حوار المعابر الفلسطينية يحمّل القاهرة المسؤولية
تأمل مصر ان تفلح المحادثات التي ستجريها في القاهرة اليوم، مع وفدين من السلطة الفلسطينية وحركة حماس، في حل أزمة معبر رفح، وسط تسريبات صحافية إسرائيلية عن «اقتراح مصري» يشمل «دورا جزئيا» لحماس في تشغيل المعبر، فيما يعتبر الطرفان الفلسطينيان ان أي تسوية قد يتوصلان اليها في هذا المسألة، قد تشكل خطوة تمهد لحوار ينتهي بمصالحة.
في غضون ذلك، تخلى مجلس الأمن الدولي أمس عن إصدار بيان رئاسي بشأن الاعتداءات الاسرائيلية الاخيرة على قطاع غزة وذلك بعدما رفضت الولايات المتحدة تعديلات تقدمت بها ليبيا كممثلة للمجموعة العربية، تركز على الأوضاع الإنسانية المتدهورة في القطاع وترفض مطالبة الأميركيين بإدانة إطلاق الصواريخ «الإرهابية» على إسرائيل.
وكان المجلس قد عقد مناقشات على مدى أسبوع كامل حول نص البيان، من دون جدوى، وذلك لأن البيانات الرئاسية تتطلب الحصول على إجماع كل أعضاء المجلس.
وقال مندوب فلسطين لدى الأمم المتحدة رياض منصور أنه يشعر «بالمرارة والأسى» لفشل المجلس في اعتماد مشروع البيان ومحاولة تسييسه بتضمين قضايا أخرى لا علاقة لها بالوضع الإنساني في غزة، فيما قال الرئيس الحالي لمجلس الامن المندوب الليبي جاد الله الطلحي «للاسف، لقد قرر مجلس الامن وقف مناقشاته بشأن هذه المسألة». وتابع ان اعضاء المجلس الـ15 انتهوا الى «انهم غير قادرين على التوصل الى توافق».
وقال القائم بأعمال المندوب الأميركي اليخاندرو وولف، من جهته، إنه عقد اجتماعا مع الليبيين «وناقشنا نص البيان وخلصنا إلى أننا لن نتمكن من التوصل الى اتفاق. ما زلنا نعتقد أنه من الضروري عدم المساواة بين أعمال الدفاع عن النفس والهجمات الإرهابية بالصواريخ. هذا كان مصدر قلقنا».
وكانت المجموعة العربية في الأمم المتحدة قد هددت بتحويل مشروع البيان الرئاسي إلى نص مشروع قرار وطرحه للتصويت في مجلس الأمن، حتى لو استخدمت الولايات المتحدة حق النقض، وذلك كي يتبين مدى استنكار غالبية دول العالم لممارسات إسرائيل في غزة والعقوبات الجماعية التي تفرضها على سكان القطاع. لكن المندوب السوري لدى الامم المتحدة بشار الجعفري استبعد أمس هذا السيناريو، في ضوء ما تبين من انقسام أعضاء المجلس وتأييد عدد منهم، خاصة الدول الأوروبية، للموقف الأميركي المطالب بتضمين أي بيان تعابير عن «القلق العميق» بشأن الوضع الإنساني في غزة في مقابل «الإدانة القاطعة» لإطلاق الصواريخ على إسرائيل.
وبدأت الشرطة المصرية امس بسد إحدى الثغرتين اللتين لا تزالان مفتوحتين في السياج الحدودي الفاصل بين غزة ومصر. وأُبقي معبران مفتوحين، هما بوابة صلاح الدين ومعبر آخر يبعد عنها حوالى 500 متر، عبر منهما آلاف الفلسطينيين سيرا فضلا عن شاحنات محملة بضائع، فيما منعت السيارات الخاصة وسيارات الاجرة الفلسطينية من العبور الى الاراضي المصرية، حيث تولى عشرات من عناصر حماس والشرطة المصرية الاشراف على المعبرين. ونقلت «وكالة فرانس برس» عن مصدر امني مصري ان نحو 20 الف شرطي ارسلوا الى الحدود منذ السبت الماضي.
وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله إلى القاهرة «إننا مصرون على تسلم المعابر خدمة لمصلحة الفلسطينيين»، مضيفا أن «رفض حركة حماس تسليم المعابر يعني أنها لا تريد خدمة الشعب الفلسطيني».
ويترأس وفد حماس القيادي في الحركة محمود الزهار، فيما يصل الى القاهرة اليوم وفد آخر من حماس برئاسة رئيس المكتب السياسي للحركة خالد مشعل، سيبحث مع المسؤولين المصريين بحسب الحركة «الحصار الجائر على قطاع غزة، ومعبر رفح، وسبل معالجة الانقسام السياسي الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية».
في المقابل، قال مصدر في حكومة اسماعيل هنية المقالة ان المحادثات بين حماس والمسؤولين المصريين «ستتناول طرح كل القضايا سواء الحوار بين حماس وفتح او قضية معبر رفح»، مضيفا ان «نجاح هذه المحادثات والمشاورات يتوقف على مدى تجاوب الاخ الرئيس ابو مازن وتنازله عن شروطه... لا مشكلة لدينا في لقاء الرئيس محمود عباس ونحن مستعدون للقائه». وحول معبر رفح، كرر المصدر «انه يتوجب ان يكون فلسطينيا مصريا من دون اي تدخل او اي صلاحيات لاسرائيل في شؤون المعبر... نحن طرحنا ان يدار المعبر من الرئاسة (الفلسطينية) والحكومة (المقالة) ومصر».
ونقلت «وكالة فرانس برس» عن مصادر قريبة من حماس ان الحركة «تقبل قيام السلطة الفلسطينية بالاشراف على المعبر، شرط التنسيق معها او في اطار حل جميع القضايا المختلف عليها مع الرئاسة».
اما المستشار في وزارة الخارجية التابعة للحكومة المقالة احمد يوسف، فقال «اعتقد ان نجاح الحوار حول معبر رفح سيكون بمثابة مدخل الى الحوار العام» بين الطرفين.
وعشية بدء المحادثات في القاهرة، جددت وزارة الخارجية المصرية التأكيد أن «الرؤية المصرية تقوم... على ضرورة إعادة تشغيل معبر رفح وفق ترتيبات تسمح بعودة ممثلي السلطة الوطنية الفلسطينية ومراقبي الاتحاد الأوروبي لإدارته».
وذكرت صحيفتا «يديعوت أحرونوت» و«معاريف» أن وزير الخارجية المصري أحمد أبو الغيط بعث برسالة إلى نظيرته الإسرائيلية تسيبي ليفني، دعاها فيها إلى التعاون مع القاهرة لحل أزمة معبر رفح. أضافت الصحيفتان أن مصر قدمت لإسرائيل «اقتراحا شاملا» لحل المسألة «ينص على فتح معبر رفح بإشراف السلطة الفلسطينية في رام الله وعناصر حركة فتح ووجود المراقبين الدوليين كالمعتاد، فيما تقوم إسرائيل بعملية مراقبة أمنية من خلال كاميرات تبث صورا لمركز إسرائيلي كما كانت الحال سابقا». وتحصل حماس على «دور جزئي في المعبر كمراقب»، وهو ما ترفضه إسرائيل معتبرة انه سيمنح الحركة الشرعية ويخفف الحصار على القطاع.
وأوضحت معاريف أن عباس ناقش الاقتراح المصري مع رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، مشيرة الى أنه «يحظى بموافقة أميركية وأوروبية شاملة».
غير ان مسؤولا قريبا من الرئاسة الفلسطينية اعتبر انه «يمكن لحماس ان تحسن شروطها في الحوار، لكن لا اعتقد انه يمكن لها تحقيق طلبها في شأن المعبر، لأن المصريين انفسهم متشددون في هذه المسألة».
من جهته، قال مسؤول اسرائيلي «اذا رغب الكل في ذلك فلن نكون نحن من نقوضه (الاتفاق). سيحدث ذلك. ونظرا لاننا نرى ان عباس القوة الشرعية فلا نريد إضعافه وليس لدينا سبب لمنع ذلك»، مشيرا الى ان تل ابيب ترفض منح عباس السيطرة على معابر غزة مع اسرائيل. وقال «رفح ليست معبرا الى داخل اسرائيل. والعبور الى اسرائيل قضية مختلفة تماما».
وكان لافتا انه برغم استضافة القاهرة وفد حماس تمهيدا لبدء المحادثات اليوم، الا ان الصحافة المصرية واصلت حملتها على الحركة. وكتبت صحيفة «روز اليوسف» القريبة من الحكومة «عن اي جوعى يتحدثون وقد القي القبض عليهم ومعهم اسلحة ومتفجرات»، فيما ذكرت صحيفة «المصري اليوم» المستقلة ان «الفلسطينيين في قلوبنا، لكن السيادة تأتي اولا».
وقد يعود الموقف المتشدد الذي تتخذه السلطات المصرية من حماس، الى الدور الذي تؤديه في الازمة جماعة الاخوان المسلمين المحظورة رسميا. فقد تردد ان مرشد الجماعة محمد مهدي عاكف بحث الامر مع مشعل في دمشق قبل ايام، كما التقى ايضا نبيل شعثفي القاهرة.
المصدر: وكالات
إضافة تعليق جديد