لمن تقرع طبول الحرب؟
الجمل: برغم تباين التكهنات والتحليلات حول ما سيحدث في منطقة الشرق الأوسط، إلا أن ما هو متفق عليه يتمثل في أن الشرق الأوسط إن لم يشهد اندلاع الحرب فإنه على الأقل سيشهد صيفاً ساخناً للغاية.
* توصيف مشاهد المسرح الشرق أوسطي:
تناقلت وسائل الإعلام العديد من الأخبار والمعلومات والتسريبات التي تدفع باتجاه احتمالات فرضية التصعيد وتقلل من احتمالات فرضية التهدئة.
• إسرائيل: تقوم حالياً بإجراء مناورات عسكرية (الأكبر من نوعها في تاريخ إسرائيل) في الجزء المتاخم لحدودها مع سوريا ولبنان، وبرغم تصريحات الإسرائيليين الزاعمة بأن هذه المناورات غير موجهة ضد أي طرف، فقد حملت الأخبار القادمة من إسرائيل تصريح وزير البنيات التحتية الإسرائيلي بنيامين بن أليعازر الذي هدد بتدمير إيران، وتقول التحليلات بأنه لم يحدث طوال تاريخ إسرائيل منذ إقامتها في عام 1948م وحتى الآن أن أطلق مسؤول إسرائيلي رسمي تهديداً بهذا المستوى، وقد فسر الخبراء تصريح بن أليعازر بأنه:
* يتناقض مع تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي أولمرت ووزير الدفاع باراك القائلة بأن هذه المناورات ليست موجهة ضد أحد.
* حاول نقل إشارة إلى إيران والأطراف الشرق أوسطية الأخرى، بأن إسرائيل أصبحت تدرك تماماً بأنها واقعة بالكامل تحت مرمى نيران الصواريخ السورية وصواريخ حزب الله وربما حماس، وهي صواريخ ليس بمقدور شبكة الدفاع الصاروخي الإسرائيلية التصدي لها بسبب قرب المسافة، أما الصواريخ الإيرانية فمن الممكن صدها بنجاح. وبالتالي فإن بن أليعازر أرسل إشارة إلى خصوم إسرائيل مفادها أن إسرائيل قد تستخدم قوتها النووية في الرد على الهجمات الصاروخية ضدها.
هذا، والاعتقاد الأكثر مصداقية إزاء تفسير تعاكس التصريحات الإسرائيلية يتمثل في الآتي:
* وزع المسؤولون الإسرائيليون الأدوار بينهم إزاء القيام بمهمة إطلاق التصريحات.
* تعمد الإسرائيليون إطلاق التصريحات المتعارضة والمتعاكسة وذلك بهدف إرباك الأطراف الأخرى، لجهة التقاطها للإشارات المتضاربة بما يترتب عليه إرباك حسابات خصوم إسرائيل.
* قيام الوزير بن أليعازر بالتصعيد من جهة ومن الجهة الأخرى ترك مهمة التهدئة لرئيس الوزراء ووزير الدفاع.
• إيران: تتحرك طهران حالياً على ثلاثة خطوط:
* الظهور بمظهر المحايد إزاء الصراع الشيعي – السني الذي اندلع مؤخراً في جنوب العراق، برغم إدراك طهران إلى أنه صراع يستهدف في أحد جوانبه إيران نفسها.
* التأكيد على التزام الخط الدبلوماسي في التعامل مع الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي.
* بناء الروابط مع روسيا والصين وبقية حلفائها في الشرق الأوسط.
وبرغم المظهر الهادئ لهذه الخطوط الثلاثة فإن إيران:
* ما تزال تتوعد أمريكا وحلفاءها برد إيراني قوي في حالة الاعتداء عليها.
* ردت على المناورات العسكرية الإسرائيلية بإعلانها عن تركيب 6000 جهاز طرد مركزي في مفاعلاتها النووية، إضافة إلى التصريحات الإيرانية التي أكدت على إدراكها بأن المناورات العسكرية الإسرائيلية تستهدفها وبأنها "تراقب الموقف عن كثب".
