جون بولتون يطبخ السمّ في إسرائيل
الجمل: وصل جون بولتون، السفير الأمريكي السابق في الأمم المتحدة والزعيم البارز لجماعة المحافظين الجدد، إلى إسرائيل للمشاركة في جلسات مؤتمر «هرتسيليا» حول السياسة والإستراتيجية. وخلال تواجده في إسرائيل، مارس جون بولتون "هوايته" المعتادة، والتي تتمثل في إطلاق التصريحات "النارية" لوسائل الإعلام والصحف الإسرائيلية، التي تلقفت بشغف وأبرزت على صدر صفحاتها الرئيسية صور بولتون بشواربه الكثيفة وتصريحاته التي يحاول عن طريقها "تحدد ورسم مسار العالم".
* جون بولتون: كواليس القرار الدولي 1701:
نشرت صحيفة هاآرتس الإسرائيلية الصادرة اليوم تقريراً أعده مراسلاها عاموس هاأريل وعافي إيساخاروف، حول التصريحات التي أدلى بها لهما جون بولتون في إسرائيل مؤخراً، وأشار التقرير إلى النقاط الآتية:
• رفض بولتون التفسير الذي قدمه رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت للوقائع التي رافقت العملية العسكرية التي نفذها الجيش الإسرائيلي ضد لبنان في صيف العام 2006م.
• أشار بولتون إلى أن عملية الجيش الإسرائيلي في لبنان والتي هدفت إلى احتلال مواقع متقدمة على طول نهر الليطاني، هي عملية لم يكن لها أي تأثير في النقاشات التي كانت جارية في أروقة مجلس الأمن الدولي من أجل التوصل بشكل نهائي إلى صفقة القرار الدولي 1701.
• مسودة مشروع القرار الدولي 1701 تم إعدادها من قبل الولايات المتحدة وفرنسا قبل قيام مجلس الأمن الدولي بإصدارها بستة أيام فقط، وكانت بشكلها الأصلي تتيح مزايا كبيرة لإسرائيل، ولكن في اللحظات الأخيرة تم إدخال بعض التعديلات عليها لتأمين وضع أفضل لحكومة السنيورة.
• المناقشات والتفاهمات حول القرار الدولي 1701 لم يكن للأوضاع الميدانية الجارية في جنوب لبنان أي تأثير عليها.
• إن رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت ووزير دفاعه آنذاك عامير بيرتس يتحملان المسؤولية عن تراجع الجيش الإسرائيلي وعن تحقيقه لأهدافه في الجنوب اللبناني بعد أن فقد الكثير من القتلى.
• إن وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس تتحمل مسؤولية عدم التوصل إلى القرار الدولي الحاسم الذي كان سيؤدي إلى تغيير الوضع القائم في المنطقة وتعزيز موقف إسرائيل، وذلك لأن الوزيرة رايس غيرت موقفها بعد قيام إسرائيل بقصف قانا اللبنانية.
• إن حزب الله اللبناني يشكل تهديداً لإسرائيل وللحكومة الإسرائيلية لأن قدراً كبيراً من القرار 1701 لم يتم تنفيذه.
* جون بولتون: تسييس المخابرات الأمريكية:
خلال حفل توقيع كتابه الذي أصدرته دار نشر تل أبيب شتايماتيزكي، يوم أمس الأحد، تحدث جون بولتون لمراسل صحيفة أورشليم بوست، منتقداً أداء أجهزة المخابرات الأمريكية وأشار إلى أنه يعرف تماماً كل الأشخاص الذين قاموا بكتابة وإعداد تقرير التخمين الاستخباري الأخير حول القدرات النووية الإيرانية، وأضاف بولتون قائلاً بأن هذا التقرير قد تم إعداده وكتابته بواسطة عناصر لا ينتمون إلى أجهزة المخابرات الأمريكية وإنما ينتمون إلى وزارة الخارجية الأمريكية. كذلك وصف بولتون التقرير بأنه ليس تقريراً استخبارياً وإنما هو تقرير سياسي يسعى للتأكيد على أهداف وغايات سياسية محددة لا تنسجم مع جهود الولايات المتحدة إزاء العالم واحتواء إيران ومنطقة الشرق الأوسط.
* تصريحات جون بولتون: الدلالة والأهمية:
عدد كبير من الخبراء والمحللين في الشؤون الأمريكية والدولية يعتقدون بأن دور بولتون قد انتهى بعد إنهاء الإدارة الأمريكية لخدماته كسفير لها في الأمم المتحدة، ولكن هؤلاء الخبراء يتجاهلون أن جون بولتون:
• تم إنهاء خدماته رغماً عن أنف البيت الأبيض.
