باراك في أنقرة: اتفاقات عسكرية ورغبـة في التوسـط مـع سـوريـا
في إطار السعي الإسرائيلي لكسب التأييد لعمليات القتل والحصار في قطاع غزة وصل وزير الدفاع إيهود باراك، يوم أمس، إلى أنقرة. غير أن أهداف هذه الزيارة لا تنحصر في العلاقات العامة المطلوبة لـ«العملية العسكرية الواسعة» في غزة، بل تتعداها إلى قضايا أكثر استراتيجية، فتركيا هي أقرب الحلفاء الاستراتيجيين لإسرائيل جغرافياً والشريك المهم في كل ما يتعلق بالصناعات العسكرية.
وعدا ذلك فإن تركيا تحد بحدود طويلة جداً دولتين، سوريا وإيران، هما الأبرز بين أعداء إسرائيل حالياً، ومع ذلك فإن أنقرة تنظر بارتياب إلى علاقات الدولة العبرية مع القيادة الكردية في العراق.
وهكذا فإن زيارة باراك لتركيا، والتي تستمر ليومين، وإن بدت سياسية في مظهرها فإنها عسكرية ـ أمنية واقتصادية في جوهرها. ورغم اللقاءات التي جرت، أمس،
مع وزير الدفاع وجدي غونول، ثم مع رئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان، وتلك المقررة اليوم مع الرئيس التركي عبد الله غول فإن أهمها هي تلك التي ستعقد مع رئيس أركان الجيش التركي الجنرال يشار بويوك انيت.
وقال باراك بعد لقائه مع غونول «إنني أوضحت لوزير الدفاع أن حكومة (رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق أرييل) شارون خرجت من قطاع غزة حتى آخر متر، ولكن النيران تواصلت من هناك نحو سديروت ومستوطنات غلاف غزة. لذلك، لا نستطيع مواصلة تقبل هذا الواقع وسوف نضطر لمواصلة التشدد والإثقال على منظمات الإرهاب في غزة».
وانتقد باراك تصريحات الوزراء في إسرائيل حول وجوب تنفيذ نوع معين من العمليات أو القيام بتصعيد الاغتيالات لقادة حماس. وقال إن «هذا يبدو كما لو أنه فعل صحافيين يطبعون أفكارهم، لكن المسألة أصبحت خطيرة، لأن ذوي الخبرة الأمنية باتوا يكشفون أسماء مستهدفين بالإصابة. إن مثل هذه الأهداف تختفي بكل بساطة».
وأشار باراك إلى أن إسرائيل ترى في تركيا عنصرا بالغ الأهمية نظرا لعلاقاتها الطيبة مع الدول العربية، مضيفاً «أوضحت في لقاءاتي مخاطر ما نراه من تعاظم حزب الله في لبنان والدعم السوري والإيراني لهذا التعاظم». وشدد على أن «الأتراك الذين يجيدون التعامل مع الجيران السوريين يمكنهم المساهمة في تقليص هذه المخاطر».
ومن الجلي أن باراك بدأ من هذه النقطة لتحييد الانتقادات الرسمية التركية لإسرائيل جراء عملياتها في غزة وفرضها الحصار على سكانها. كما أنه حاول وضع الأتراك في صورة المخاطر التي تواجهها إسرائيل في لبنان وكل من سوريا وإيران.
وقد أظهر وزير الدفاع التركي في مؤتمر صحافي مشترك مع باراك جزءاً آخر من أهداف الزيارة، إذ شكر باراك على استعداد إسرائيل تأجير بلاده طائرات من دون طيار من طراز «هارون» التي استخدمها جيشه في مهاجمة قواعد «حزب العمال الكردستاني». ومعلوم أن تركيا اشترت عشراً من هذه الطائرات من إسرائيل، لكنها لم تتسلمها بعد.
وقال وزير الدفاع التركي إن قضية تزود تركيا بقمر اصطناعي إسرائيلي للتجسس، وهي صفقة عرضها باراك، سوف تبحث على المستويات المهنية في الدولتين.
غير أن هناك من رأى أن تركيا تقوم بدور وسيط بين إسرائيل وسوريا وأن أردوغان وغول سيسلمان باراك رداً سورياً على مقترحات إسرائيلية. وكان باراك قد أوحى مراراً تفضيله إحياء المسار التفاوضي مع سوريا بدلاً من التلهي بالتفاوض مع الفلسطينيين الذي يسير حسب اقتناعه نحو طريق مسدود.
وفي كل الأحوال فإن زيارة باراك، إضافة إلى محاولة إثارة قضايا تتعلق بصفقات عسكرية، تسعى إلى تحسين الأجواء بين الدولتين. ويعتقد خبراء إسرائيليون أن بين أهداف الزيارة محاولة عرقلة مساعي الحكومة التركية تحسين علاقاتها مع إيران.
حلمي موسى
المصدر: السفير
إضافة تعليق جديد