• الولايات المتحدة الأمريكية: برغم تأكيد وزير الدفاع الأمريكي روبرت غيتز على أن العمل الدبلوماسي هو خيار واشنطن الحالي في التعامل مع إيران، فإن التحركات الميدانية الأمريكية تفيد بأن العمل في اتجه الخيار العسكري ما زال جارياً على قدم وساق:
* برغم الدور الأمريكي في إشعال الصراع السني – الشيعي في جنوب العراق، إلا أن واشنطن أطلقت تصريحاً يقول بأن أمريكا تريد المزيد من التفاوض مع طهران بشأن العراق، علماً بأن الطرف الأمريكي هو الذي انسحب خلال الأسابيع الماضية من المفاوضات في المنطقة الخضراء مع الجانب الإيراني.
* نشرت أمريكا بوارجها وسفنها الحربية قبالة المياه اللبنانية، على خلفية التهديدات المعلنة لسوريا بضرورة عدم التدخل لعرقلة انتخابات الرئيس اللبناني. علماً بأن التهديدات غير المعلنة تتمثل في إطلاق رسالة لسوريا وحزب الله اللبناني، بضرورة التزام الحياد في حالة قيام إسرائيل وأمريكا بضرب إيران.
* زيارة نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني، برغم عدم وجود أي تسريبات واضحة عنها، إلا أن التحليلات ما زالت تؤكد بأن تشيني قد وضع اللمسات الأخيرة لسيناريو ضرب إيران، عندما طالب الفلسطينيين بضرورة التهدئة والالتزام بالمفاوضات من أجل الحل السلمي والتخلي عن الإرهاب والارتباط بإيران.
• سوريا: لم يتحدث السوريون كثيراً واكتفوا بما قل ودل، وتشير المعطيات إلى:
* تأكيد سوريا بأن إسرائيل لا تريد السلام.
* تأكيد سوريا بأنها حزمت أمرها لمواجهة جميع الاحتمالات بما فيها الحرب.
* تأكيد سوريا على قدرتها على توجيه الضربات ضد كل من يبادر إلى الاعتداء عليها.
* أبرز التقارير والتحليلات حول الموقف الحالي:
نشر موقع «ديكة» الاستخباري الإلكتروني الإسرائيلي تقريراً أشار إلى النقاط التالية:
• عزمت الولايات المتحدة على القيام بضرب إيران، وحالياً تتحرك السفينة الحربية الأمريكي إبراهام لينكولن مبحرة باتجاه مياه الخليج العربي.
• لم يعد مصدر التوتر في الشرق الأوسط حصراً على التصريحات والتحركات الجارية على مثلث سوريا – لبنان – إسرائيل، وإنما أيضاً على جبهة إيران – أمريكا المحتدمة في العراق.
• سيقدم كل من قائد القوات الأمريكية في العراق الجنرال بتراوس والسفير الأمريكي في العراق كروكر إفادتهما الدورية أمام الكونغرس وسيشددان فيها على أن إيران تحارب أمريكا في العراق.
• رفعت المخابرات الأمريكية تقريراً يقول بأن إيران هي التي دعمت ميليشيا جيش المهدي في صراعها الأخير ضد قوات الأمن العراقية التي تدعمها أمريكا، وتم تقديم الدعم الإيراني لجيش المهدي عن طريق فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني المتركز حالياً في جنوب العراق.
• الضربة الأمريكية ضد إيران ستستهدف:
* المنشآت النووية الإيرانية على خلفية مزاعم إرغام إيران على تنفيذ القرارات الدولية والتخلي عن الأنشطة النووية.
* المنشآت العسكرية الإيرانية على خلفية مزاعم الدفاع عن النفس لأن هذه المنشآت تدعم الذين يهددون أمريكا في العراق.
• سيتهم الجنرال بتراوس إيران بالمسؤولية عن الصواريخ والمقذوفات التي أصبحت تستهدف بغداد بشكل يومي. وعلى وجه الخصوص المنطقة الخضراء ومكاتب رئاسات القوات الأمريكية.
• أطلق كبار مسؤولي الجيش الروسي والمخابرات الروسية تسريبات حول رصدهم للتحركات العسكرية الأمريكية المكثفة وغير العادية في المناطق المجاورة لإيران.
• سيلتقي الرئيس بوش مع رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين في منتجع «زوتشي» الواقع على البحر الأسود، وسيتطرقان بالتأكيد إلى موضوع الملف الإيراني إلى جانب النقاش حول اعتراضات موسكو على توسيع حلف الناتو ونشر بطاريات الدفاع الصاروخي الأمريكي.
• برغم تصريحات وزير الدفاع الأمريكي بأن «الدبلوماسية هي الخيار الأمريكي الحالي في التعامل مع إيران»، إلا أنه عاد وأثار الكثير من الشكوك من خلال زيارته الخاطفة إلى سلطنة عُمان يوم السبت الماضي (قبل ثلاثة أيام) والتي التقى فيها السلطان قابوس بن سعيد ثم عاد فوراً إلى واشنطن، وتقول المعلومات بأن عُمان تستضيف حالياً الجزء الأكبر من القواعد العسكرية الجوية والسفن والغواصات الحربية الأمريكية في منطقة الخليج.
• لاحظ المراقبون بأن زيارة وزير الدفاع الأمريكي إلى عُمان جاءت بشكل مباشر بعد زيارة نائب الرئيس ديك تشيني إلى المنطقة، وكأنما جاء غيتز لإكمال بعض الترتيبات المتعلقة بما بدأه تشيني.
• أطلقت مصادر شرق أوسطية تصريحات تفيد بأن دمشق وطهران تقرآن الوقائع الجارية والمشهد الشرق أوسطي الحالي، وربطتا بين نوايا واشنطن والخطوات الإسرائيلية لجهة الآتي:
* تحضر وترتب الولايات المتحدة الأمريكية لشن هجوم ضد المنشآت العسكرية الإيرانية لجهة ارتباطها بما يحدث في العراق، وسيتسع الهجوم الأمريكي ليستهدف المنشآت النووية الإيرانية.
* ستستغل إسرائيل الفرصة وتقوم بشن هجوم متزامن ضد سوريا وضد مواقع حزب الله.
*سيتم تنسيق حملة إسرائيلية – أمريكية واسعة ضد إيران، سوريا وحزب الله.
• تنظر سوريا وإيران إلى المناورات العسكرية الإسرائيلية باعتبارها مرحلة تمهيدية لهذه الاعتداءات.
* تقرير ستراتفورد الإلكتروني الاستخباري الأمريكي:
حمل التقرير عنوان «مفكرة جيوبوليتيكية: شائعات حرب شرق المتوسط والوضع العراقي» وأشار إلى الآتي:
• أعلنت وزارة الخارجية الإيرانية بأنها استلمت طلباً رسمياً من الإدارة الأمريكية، عن طريق السفارة السويسرية في طهران، لعقد جولة الرابعة من المحادثات حول أمن العراق. وقد جاء الإعلان الإيراني بعد يومين فقط من إعلان محسن الحكيم (ابن عبد العزيز الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق) في واشنطن عن مطالبته بإجراء المفاوضات مع إيران.
• أعلن مقتدى الصدر عن إمكانية القيام بحل جيش المهدي إذا طلب منه رجال الدين الشيعة ذلك.
• توترت الأجواء بين سوريا وحزب الله من جهة وإسرائيل من الجهة الأخرى بسبب المناورات العسكرية الإسرائيلية التي يدرك السوريون وحزب الله باعتبارها تشكل تهديداً لهم، وكذلك بسبب مخاوف الإسرائيليين من احتمالات قيام حزب الله بالرد على اغتيال عماد مغنية.
• أي تدخل إسرائيلي في جنوب لبنان سوف يلحق الأضرار بالجهود الأمريكية في المنطقة.
• العراق له قيمة وأهمية كبيرة بالنسبة للأمريكيين وحالياً ينظر الأمريكيون إلى:
* إعلان مقتدى الصدر عن إمكانية حل جيش المهدي هو إعلان يهدف إلى جعل الصدر يحصل على مركز سياسي أقوى وأكبر في بغداد.
* إدماج تيار الصدر في بغداد إلى جانب تيار عبد العزيز الحكيم معناه أن إيران قد سيطرت على كامل العملية السياسية في بغداد.
* سيطرة إيران على بغداد معناه أنها ستقوم بتوجيه دورات الصراع والتهدئة داخل العراق بما يؤدي إلى إرباك كل الحسابات الأمريكية حول العراق.
* إذا تدخلت إسرائيل في جنوب لبنان ستكون هي المستفيد الأكبر لأنها ستطلق لها يد حزب الله، وبسبب انشغال الأمريكيين بصراع إسرائيل – حزب الله في هذه الحالة، فإن إيران ستطلق دورة جديدة من العنف ضد أمريكا في العراق.
الجمل: قسم الدراسات والترجمة
إضافة تعليق جديد