• له تأثير كبير على عملية صنع القرار الأمريكية وذلك لأن توجهات جون بولتون تمثل عنصراً هاماً من مدخلات صنع القرار الأمريكي.
• على أساس اعتبارات انتماء بولتون للمسيحية الصهيونية، وعلى خلفية عضويته لمجلس رؤساء المنظمات الصهيونية الأمريكية، فإن بولتون يلعب دوراً مهماً في الربط بين توجهات الجماعات اليهودية واللوبي الإسرائيلي وتوجهات منظمات لوبي هرمجدون.
• يعمل بولتون حالياً في منصب خبير رفيع المستوى بمعهد المسعى الأمريكي، وهو مركز الدراسات الأكثر أهمية لجهة التأثير في توجهات الإدارة الأمريكية إزاء الشرق الأوسط، وتحديداً سوريا، إيران، العراق، وتركيا.
• تقول التسريبات بأن جون بولتون يشرف على إدارة واحدة من أهم شبكات التجسس داخل وخارج الولايات المتحدة، وتعمل هذه الشبكة لجهاز استخبارات خاص من وراء ظهر أجهزة المخابرات الأمريكية، وتغطي أنشطة شبكة بولتون ما يلي:
* التجسس على أجهزة المخابرات الأمريكية.
* التجسس على البعثات الدبلوماسية في الأمم المتحدة.
* التجسس على وزارة الخارجية الأمريكية.
* التجسس على البيت الأبيض الأمريكي.
وتقول المعلومات والتسريبات بأن شبكة جون بولتون تضم الكثير من العناصر الموزعة في سكرتارية الأمم المتحدة، ومفوضية قوات حفظ السلام، ومفوضية عدم نشر الأسلحة النووية إضافة إلى وكالة الطاقة الذرية العالمية.
وتقول الشواهد بأن جون بولتون قد نشر مقالاً بصحيفة وول ستريت جورنال لمح فيه بشكل مكشوف على حق إسرائيل في القيام باتخاذ الإجراء اللازم لمنع سوريا من تطوير قدراتها النووية، وذلك قبل أكثر من أيام من قيام إسرائيل بتنفيذ الغارة الجوية يوم 6 أيلول 2007م ضد سوريا.
يقوم جون بولتون بجهود كبيرة من اجل دفع الإدارة الأمريكية والبيت الأبيض الأمريكي لجهة اعتماد المعلومات الاستخبارية الإسرائيلية المتعلقة بسوريا وإيران. إضافة إلى الضغط على الإدارة الأمريكية من اجل القيام باستهداف كوريا الشمالية والضغط عليها بما يدفعها إلى الإقرار بتقديم المساعدات لسوريا وإيران لجهة تطوير قدراتهما النووية.
جاءت تصريحات جون بولتون الأخيرة في إسرائيل، وإذا حاولنا القراءة فيما بين السطور فإن مضمون التصريحات يشير إلى الآتي:
• رغبة جماعة المحافظين الجدد واللوبي الإسرائيلي في التخلص من إيهود أولمرت عن طريق التشهير به أمام الرأي العام الإسرائيلي.
• إن القرار الدولي 1701 لم يمنع إسرائيل من القيام بتنفيذ أهدافها في جنوب لبنان، وبإمكان إسرائيل شن حملة عسكرية واسعة النطاق تحت مزاعم حماية إسرائيل وحماية الحكومة الإسرائيلية (حكومة السنيورة) من خطر تهديد حزب الله، طالما أن الهدف الحقيقي الذي اتفقت عليه أمريكا وفرنسا عند إعداد مسودة القرار 1701 ينسجم تماماً مع مصلحة إسرائيل، ولن تكون هناك عقبة أمام إسرائيل سوى وزيرة الخارجية الأمريكية التي غيرت رأيها في اللحظات الأخيرة.
• تحتاج أجهزة المخابرات الأمريكية إلى المزيد من الإصلاح، وبالتالي يمكن القيام بذلك عن طريق الضغوط على الكونغرس لجهة إجراء التعديلات الضرورية على قوانين المخبرات الأمريكية، وأشار بولتون بوضوح إلى ضرورة ليس منع السياسيين من التدخل في إعداد التقارير التخمينية الاستخبارية فحسب، وإنما إلى ضرورة منع المحللين الاستخباريين بنفس القدر أيضاً، وذلك لأن تحليلاتهم تعكس وجهات نظرهم وليس وجهة نظر الإدارة الأمريكية، ويطالب بولتون بأن يكون التخمين الاستخباري النهائي هو للرئيس الأمريكي، لأنه الرئيس المنتخب بواسطة الشعب الأمريكي وبالتالي فإن تخمينه الخاص هو الذي يمثل في نهاية الأمر تخمين أمريكا.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد