما يسعى للحصول على الأسلحة النووية. وكان حينها بعض مسئولي المخابرات يرون بأن جون بولتون، قد أفرط في تضخيم حجم خطر التهديد السوري.
• تحدث جون بولتون بالأمس في مقابلة له قائلاً: "لقد كان هناك عدم اتفاق حول ما كانت سوريا تهتم به، وإلى أي حد يتوجب علينا أن نقوم برصده ومراقبته ...... لقد كان هناك نشاط يجري في سوريا وقد شعرت بأن ذلك يمثل دليلاً على أنهم يحاولون تطوير برنامج نووي".
أضافت الصحيفة بأن جون بولتون قد رفض وتجاهل الحديث حول ما إذا كانت لديه معرفة حول وقت تشييد الموقع الذي أغارت عليه الطائرات الإسرائيلية في أيلول الماضي.
• المتحدث الرسمي لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية رفض التعليق حول موضوع الصورة.
• المتحدث الرسمي لمجلس الأمن القومي رفض التعليق على موضوع الصورة أيضاً.
• الصورة الفضائية للموقع السوري المهجور نشرتها بالأمس شركة «جيو إي»، وقد تحدث مارك بريندر، نائب رئيس الشركة للاتصالات والتسويق، قائلاً بأن الصورة الفضائية تم التقاطها في 16 أيلول 2003م، وقد تم تجميع واختيار الصورة كجزء من أجندة الشركة الهادفة إلى بناء أرشيف كبير من الصورة الفضائية العالمية.
• حدد بعض الخبراء المكان الحصري للموقع السوري، وقالوا بأنه يقع على الضفة الشرقية لنهر الفرات، وتحديداً على بعد 90 ميلاً شمال الحدود العراقية، وطوال هذا الأسبوع ظلت الشركات تتنافس في إصدار الصور.
• الصورة المأخوذة في آب الماضي -أي قبل الغارة الإسرائيلية- تظهر مبنى يبلغ عرضه حوالي 150 قدماً في كلا الجانبين، وقد اشتبه المحللون في أنه قد يكون مخصصاً لمفاعل نووي تم بناء نصفه تقريباً، كذلك، فإن محطة ضخ المياه على نهر الفرات تتمثل أهميتها في أنها ضرورية لضخ المياه إلى المفاعل بغية تبريده.
• جون بايك، مدير مركز غلوبال سيكيوريتي، قام بتحليل الصورة الفضائية، وقال بأن الصورة المأخوذة في عام 2003م توضح أن المبنى ما يزال في مرحلة التشييد المبكر.
• المسئول الاستخباري الرفيع المستوى (والذي رفض ذكر اسمه)، قال بأن أقمار التجسس الأمريكية والمحللين، كانوا في الحقيقة يراقبون الموقع منذ عدة سنوات، ولكنهم لم يستطيعوا التعرف على ماهيته.
• جيفري لويس، خبير انتشار الأسلحة النووية في مؤسسة أمريكا الجديدة، قال أن ما يثير الاهتمام يتمثل في أن الصور قد عكست التقدم الصغير الذي حدث في الموقع خلال الفترة بين عام 2003 وعام 2007م، وأضاف مشككاً في أن سوريا تقوم بتطبيق برنامج نووي في نفس الفترة التي تقوم فيها أمريكا بغزو واحتلال العراق تحت ذريعة أنه يقوم بتطوير الأسلحة النووية..
* هل أصبح البرنامج النووي السوري المزعوم ورقة في أجندة أخرى:
المعلومات المتداولة بواسطة الصحف الإسرائيلية والأمريكية، تعكس تطابقاً مذهلاً في حركية التسويق المرحلي لحملة بناء الذرائع، التي أصبحت تنتقل في كل يوم من مربع إلى آخر، وعلى ما يبدو فقد أصبح البرنامج النووي السوري المزعوم، ورقة في يد جماعة المحافظين الجدد، وصقور الإدارة الأمريكية. قبل أن نتحدث عن طبيعة هذه الورقة، نود الإشارة إلى الآتي:
• أودرت صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية الصادرة اليوم، تقريراً يبين بأن نزاعاً نشب بين المحافظين (تقصد الصحيفة المحافظين الجدد) ووزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس، وذلك حول الاستمرار في إتباع الأسلوب الدبلوماسي مع كوريا الشمالية، مع وجود المعلومات الاستخبارية التي تفيد بأن كوريا الشمالية من الممكن أن تكون قد ساعدت سوريا في تصميم المفاعل النووي.
• أورد موقع ديكه الاستخبار الإلكتروني الإسرائيلي بأن بعض المعلومات الواردة من الولايات المتحدة تقول بأن دمشق قد قامت بالعمل من أجل صنع القنبلة الذرية (Dirty Bomb).
إن استخدام البرنامج النووي السوري المزعوم كورقة في يد جماعة المحافظين الجدد وصقور الإدارة الأمريكية أصبح استخداماً تتسع حدود نطاقه يوماً بعد يوم:
• تحاول الأطراف المتشددة توظيف هذه الورقة النووية السورية في القضاء على الجهود الدبلوماسية الجارية بواسطة اللجنة السداسية مع كوريا الشمالية.
• تحاول إسرائيل استخدام التأكيد على صحة الورقة النووية السورية من أجل تعزيز مصداقية معلوماتها الاستخبارية التي ظلت تقدمها لأمريكا والدول الغربية حول إيران وسوريا ولبنان وبقية دول المنطقة.
• تحاول إسرائيل نفسها استخدام الورقة النووية السورية من أجل البناء عليها في عملية توليد المزيد من الذرائع الاستخبارية الجديدة، والتي تتمثل آخرها في مزاعم قيام سوريا بإنتاج القنبلة القذرة.
• تحاول إسرائيل استخدام الورقة النووية السورية من أجل الضغط باتجاهين، فيما يتعلق بإقامة قاعدة القليلات في لبنان:
* ضغط باتجاه قوى 14 آذار من أجل الإسراع بإكمال الموافقات لإقامة القاعدة.
* ضغط باتجاه الإدارة الأمريكية من أجل الإسراع بترتيبات إقامة القاعدة "قبل أن تصبح سوريا دولة نووية" وينتهي الأمر.
• يحاول اللوبي الإسرائيلي العمل من أجل تمرير عريضة النائب الديمقراطي المؤيد لإسرائيل ويكسلار، وذلك من أجل الإسراع في إصدار قانون جديد يستهدف سوريا في مجلس النواب الأمريكي.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد